ذكرتنى بعض الأحاديث الإعلامية المعلقة على جريمة الإسكندرية البشعة بطفل الحضانة السمج الذى كلما طالبت معلمته الصغار بألا يتكلموا فإذا به يعلن فى براءة مصطنعة ثقيلة الظل قائلا: أنا مش باتكلم يا أبلة، فقد أقيم ما يشبه المزاد العلنى للإشارة بأصابع الاتهام بالتلميح والتصريح إلى أمور إسلامية بعينها، منها الحجاب على سبيل المثال، وكذلك إلى التصريحات التى ترد على القول بأن المسلمين ضيوف فى وطنهم وإلى المادة الثانية فى الدستور المصرى وتناسى هؤلاء زى الراهبة بحجابها وصليبها الذى يميزها منذ زمن طويل، ونسوا أيضاً أن المسيحى هو الذى يحرص على دق الصليب على معصم وليده الغض، ونسوا أيضاً رفض الكنيسة لحكم المحكمة بالاعتراف بالزواج الثانى وإعلاءها لقيم الشريعة المسيحية على حساب الدولة المدنية التى ينادى بها الأقباط الآن، وأتساءل هل تبادلنا الأدوار بحيث ارتدى المسلم المفرط فى الموضوعية رداء المسيحية شديد الروحانية والملائكية والتسامح والمحبة؟
وقام شباب المسيحيين الغاضبون يدعمهم بعض رموز الكنيسة بتبنى مادية اليهودية القائلة بأن العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم دون حتى التأكد من حقيقة هذا البادى الذى بالتأكيد ليس هو الإسلام والمسلمين حتى وإن كان فردا واحدا أو جماعة تنتمى لأفكار إسلامية مغلوطة، ثم قامت إسرائيل بالتقنع بوسطية الإسلام واعتداله، فراحت تعزى الطرفين وتظهر الطيبة والتعاطف مع مصر والمصريين.
المسألة ليست محبة مزيفة سمجة لكنها التعايش المشترك الذى يجب أن نحرص عليه بعقلانية لأن فيه حياتنا شئنا أم أبينا فقد قلت سابقاً أن أول حجاب لى صنعته سيدة مسيحية وأتذكر أن الفنان دريد لحام حكى أنه عمل ذات يوم كـ"مشعلاتى" لليهود أى يشعل لهم نار الفرن لأن عقيدتهم تفرض ألا يفعلوا شيئا يوم السبت ونرى محلات الأطعمة المسلمة التى تقدم الأكل الصيامى للمسيحيين وهكذا هى سنة الله و حكمته فى اختلاف عباده و خلقه جميعاً فقد كان من الممكن أن نكون جميعا نسخة واحدة و لكن هناك حكمة معينة من هذا الاختلاف الذى يجب علينا تقبله بقبول حسن دون إفراط أو تفريط فحتى الاختلاف فى العقيدة نفسها له حكمته والله سبحانه أراد لكل الأديان أن تبقى رغم كل تلك القرون والصراعات والحروب لتظل اليهودية بماديتها وقوتها والمسيحية بروحانياتها وسماحتها والإسلام بوسطيته واعتداله لأن كلا يصب فى مصلحة الآخر بشكل ما لكن أن نركب الموجة و نتبادل الأقنعة وكأننا فى حفلة تنكرية هزلية فهذا بالتأكيد ما لا يتقبله أو يصدقه أحد.
إيناس طه عامر تكتب: الحفلة التنكرية وجريمة الإسكندرية
الجمعة، 14 يناير 2011 09:36 م
الهلال والصليب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة