يستيقظ الصغير من نومه، البرد قارص، يخرج رأسه من تحت لحافه ليستطلع هل بزغت الشمس أم لا، لم ينتظر قليلا فسمع إقامة صلاة الفجر، فدائما ما يحب أن يسمع الأذان والإقامة ولكن لشدة البرد يسمعهما من تحت لحافه، يستجمع شجاعته ويقاوم كسله حتى يستطيع النزول من سريره يسمع همهمة والدته وهى تكبر الله أكبر، سمع الله لمن حمده، اللهم اهدنا بفضلك فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا الله فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا بخفى ألطافك شر ما قضيت، فإنك سبحانك تقضى بالحق ولا يقضى عليك إنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت فلك الحمد على ما قضيت ولك الشكر على ما أنعمت به علينا وأوليت، وتكمل دعاءها بالستر والرزق الحلال والحفاظ على الصحة وخلاف ذلك فيزيده ذلك الدعاء استمتاعا يجعله يؤجل نزوله من سريره، ولكنه تغلب على إحساسه هذا ونزل من سريره بعد انتهاء والدته من الصلاة فقبلها وتلقى قبلة على وجنتيه وبينما يتسامر معها قليلا دخل والده فقد عاد لتوه من صلاة الفجر بالمسجد، محضرا معه كعادته بعض الفطائر الطازجة، يقبل يد والده ويطبع والده قبلة على جبينه وبعد أن يتناولوا فطورا خفيفا ينزل مسرعا إلى جده وجدته حيث يقطنون بنفس المنزل، يطرق الباب فتفتح له جدته فتتبسم ابتسامة حياة كعادتها بمجرد رؤيته ولكن تلومه على نزوله فى هذا البرد القارص، ويدخل مسرعا فهو يستمتع بدفء المكان الذى يخترق جسده ويشعره بأمان غريب، فالصوت الملائكى الدافئ للشيخ محمد صديق المنشاوى يسمع صداه ويخرج من كل شبر فى الجدران ويتناغم مع دفء الموقد حيث تعد الجدة بعض الفطور للجد، ويسأل عن جده، فتخبره جدته أنه موجود فى غرفته للتسبيح كالعادة فى ذلك التوقيت فهو وقت التسبيح، يطرق باب الغرفة ويدخل فيرى كعادته أيضا وجه جدة يتبدل من الملامح الجادة الخاشعة لربها إلى ملامح الذى رأى أجمل ما فى الدنيا وأحلى ما فيها فهو مصدر فرحة جده وهو أعز ما فى الدنيا إليه، يقبل يد جده ويجلس معه ويطبع أيضا جده قبلة على جبينه، ويتسامر مع جده ويسأله عن ما تعلمه فى الحضانة فيقول له الصغير حضانة إيه يا جدى أنا دلوقتى كبير أنا بقيت فى المدرسة خلاص، ما شاء الله طيب قوللى بقه بيحفظوك إيه فى المدرسة؟ أناشيد وقراية وكتابة وحساب وقرآن، دا أنا خلاص قربت أحفظ جزء عم، إيه الشطارة دى؟ طيب اسألنى كده فى أى سورة وأنا أقول، طيب قول سورة النصر، بسم الله الرحمن الرحيم، إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، صدق الله العظيم، برافو عليك ما شاء الله، فتقطع حديثهم جدته، ماما بتنادى عليك ميعاد المدرسة قرب يلا عشان تلبس عربية المدرسة على وصول، فيستأذن جده مقبلا يده وأخذ قبلة أخرى على رأسه، ويتلقى مسحة حانية على رأسه من يد جدته ويصعد مستعدا ليوم جديد، يكبر الصغير وتعصره مشاكل الحياة فيتذكر تلك الأيام كلما سمع أغنية زمان وأنا صغير.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة