> > رانيا فزاع وعلى حسان وجاكلين منير وضحا صالح وهند المغربى وحسن عبدالغفار
محمد صالح وشريف الديب و زينب عبدالرحمن ورباب الجالى و حسن مشالى
مسجد بجوار كنيسة.. صوت مؤذن يمتزج برنين الجرس والنتيجة نغمة واحدة فى نوتة أغنية الوحدة الوطنية التى عشنا فى ظلها سنوات عديدة.. إنه العرف السائد لدى المصريين والمتمثل فى بناء مسجد بجوار كنيسة.. عرف رآه البعض دليلاً على الوحدة الوطنية والتآلف، بينما اعتبره آخرون أنه يأتى فقط من باب العند.
«اليوم السابع» تجولت فى محافظات مصر لتنقل القصص السرية لمعرفة بعض النماذج الخاصة ببناء مساجد وكنائس متجاورة، والتى يبدو منها أن بناءها تم لأسباب طائفية.. وإذا كان هناك من يرى أن المشهد العام للمساجد والكنائس المتجاورة هو تعبير أصيل عن روح الوحدة الوطنية، فإنه من المفيد الوعى بأن القصص المختبئة وراء هذا التنافس فى البناء من الطرفين قد تؤدى إلى الانفجار، وبالتالى يجب الانتباه من المسؤولين، إلى ضرورة وضع إطار قانونى ينظم هذه العملية، حتى لا نضع الزيت بجوار النار.
القاهرة
فى القاهرة، وبالتحديد فى منطقة المرج، توجد كنيسة «العذراء وأبوسيفين» ويلاصقها مسجد «الخلفاء الراشدين»، ويقول أحد الكهنة -رفض ذكر اسمه- إنه تم تخصيص الأرض لبنائها عام 1976 قبل بناء المسجد المجاور لها، ولكن أحد الأئمة، بمجرد علمه بذلك، قام ببناء المسجد سريعاً قبل بناء الكنيسة لتحقيق المقولة الدارجة بضرورة بناء مسجد أمام كل كنيسة، على الرغم من وجود مسجد آخر على بعد شارعين فقط. ويرى الكاهن، أن وجود كنيسة بجوار المسجد يزيد من حدة الفتنة الطائفية عكس ما يشاع، مشيراً إلى أنه يحدث فى بعض الأحيان زيادة أعداد المصلين فى المسجد فى الوقت الذى تقيم فيه الشعائر بالكنيسة، وهو ما يخلق حالة من الاحتقان لدى بعضهم، خاصة مع إلقاء بعض الأئمة خطباً تحريضية تخلق حالة من الغضب لدى الأقباط.
ويؤكد الكاهن ضرورة توعية أئمة المساجد وكهنة الكنائس جيداً بما يزيد من التآخى بين الطرفين خاصة فى المساجد التى تجاورها كنائس، لأن كثيراً من الأقباط يسمعون خطب المساجد والعكس، مما قد يخلق حالة من الاحتقان إذا أساء أحدهم للطرف الآخر فى حديثه.
مينا صليب واحد من سكان المنطقة أكد رفضه تلاصق المسجد مع الكنيسة، موضحاً أن هذا يزيد من حدة الفتنة، وضرب مثالاً بما حدث أثناء إحدى خطب الجمعة، حيث ألقى أحد أطفال الكنيسة «طوبة» على المصلين أثناء صلاتهم، وبرغم أن الطفل لم يكن ينوى إيذاء أحد، فإن هذا تسبب فى مشاجرة كبيرة بين المسلمين والأقباط، لولا اعتذار أحد الكهنة للمسلمين.
ومن المرج إلى المطرية، حيث توجد أيضاً كنيسة أمام مسجد بمنطقة الرشاح، المسجد تم بناؤه عام 1965، وبنيت الكنيسة بعده بعامين، أى عام 1967، هنا يؤكد محمد مختار، أحد سكان المنطقة، أن وجود الكنيسة بجوار المسجد فى الماضى كان يعد مظهراً جيداً فى وقت كان يحترم كل طرف فيه مشاعر الآخر، أما الآن فتبدل الأمر تماماً، وزادت حدة الطائفية بين الطرفين، خاصة مع وجود حالة غير منظمة من البث عبر القنوات الفضائية المختلفة تزيد الاحتقان لدى الطرفين.
فى شارع عبدالخالق ثروت بوسط البلد، حيث الكنيسة الكاثوليكية لقلب يسوع بجوار مسجد جمعية الشبان المسلمين، المسجد تم بناؤه عام 1927 فى حين تم بناء الكنيسة قبله عام 1880، وبالرغم من أن الاثنين تم بناؤهما منذ سنوات طويلة، وكان المسجد بالتحديد فى العصر الذهبى للوحدة الوطنية فى مواجهة الاحتلال الإنجليزى، فإنه وبعد هذه السنوات من تراث التعايش، نجد وكيل الكنيسة مجدى جبرائيل يرفض هذا التجاور حتى لا يتداخل أداء الشعائر معاً.
الإسكندرية
ومن القاهرة إلى الإسكندرية، وعلى الرغم من أن كنائسها تمثل 6 % بالنسبة لعدد الأقباط، وهو ما يعتبر قليلاً جداً مقارنة بالمحافظات الأخرى، فإن هذه الكنائس نجد المساجد أمامها، وفى أحيان كثيرة لا يفصلها عنها سوى بضعة أمتار، وأبرزها كنيسة «القديسين» بسيدى بشر، وتقع أمام مسجد شرق المدينة، وهى الكنيسة التى شهدت وقوع 23 قتيلاً وأكثر من 80 مصاباً، أما الكنيسة الثانية، فهى كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس وتقع أمام مسجد أولاد الشيخ بمنطقة محرم بك، وشهدت هى الأخرى أحداثاً طائفية منذ 5 سنوات، عقب اقتحامها من قبل بعض المتشددين والاعتداء على عدد من القساوسة والأقباط، ثم أغلقوا أبواب الكنيسة، على إثر نشر صحيفة «الميدان» تحقيقاً صحفياً عن المسرحيات والأفلام التى يتم عرضها داخل الكنائس، زاعمة أنها تسىء إلى الإسلام.
أما قصة بناء مسجد نور الإسلام بعزبة حجازى بمنطقة حجر النواتية، قبيل حادث تفجير كنيسة القديسين بثلاثة أشهر، فحملت بعدا طائفياً خالصا، بدأت أبعادها فى العشر الأواخر من رمضان الماضى، حيث ظهرت بوادر بناء منشأة تابعة للكنيسة البروتستانتية فى عزبة حجازى، وسارع عدد من الأهالى بإبلاغ الأمن فوعدهم بأنه سيهتم بالأمر، ولكن المتشددين المسلمين لاحظوا استمرار العمل بالمبنى، فشرعوا بعد صلاة العصر فى بناء مسجد أمام الكنيسة المزعومة، واحتشد الرجال والأطفال والشيوخ والنساء، وقرابة صلاة المغرب أصبح البناء شبه مكتمل، وقبل صلاة المغرب بربع الساعة كانت التجهيزات معدة لإطلاق أذان صلاة المغرب، المثير أن تلك القصة أطلت فى عزبة حجازى بعد أن اكتشف الناس توافد القساوسة على بناء مهجور، وبصورة متكررة وبعدد متزايد، ومع كون هذه المنطقة لا يوجد بين سكانها أى من المسيحيين، استراب الناس فى الأمر، خصوصاً مع وجود جدار خارجى ضخم يشبه مقدمات الكنائس، وصنعت له بوابة ضخمة، مما أدى إلى السرعة فى بناء المسجد.
أسيوط
وفى أسيوط أصبح عادياً جداً، أن نرى صراع الفتنة حول بناء مسجد وكنيسة مهما تكلف الأمر من مال وجهد، وفى سماء المحافظة نرى صلبان الكنائس ومآذن المساجد تتعانق جميعها فى سماء واحدة، ولا يعرف أحد إذا كان هذا دليلاً على الوحدة الوطنية أم انعكاسا لفتنة.
أسيوط، معروفة بوصفها من المحافظات التى يقطن بها عدد كبير من الأقباط، وتحتل المركز الأول من حيث عدد الكنائس، والمركز الرابع من حيث عدد المساجد، حيث وصل عدد الكنائس بها إلى 425 كنيسة، ووصل عدد المساجد إلى 3883 مسجداً، وبهذا الوصف من السهل أن نجد المسجد يجاور الكنيسة، فى مشهد من السهل أن تقرأ منه لغة التحدى، ففى مركز القوصية على سبيل المثال بنيت المطرانية (كنيسة ماريو حنا المعمدان) منذ أكثر من 115 عاماً، وفى الوقت نفسه تم أمامها بناء جامع الشيخ عيسى منذ حوالى 40 عاماً، ولم يتوقف الأمر عند هذا المسجد، حيث تحيط بالمطرانية الآن 16 مئذنة لمساجد أخرى، حتى إن أحد الكهنة قال إنهم يحفظون الكثير من القرآن عن ظهر قلب بسبب تعدد المساجد حول المطرانية.
وفى القوصية بنيت كنيسة الملاك غبريال منذ 130 عاماً، وحديثاً بنى أمامها مسجد الست فاطمة، وكذلك الأمر بالنسبة لكنيسة الملاك ميخائيل، والتى بنيت منذ أكثر من 150 عاماً، وبنى أمامها مسجد الشيخ بخيت منذ حوالى 50 عاماً، وأمام كنيسة الأقباط البروتستانت تم بناء مسجد البركة منذ عدة أعوام، وفى قرية صنبو بمركز ديروط يقع دير الأمير تادروس المشرقى منذ مئات السنين، وبرغم أن الدير مقام على جبل وفى منطقة خالية فإنه أقيم بجواره مسجد الشيخ محمد، وكذلك الأمر بالنسبة لكنيسة مار جرجس بقرية المندرة، حيث أقيم قبالتها مسجد الشهداء، وفى مركز منفلوط يوجد دير الأمير تادرس الشطبى منذ القرن الأول الميلادى، وأيضاً فى منطقة جبلية، لكن أقيم بجواره مسجد الرحمن ومسجد الشيخ محمد، والأخير تم بناؤه منذ عامين فقط، برغم أن المنطقة غير مكتظة بالسكان.
وفى شارع النميس بمدينة أسيوط توجد كنيسة الملاك ميخائيل، وأقيم بجوارها أكبر وأفخم مساجد أسيوط، فضلاً عن العديد من المساجد الصغيرة، أما فى حارة العطارين فقد بنيت كنيسة القديسين منذ أوائل التاريخ الميلادى، ثم وصل عدد المساجد بهذه المنطقة إلى 15 مسجداً محيطة جميعها بالكنيسة.
قنا
الحال نفسه ينطبق على محافظة قنا، حيث لا تخلو مدينة فيها من وجود مسجد بجوار كنيسة أو مطرانية، ففى مدينة نجع حمادى، التى شهدت حادثاً أليماً فى يناير الماضى، تجد مسجد النجدة مجاوراً للمطرانية، وفى مدينة قنا تجد كنيسة الأرثوذكس فى مواجهة مسجد ناصر، واعتبر البعض أن وجود المساجد بجوار الكنائس يزيد من الاحتقان الطائفى، لكن البعض مازال يرى فى وجودها دليلاً على الوحدة الوطنية بمصر، ووسط الأحداث المأساوية التى شهدتها مدينة نجع حمادى، ليلة عيد الميلاد المجيد، بين مجموعة من الأقباط والمسلمين، كان لوجود المسجد والمطرانية متجاورين دور فى زيادة الاحتقان، مما دفع مجموعة من الطرفين للتهكم على كل من المسجد والمطرانية، ولكن قساوسة المطرانية وأئمة المساجد وقفوا لحماية الطرفين معاً، وهو ما تكرر أيضاً فى فرشوط.
المنيا
وفى محافظة المنيا يتواجد العديد من المساجد والكنائس بجوار بعضها البعض، لكن مشهد تعانق الهلال مع الصليب فى ظلمة الليل يعتبر من أبهى المشاهد التى تنفى وجود الاحتقان الطائفى، وتؤكد على التعايش بسلام بين الجانبين، وتعد قرية «منسافيس» نموذجاً على ذلك، ففيها أنشئت كنيسة مار جرجس للأقباط الكاثوليك منذ أكثر من 80 عاماً على ضفاف ترعة الإبراهيمية، وكانت تجمع كل مسيحيى القرى المجاورة للصلاة فيها، وتضم مدرسة للأقباط، قبل انتشار الكنائس، برغم أن أكثر من 60 % من سكان القرية مسلمون، والقرية مقسمة إلى قسمين، ويقطن أغلب المسلمين فى الجانب الشرقى منها، الأمر الذى دفعهم إلى بناء مسجد لا يبتعد سوى عدة أمتار عن الكنيسة، وكان ذلك منذ أكثر من 15 عاماً، لكنه لم تحدث مشاجرة بين المسلمين والمسيحيين، ولم يتقدم أى منهما بشكوى ضد الآخر، وعلى العكس فإن التلاحم والترابط يظهر بشكل كبير بينهما.
وعلى الرغم من أن هناك أصواتا تشير إلى أن وجود الكنيسة بجوار المسجد يمثل خطراً فى أى وقت، فإنها ظلت مجرد أصوات قليلة بين الجانبين، حتى إن الطرفين لم يتوقفا كثيراً أمام حادث عابر وقع العام الماضى، هاجم فيه بعض الشباب المسلمين منزلاً كان سيتم تحويله إلى كنيسة، وبعد وقت قصير عاد الجميع ليتعايشوا سوياً.
الدقهلية
فى محافظة الدقهلية تم تجديد الكنائس بصورة كبيرة، وفى مقابل ذلك تم هدم المساجد الصغيرة الموجودة بجوار الكنائس وبنائها على أحدث طراز وبمآذن شاهقة، ومنها مسجد الجمعية الشرعية بالمنصورة، والذى كان مسجداً صغيراً من دور أرضى فقط بشارع بورسعيد، وتم إعادة إنشائه من جديد، وانهالت عليه تبرعات للارتفاع بمآذنه إلى أعلى قدر يمكن أن تصل إليه، وبعد أن كان له مئذنة واحدة تم بناء ثلاث مآذن تكلفت الواحدة نحو نصف مليون جنيه، وذلك لأن المسجد لا يفصله عن كنيسة الشهيد مارجرجس إلا الشارع فقط، وضم المسجد الجديد بدروماً ودوراً علوياً ومكتباً لتحفيظ القرآن الكريم ومعهداً لإعداد الدعاة، كما تم فرشه بأفخر أنواع الموكيت ووضع الأجهزة الصوتية بجميع جوانبه، حتى أصبح الآن مكاناً لانطلاق مظاهرات القوى السياسية بالدقهلية.
وفى مدينة السنبلاوين تم تجديد مسجد عبدالرحمن بمنطقة البرجاس الموجود به كنيسة مارمينا، وتم بناء دور علوى، وتجديد المئذنة بعد أن كان مجرد زاوية صغيرة، وفى المقابل قامت الكنيسة بعمل العديد من التجديدات، وبناء بعض الغرف، بالإضافة إلى شراء العديد من المنازل حول الكنيسة والأراضى بأسعار مبالغ فيها عن الأسعار الطبيعية، للتوسع بها فى حالة السماح بإعادة بنائها.
الفيوم
فى الفيوم نموذج وحيد لظاهرة بناء مسجد بجوار كنيسة، وهى كنيسة السيدة العذراء مريم بحى الصاغة، وتعد من أقدم كنائس المحافظة، ومن الكنائس التى لها طابع خاص لدى المسيحيين، والذين أكدوا أنها شهدت صلاة القديس الأنبا إبرام الأول.
وعلى الرغم من تجاور الكنيسة والمسجد دون حدوث خلافات فإن الكثير من أهالى الحى أكدوا أن تجاور دور العبادة ظاهرة ليست إيجابية ويفضل ألا تتجاور حيث كثيراً ما تتوافق أوقات الصلاة فى الكنيسة والمسجد، وتغطى الأصوات على بعضها، وبالتالى يشعر كل منهما بالضيق، ولكن أحيانا تضعهم الظروف فى مواقف لا يفرقون فيها بين مسجد وكنيسة، مشيرين إلى حريق وقع بالكنيسة أحد أيام الجمع، وهرع الجميع، مسلمين ومسيحيين، لإطفائه ومنع وصوله للمنازل المجاورة.
ميشيل ميلاد، عضو المجلس الشعبى بمدينة الفيوم، أكد أن البعض يعتقد أن بناء المساجد بجوار الكنائس تجسيد للوحدة الوطنية، وأن غير المتفهمين لعمق الوحدة الوطنية يدخل فى صراع لبناء الكنائس والمساجد.
مرسى مطروح
يمكن القول إنه طوال السنوات الماضية لم تقع أى أحداث طائفية أو مشاحنات بين المسلمين والأقباط بمطروح اعتراضاً على إقامة كنيسة أو إقامة مسجد بجوارها كنوع من التضييق، لكن العام الماضى شهد الواقعة الأولى والأشهر، ونتج عنها أعمال عنف بين المسلمين والأقباط أسفرت عن إصابة حوالى 17 قبطيا وإحراق وتخريب حوالى 22 منزلا وسيارة مملوكة لأقباط، عندما قام أقباط منطقة الريفية يدعمهم معظم أقباط مطروح ببناء مبنى خدمى، وعند اكتمال المبنى لاحظ السكان المسلمين أنه عبارة عن كنيسة أطلق عليها كنيسة الملاك، وملحق بها مبنى خدمى، وبدأ الأقباط يجتمعون داخل الكنيسة مع القساوسة، فأثار ذلك سكان المنطقة من المسلمين وبدأت عمليات الشحن، وجاءت الفرصة عندما حاول الأقباط إغلاق شارع جانبى، يفصل بين المبنى الكنسى وقطعة أرض مملوكة لأحد الأقباط، بغرض ضمها للمبنى، وهنا اعترض خطيب مسجد الأنصار، وحدثت تحرشات بين الطرفين تصاعدت بشكل سريع إلى اشتباكات كبيرة، ووقعت أعمال عنف وتخريب واسعة.
بناء المساجد أمام الكنائس.. «مسمار جحا» الذى يشعل الفتنة الطائفية.. فى مطروح.. اعترض خطيب مسجد الأنصار على بناء كنيسة الملاك فانفجر الغضب المتبادل
الخميس، 13 يناير 2011 09:10 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة