- الصندوق أصبح عاملاً مهماً فى تعزيز مكانة الكويت على الصعيد الإقليمى والدولى
- الصندوق الكويتى قدم 792 قرضاً تقدر قيمتها بنحو 15 مليار دولار، نصيب الدول العربية منها 303 قرضا.
بإرادة كويتية واعية وعزم على النجاح والتفرد لخدمة الأهداف الإنمائية، وبثقة غالية من شركاء التنمية فى مختلف أنحاء العالم، يدخل الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية عامه التاسع والأربعين بمزيد من الإنجازات على أرض الواقع، تتلاقى فيها خطوط التكامل العربى من مصر والسودان والأردن وسوريا إلى المغرب العربى ومن عمق إفريقيا إلى قلب القارة الآسيوية وحتى قمم أوروبا النائية، حيث يتجسد الهدف الثمين الذى أعلنه الصندوق الكويتى وجعله شعارا له يتصدر موقعه الرسمى على شبكة الإنترنت ألا وهو: "نحن شركاء فى التنمية وأداة لمد جسور الصداقة والإخاء بين دولة الكويت والدول النامية".
إنها ليست مجرد تاريخ عابر بل سنوات وراء سنوات من العطاء والتنمية والجهد والتخطيط المتواصل، نجح خلالها الصندوق الكويتى للتنمية فى مساعدة الدول العربية والدول النامية الأخرى فى جهودها، لتحقيق التنمية المرجوة وتحسين مستويات معيشة شعوبها. وهو ما يظهر من خلال مسيرة الصندوق التنموية والذى كان لدى إنشائه فريدا من نوعه فى المنطقة، فلأول مرة فى تاريخ المنطقة تفكر دولة فى إنشاء صندوق إنمائى خارجى لمساعدة الدول النامية عقب نيل الاستقلال (الكويت عن بريطانيا) فى عام 1961.
البدايات الأولى لإنشاء هذه المؤسسة تعود إلى أواخر الخمسينات تقريبا عندما قدمت الكويت العون لأشقائها فى الخليج وفى اليمن والسودان.. وأنشأت لذلك هيئة سميت هيئة الجنوب والخليج العربى. ومع اكتشاف النفط وتحول الكويت من بلد شديدة الفقر إلى دولة غنية صغيرة فى بداية إنشاء بنيتها الأساسية، رأى وزير المالية فى بداية الستينيات المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح "أمير البلاد فيما بعد" الحاجة إلى المساهمة فورا فى دفع الجهود العالمية من أجل تنمية ومساعدة الدول الفقيرة، لذا شهدت سنة استقلال الكويت ولادة الصندوق الكويتى، وكانت هى مؤسسة مساعدات الأولى من نوعها لكونها منشأة من قبل دولة نامية.
فلم تكد تمضى شهور قلائل منذ صدر توقيع وثيقة استقلال الكويت فى 19 يونيو 1961، إلا ويدرك حكام الدولة بنظرة ثاقبة ورؤية مستقبلية أهمية إنشاء الصندوق الكويتى للتنمية فصدر المرسوم الأميرى لصاحب السمو الشيخ عبد الله السالم الصباح أمير دولة الكويت وقتئذ، بإنشاء الصندوق فى 13 ديسمبر 1961، لتكتمل مسيرة الاستقلال وحرية الإرادة بإنشاء مؤسسة تعمل على دعم وتنمية بالعمل الملايين من مواطنى الدول النامية ومساعدتها فى تخطى عقبات الفقر والتنمية والعمل على رفاهية شعوبها.
بدأ الصندوق الكويتى عملياته برأس مال لا يتعدى 50 مليون دينار كويتى، وكان أول قرض يقدمه لدولة عربية هى جمهورية السودان وخصص للمساعدة فى إنشاء خط السكك الحديدية بجمهورية السودان بعد خمس سنوات فقط من نيل استقلالها.
استمرت مسيرة الصندوق منذ ذلك الحين مقتصرة على تقديم القروض والمساعدات للدول العربية، وتوالت جهوده عبر المساهمة فى إحياء وادى مجرة فى تونس ووادى اليرموك فى الأردن وتطوير قناة السويس فى مصر، وإنشاء السدود فى اليمن وتأسيس محطات الكهرباء فى العراق، وفى شهر يوليو 1974م توسع الصندوق فى نشاطه فشمل بجهوده الدول العربية والدول النامية الأخرى، وتوسعت عمليات الصندوق الكبرى لتشمل آفاقا آسيوية وأفريقية فى الهند وماليزيا وبتسوانا. وزاد رأس المال من 200 مليون دينار كويتى إلى 1000 مليون دينار. زادت فى عام 1981 إلى 2000 دينار كويتى.
ورغم العدوان العراقى الغاشم على دولة الكويت فى أغسطس عام 1990، إلا أن الصندوق واصل جهوده متحديا الغزو والدمار، فقام بنقل عملياته إلى لندن، حيث قام بتقديم 11 قرضاً للدول النامية فى هذا العام بلغت قيمتها 116.8 دولار أمريكى. ثم عاد ليستكمل دوره الحضارى من الكويت إلى العالم بعد حرب تحرير الكويت وزوال العدوان الغاشم.
ونجح الصندوق الكويتى للتنمية فى دعم وترسيخ التكامل الإنسانى ودعم برامج الأمم المتحدة الإنمائية، وتعزيز مكانة دولة الكويت على الصعيدين الإقليمى والعالمى. ولا تخلو دراسة إقليمية أو دولية عن التنمية وصناعة التقدم سواء أكانت أكاديمية أو صادرة عن مؤسسات ذات مكانة أممية رفيعة إلا ونجد إشادة بإسهامات وجهود الصندوق الكويتى، ومنها دراسة علمية للدكتور نوزاد عبدالرحمن الهيتى، الخبير بالأمانة العامة لمجلس الوزراء القطرى عن الصندوق الكويتى للتنمية، ودوره الإنمائى فى الدول النامية والتى نشرتها مجلة العلوم الإنسانية المحكمة فى عددها السابع والثلاثين الصادر عام 2008، حيث تشير الدراسة إلى أن الصندوق الكويتى للتنمية تمكن منذ تأسيسه فى العام 1961 من ترك بصمات هامة على كثير من أوجه الحياة فى العديد من المناطق فى البلدان العربية التى كانت تبحث عن طريقها نحو التنمية.
وتوضح الدراسة أن القروض والمنح المقدمة للدول العربية منذ الأول من يناير 1962 وحتى 22 ديسمبر 2008، تركت بصمات على خريطة التنمية العربية والتى تمثلت فى مشروعات متنوعة أقيمت فى كل مكان ومنها شق الترع والقنوات وإقامة الجسور ورصف الطرق ومد السكك الحديد التى تربط المناطق النائية بمناطق العمران وإقامة مصانع متنوعة الإنتاج.
وأشارت الدراسة إلى أن الصندوق استطاع منذ نشأته أن يساهم بقروضه ومنحه ومساعداته الفنية فى دفع مسيرة التنمية فى جميع القطاعات، حيث قدم ما قيمته. 4,510.325 مليون دينار كويتى على هيئة قروض ومنح ومعونات فنية تتضمن 792 قرضا لمختلف دول العالم منها 303 قرض للدول العربية. وهى النسبة الأعلى على الإطلاق بين القروض والمنح والمساعدات الفنية التى يقدمها الصندوق لدول أمريكا اللاتينية ودول أوروبية وآسيوية ودول غرب إفريقيا.
لقد كانت أهداف الصندوق الكويتى للتنمية واضحة خلال الـ 49 عاما من إنشائه، فى تعزيز مكانة دول الكويت على الصعيدين الإقليمى والعالمى، ويوضح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية رئيس مجلس إدارة الصندوق الكويتى الشيخ د. محمد صباح السالم الصباح، فى تقديمه للتقرير السنوى للصندوق الكويتى عن عامى 2008 و2009، الذى استعرض فيه عاما ماضيا من برامج الصندوق الكويتى قائلا: "استمر الصندوق كذلك فى تعزيز تعاونه الوثيق مع شركائه فى التنمية وتقديم النصح والمشورة لهم لدعم جهودهم لتحقيق أهدافهم الإنمائية فى إطار من الاحترام المتبادل وعلاقات الصداقة التى تربطه معهم، مما يخدم مصالحنا الوطنية ويعزز من مكانة دولة الكويت فى العالم".
وفى دراسة هامة للباحث البريطانى ناعوم شيميل نشرت فى مجلة "المجلة" اللندنية فى 14 أغسطس 2010، أشار فيها إلى أن الصندوق الكويتى يمثل نموذجا يمكن أن تحتذى به دول الخليج الأخرى لدى توسعها فى برامجها التنموية ودمجها مع سياسات وأولويات خارجية وطنية أشمل. ويجب الاعتراف بسجل الصندوق الرائد فى العالم العربى والاحتفاء به. ويوجد نظير أصغر للصندوق الكويتى، إنه صندوق أبو ظبى للتنمية، الذى أنشئ عام 1971، وأنفق ما يزيد على 5 ملايين دولار فى صورة منح وقروض، ومثل الصندوق الكويتى، ذهبت معظمها فى تنمية البنية التحتية.
وتشير الدراسة إلى أن الأمر الذى يجعل الصندوق الكويتى غير عادى فى الشرق الأوسط، هو أنه على خلاف الدول العربية الأخرى التى تقدم تبرعات ومعونات إنسانية عرضية كرد فعل على الكوارث الطبيعية، مثل زلزال هاييتى الذى وقع مؤخرا أو تبعات الحرب على المدنيين ودعم السكان اللاجئين. يعمل الصندوق الكويتى بطريقة نظامية لتقديم التنمية بدلا من العمل بصورة مؤقتة كرد فعل على كوارث مفاجئة. ويجعل ذلك منه مثالا يحتذى، ونموذجا ممكنا لدول عربية ذات موارد اقتصادية مشابهة يمكنها أن تنشئ هيئات حكومية مخصصة من أجل مساعدات التنمية، بل وأيضا توزيع الأموال من أجل الإغاثة الإنسانية بصورة دورية.
ولا يقتصر الأمر على الدراسات الأكاديمية الجادة التى أشادت بالصندوق الكويتى ودوره فى التنمية الإنسانية، بل حظى الصندوق الكويتى بإشادة دولية فى مجال الشفافية والنزاهة فى إعلان أرقام المنح والقروض وعدد الدول المستفيدة بها بشكل دورى. فيشيد سليل شيتى مدير حملة الألفية بالأمم المتحدة للقضاء على الفقر بالشفافية التى يتمتع بها الصندوق الكويتى فى إعلان برامجه ودقة إحصائياته قائلا: "هناك صعوبة فى معرفة القدر الذى تسهم به دول الخليج فى التنمية، لأنها لا تعلن عن هذه المعلومات كما أنها ليست مشتركة فى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التى تتعقب الإحصائيات المتعلقة بتدفق المعونات. وانتقد شيتى دول الخليج، حيث قال: "لا نجد أرقاما واضحة، والأمر مبهم للغاية، ويحتاج إلى مزيد من الشفافية". وفى هذا الصدد يبدو أن الصندوق الكويتى يعلن عن بيانات المعونات التى يقدمها تحديدا بقدر أكبر من قطر والإمارات والسعودية، حيث يحتوى الموقع الإلكترونى للصندوق الكويتى على معلومات تفصيلية متاحة للجمهور ومن بينها ميزانيات المشاريع.
أما مدير عام الصندوق الكويتى عبد الوهاب البدر فتنقل عنه وكالة الأنباء الكويتية "كونا" تصريحات عن إنجازات الصندوق المتواصلة خلال عشرات السنين، حيث يؤكد البدر أن الصندوق الكويتى استطاع خلال الفترة الماضية أن يعزز تعاونه من أجل التنمية مع 104 دول شملت 16 دولة عربية و88 دولة من الدول النامية، مؤكدا أهمية مساندة الدول النامية فى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وفى مقدمتها تخفيض نسبة الفقر الى النصف بحلول عام 2015.
وذكر البدر أن الصندوق أخذ فى الحسبان القضايا التى استجدت خلال الفترة الأخيرة وأبعادها على التصدى للفقر كأزمة الغذاء فى العالم والأزمة المالية العالمية وغيرها من تحديات التنمية كالتغير المناخى.
وأفاد بأن الصندوق سيكثف من نشاطه فى قطاعات الزراعة والمياه والتعليم والصحة وتمويل برامج عمليات بنوك التنمية والصناديق الاجتماعية، نظرا لآثارها الإيجابية على توفير الغذاء وتحسين مستويات المعيشة، وخلق فرص عمل جديدة تساهم فى الحد من الفقر والجوع وتدعم تحقيق الأهداف الانمائية المرجوة.
وأشار إلى تطور نشاط الصندوق بما يعكس تطور إستراتيجيته، حيث شهدت مسيرته التنموية منذ إنشائه خمس مراحل رئيسية تميزت فى الأولى بتوجه عربى خالص، حيث اقتصر نشاطه على تقديم المساعدات للدول العربية فقط وذلك منذ 1961 حتى عام 1974 وبدأت المرحلة الثانية بتوسيع جهوده لتشمل الدول الفقيرة فى أفريقيا التى تضررت من حرب أكتوبر 1973 وهى دول غير عربية.
ويضيف عبد الوهاب البدر مشيرا إلى تزايد نشاط الصندوق بتمويل مشروعات التنمية فى الدول العربية واستمر فى عمله وصولا إلى مرحلة التطور الثالثة الممتدة من 1985 إلى 1991 والتى نجح فيها فى تمويل نفسه بنفسه من أرباحه التى حققها، مبينا أنه فى تلك المرحلة ازداد عدد الدول المستفيدة إلى 65 دولة حتى نهاية ثمانينات القرن الماضى.
ولفت مدير الصندوق الكويتى أن الصندوق مر بمرحلة جديدة فى عمله وهى مرحلة صعبة وهى تلك الفترة التى مارس فيها نشاطه من لندن أثناء الغزو، مضيفا أن عمل الصندوق لم يتوقف واستمر فى أداء التزاماته خلال فترة الاحتلال العراقى، بل قام بتوقيع 11 اتفاقية جديدة خلال فترة الغزو لتمويل مشروعات تنموية فى عدد من الدول بلغت قيمتها الإجمالية نحو 8،116 مليون دينار، مما زاد من تقدير العالم لدولة الكويت. وأشار إلى نجاح الصندوق خلال مراحل تطوره الخمس فى تعزيز موقف الكويت الدولى ومساندة قضاياها.
وأكد أن الجهود التى يبذلها الصندوق الكويتى منذ نشأته تثبت بعد النظر العميق وتعكس بجلاء حكمة القيادة السياسية فى إنشاء الصندوق الكويتى للتنمية "فعلى مدار هذه الأعوام لعب الصندوق الكويتى دورا بارزا فى خدمة أهداف سياسة دولة الكويت الخارجية".
ومع اقتراب احتفال الصندوق الكويتى للتنمية باليوبيل الذهبى الذى يتزامن مع احتفالات دولة الكويت بالعيد الخمسين لاستقلالها، تتوالى الإنجازات والمشروعات التنموية التى غيرت مفهوم التنمية وصناعة التقدم ورسخت مفاهيم عالمية جديدة توضح كيفية العمل على نهضة وشموخ الدول النامية من العدم بأيدى أبنائها وبقدراتهم الذاتية.
شعار الصندوق الكويتى
عبد الوهاب البدر المدير العام للصندوق الكويتى
مشروعات الصندوق فى لبنان
مقر الصندوق الكويتى للتنمية
بالحقائق والأرقام.. 49 عاماً من عطاء الصندوق الكويتى للتنمية بدأ بمشروع سكك حديد السودان وتطوير قناة السويس وقام بمد عملياته لتشمل آسيا وأفريقيا وحتى عمق أوروبا كأول مؤسسة تبدأ من دولة نامية
الخميس، 13 يناير 2011 12:28 م
سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة