الحرب السرية بين الأقباط وأمن الدولة

الخميس، 13 يناير 2011 09:10 م
الحرب السرية بين الأقباط وأمن الدولة البابا شنودة
أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ تخلّى الوزارات عن دورها يحمّل كل القضايا للأمن ويدفع المسيحيين للاتجاه نحو البابا وتحويل الكنيسة لمؤسسة سياسية
شخصان فقط توجهت إليهما الأنظار فى أعقاب تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، البابا شنودة بابا الإسكندرية واللواء حبيب العادلى وزير الداخلية، اختصرت الكارثة فيهما، وبدا كأنهما فى مواجهة، وأن عليهما يقع عبء إطفاء الحريق. المسيحيون يتهمون الأمن ويطالبون البابا، والمتعصبون المسلمون يتهمون الأمن والبابا، وفى كل حادث طائفى أو دينى يظهر الاثنان، ويتحول تحرك كل منهما إلى بيان عاجل.

الأمن هو أحد أطراف الأزمة وليس سببها أو منشئها، لأن السنوات الأخيرة شهدت انتقالا للكثير من الملفات إلى الداخلية بالرغم من أنها فى الأساس لدى وزارات أو مؤسسات أخرى انسحبت، وأصبح الأقباط يلجأون للكنيسة فى كل كبيرة وصغيرة، واذا كان كثيرون حملوا الداخلية مثلا مسؤولية تفجير القديسين، وطالبوا بإقالة العادلى، لما قالوا إنه تقصير أمنى، وتجاهلوا مسؤوليات المؤسسات والوزارات التى كان غيابها المسؤول عن نشر التعصب والتحريض. ولا يمكن تحميل الداخلية وحدها مسؤوليته. وبالفعل وبسبب نقل ملف الطائفية إلى الأمن، قامت خيوط وعلاقات سرية أو تحتية بين الكنيسة والداخلية، ترك الامر بدون حل التى أصبحت الطرف الرئيسى مثلا فى أحداث كنيسة العمرانية التى نشأت فى الأساس بين الحى والمحافظة حتى اشتعلت المظاهرات ووقعت مصادمات انتهت بقتل وجرح مسيحيين، واتهم الأمن بالمسؤولية بالرغم من أن الامر كله قضية بناء، والأمن كان حاضرا فى أزمة دير أبوفانا بالرغم من أنه خلاف على أراض بين الدير وبعض المواطنين كاد يتحول إلى حرب تم إدخال الأمن كطرف فى التفاوض والتقارب وإنهاء الأزمة عرفيا وليس نهائيا.
وزارة الداخلية أكثر الوزارات التى تحملت المسؤولية، فى تفجيرات الإسكندرية بدءاً من إطفاء الحرائق وحتى التعامل مع المظاهرات الغاضبة. وكان خروج مدير أمن القاهرة اللواء إسماعيل الشاعر وحواره مع المتظاهرين وتأكيده على احترام مشاعرهم الغاضبة، كان له أثره فى امتصاص الكثير من الاحتقان، بعد تعرض رجال الشرطة للضرب.

العلاقة بين الكنيسة والأمن متسعة ومتشعبة لان الملف الطائفى والقبطى انتقل من كل المسؤولين عنه إلى أيدى الداخلية بالرغم من أن الأحداث الطائفية لها أسباب أهمها تعليمى ومجتمعى وسياسى واقتصادى واجتماعى، لكنها تختصر فى ملف أمن دولة. ويظهر هذا الامر ايضا فى العلاقة بين المساجد والدولة، فالتنظيمات التى كانت تسيطر على بعض المساجد كانت المواجهة معها تتم من الداخلية، وعندما تتحرك وزارة الأوقاف فإن هذا يتم بشكل أمنى.
وفى كل القضايا الطائفية أو التى فيها طرف مسيحى وآخر مسلم تحملها الداخلية، حتى لو كانت خلافا على زجاجة مياه غازية مثلما كانت فى المنصورة قبل عامين. وفى حادث اختفاء كاميليا زوجة كاهن ديرمواس كانت الداخلية حاضرة، فقد اتهم المسيحيون الأمن بإخفائها أو خطفهما أو مساعدة من شاركوا فى دفعها لتغيير دينهما وعندما أعلنت الكنيسة أنها كانت عند إحدى قريباتها عاد الاتهام للداخلية مرة أخرى ولكن من السلفيين الذين تظاهروا واتهموا الكنيسة والامن بإخفاء المسلمتين كاميليا وووفاء بالرغم من أنهما لم يثبت أنهما غيرتا دينهما.

كما كان اختفاء فتاتين مسيحيتين من المنصورة بعد زواجهما من شابين مسلمين مبررا لاتهام الداخلية. وكان اغتيال المسيحيين أمام كنيسة نجع حمادى فى عيد الميلاد من العام الماضى مبررا لاتهام الداخلية سواء بالتقاعس عن ضبط المتهمين أو بالعجز عن حماية المسيحيين فى الصلاة، وهو نفس الاتهام الذى وجهه البعض للداخلية بعد تفجيرات القديسين. بالرغم من أن التحريض والشحن كان وراءه أطراف سياسية أو أهداف انتخابية.

وأن التفجيرات والقتل وراءهما أفكار ومحرضون، وهناك الكثير من المدارس والفضائيات والحلقات فيها الكثير من أسباب إثارة الكراهية والتعصب، ويرهق الطائفيون أنفسهم للبرهنة على خطأ الطرف الآخر أو تسفيه عقائد الآخرين. إن تسليم ملف الطائفية للأمن الذى عليه مهام عديدة، يفترض أن يكون ملفاً مدنياً، وليس فقط دينياً ولا أمنياً. كما أن تخلى الدولة عن دورها فى علاج القضايا الاجتماعية يدفع المسيحيين للهجرة نحو الكنيسة لتتحول من مؤسسة دينية إلى مؤسسة تلعب دورا سياسيا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة