مع كل إراقة دم جديدة، يرتفع الدم فى عروقى.. يساورنى القلق عليه، لأننى أعلم أنه برىء، وقطرات الدم التى أزهقت هى الأخرى بريئة.
الأزهار التى اجتثت الأيدى الآثمة بعضها، وأسقط الخوف والفزع بعضها الآخر، لتزيدنى مقتا لهؤلاء الآثمين، لما رأيته من حزن مستقر فى العيون، والحسرة والآلام فى القلوب، مما دفعنى للبحث عن ذلك "الغائب"... أناشده الرجوع.
وبدأت بالسؤال عنه قبل أن أكمل أتتنى الإجابات.. الجميع يؤكد أنه مازال بخير رغم كل ما يحدث باسمه... !! أرشدونى لطريق ثان أسير فيه كى أطمئن وأستزيد من المعلومات، فسرت حيث أشاروا، فوجدت كل من قابلونى على معرفة جيدة به، فسرت فى نفسى بعض من السكينة.
طرأت لى فكرة عمل نشرة بإحدى الصحف اليومية التى تبحث عن الغائبين لعله يعود... ما إن وصلت إلى المسئول حتى أطلعنى على كم من الأوراق تحمل بين طياتها مرادفات ذلك السؤال الذى أنقب عن إجابته.
ولكى أنعم بالهدوء، حاولت أن ألتقى الفئة الآثمة المدمرة وأنصت إليهم.. وجدتهم محبين له وإن أضلوا فهمه فجعلوه أسيرا عندهم لأنهم الأقدر على حمايته والحفاظ عليه...
وسألت:
- ولم النار والدماء..؟
- ما هى إلا وسيلة للدفاع عنه وعن أنصاره.!
- وبث الذعر ... انتهاك الأمن... اغتصاب الأمان.. وقتل الأبرياء؟ أليس فى الحسبان...؟!
- بعد اللقاء عاودتنى الحيرة، وامتلأ صدرى بالشك... هل هو طليق محتفظ بهيبته ووقاره؟ أم سجين بين جدران غاب عنها النور؟ هرعت إلى الهاتف، وأجريت على الفور اتصالات بمن أعرف فى العالم الخارجى مستفسرة.. جاءتنى الردود عبر الأسلاك كالبلسم الذى يداوى الجراح.
- إنه فى كل مكان فى العالم.. لكن باللسان والقلم فحسب..! أما فعليا فهو غائب.. ورغم عظمة ما يكيدون له... رغم محاولات أبادته، فهو باق، وسيظل ضغط الدم مرتفع فى عروقى... إلى حين عودته.
