هل تنتطر أن تعرف عقيدة إنسان برىء قتل فى تفجير أو تحت التعذيب لتعلن تضامنك، أم أن سقوط إنسان برىء يكفى لتعلن غضبك وحزنك وتضامنك. وهل حق الإنسان فى الحياة يحتاج إلى هوية؟.
نرى ضحايا الإرهاب والفساد والإهمال فنغضب ونحزن ونتضامن دون انتظار للهوية أو اللون أو العرق أو العقيدة، لأننا بشر لا يفترض أن نلون أحزاننا أو نغير تضامننا. هذه الحقيقة البسيطة تغيب كثيراً لدى العقل الطائفى، الذى ينزع عن البعض إنسانيتهم، ويلبسهم ثوباً يلون مشاعرهم.
نقول هذا بسبب الكثير من التعليقات والمشاعر التى ظهرت لدى البعض فى أحداث الإسكندرية علناً أو همساً.
سمعنا وقرأنا معلقين - حتى لو كانوا قليلين - على التفجير الإرهابى فى كنيسة القديسين بالإسكندرية ورد الفعل يقولون: «إيه الدلع ده مافيه كتير بيموتوا فى قطارات وحوادث أو يغرقوا ماحدش اهتم». وهو لغو غير حقيقى يعكس أعراضا لمرض الطائفية المزمن المتحور من العنصرية.
لقد كان ضحايا الحوادث مصريين، منهم المسلم والمسيحى، والفساد والإهمال الذى لايفرق بين مسلم ومسيحى ولا بين أسود و أبيض، والإرهاب لم يفرق بين أحد. فى كنيسة القديسين ونجع حمادى استهدف الإرهاب مسيحيين، وهم بشر مثلما ضحايا القطارات والغرق والحوادث والتعذيب.. بشر يستحقون الغضب والحزن والتضامن.
وقد تلقيت رسالة عقب مقتل سيد بلال من التعذيب يتساءل كاتبها: هل سيتضامن الناس معه مثلما فعلوا مع النصارى فى الكنيسة؟. فى المقابل تلقيت رسالة من ميسيحى يقول: لماذا لا يغضب المسلمون لضحايا كنيسة القديسين مثلما فعلوا مع مروة الشربينى؟.
كلا التعليقين يكشف نمطاً طائفياً موجوداً. فى الأسلمة والتنصير.. يقول السلفيون: لماذا تخفون مسلمات تركن المسيحية؟. فيرد مسيحيون: لماذا تدافعون عن حق مسيحيات ينتقلن للإسلام، ولا تثورون من أجل مسيحيين يريدون العودة إلى المسيحية؟.
الراحة تأتى من التعامل بنفس الطريقة مع مقتل إنسان خارج القانون بالإرهاب أو التعذيب. الأشخاص الطبيعيون غضبوا لمقتل خالد سعيد وتضامنوا حتى تمت إعادة فتح التحقيق، وأغلب الذين أغضبهم وأحزنهم تفجير كنيسة القديسين غضبوا وتضامنوا مع سيد بلال، ومروة الشربينى.
هؤلاء لم يلونوا غضبهم وحزنهم، لصالح عرق أو لون أو عقيدة، أما الذين يتضامنون بالقطعة فإنهم يمكن أن يتسامحوا مع قتل من يختلفون معه.
أن تكون ضد مقتل أو تعذيب إنسان يعنى أنك مع البشر، أما أن تنتظر لتعرف ديانة أو لون الضحية فهى عنصرية يصعب تقبلها وتعنى تراجعا للخلف سنوات.
ربما كان هؤلاء قلة، لكنهم بعيدون عن جدل النخبة، بعيدون عن جلسات الأحضان والقبلات للشيخ والقس، بعيدون عن حديث الوطن للجميع. لأنهم ببساطة يحملون فى قلوبهم.. إشمعنى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة