أسامة الرشيدى يكتب: بدائية ومحلية الصنع

الثلاثاء، 11 يناير 2011 12:14 ص
أسامة الرشيدى يكتب: بدائية ومحلية الصنع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصابتنى الدهشة والاستغراب من تصريحات المسئولين الأمنيين بعد كارثة التفجير أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة، فقد كانت التصريحات تؤكد أن القنبلة التى انفجرت هى محلية الصنع وبدائية للغاية مما يرجح أن يكون تنظيم القاعدة أو خلايا نائمة تابعة لها فكريا هى من وراء الحادث، بالتالى استبعدت التصريحات تورط أى أجهزة مخابرات فى الجريمة.

وجه الدهشة والاستغراب هنا لا يتعلق بمدى تورط تنظيم القاعدة أو غيره فى الجريمة وإنما يتعلق أساسا بهذه الطريقة الغريبة فى التفكير والتحليل، إذ أن محلية وبدائية القنبلة هى معلومة لا تعنى شيئا على الإطلاق، وافتراض أن أجهزة المخابرات لا تقوم باستعمال قنابل بدائية على هذا النحو هو افتراض ساذج للغاية، فأى جهاز مخابرات يحترم نفسه لن يستخدم أى قنابل متقدمة على الإطلاق إلا لو أراد أن يفضح نفسه بنفسه، إذ أن استعمال قنبلة بدائية ومحلية الصنع هو خيار نموذجى ومنطقى لدرء وإبعاد أى شبهات حول تورط مؤسسات مخابراتية فى الأمر برمته، وفى نفس الوقت يقود إلى التفكير فى اتجاه آخر بحيث يبدو الأمر صنيعة مجموعات متشددة.

ومما يدعم وجهة النظر تلك، أن أيا من تنظيم القاعدة أو مجموعات تابعة له لم تعلن مسئوليتها عن الحادث، رغم أنها سبق وأن هددت بشن هجمات على الكنائس المصرية فى عيد الميلاد، كما أن تلك التنظيمات قد اعتادت على إعلان مسئوليتها عن حوادث العنف والتفجير التى تقوم بها على الملأ وتفاخر بها أمام العالم أجمع، أما هذه المرة فلم يعلن أى تنظيم ولم تعلن أى مجموعة سواء كانت نائمة أو نشطة مسئوليتها عن الانفجار.

هذا الأمر يستدعى للأذهان على الفور جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى فى بيروت عام 2003، إذ لم تعلن أى جهة مسئوليتها عن الحادث اللهم إلا عدة بيانات متضاربة وساذجة على شبكة الإنترنت كان واضحا أنها مفتعلة وملفقة تحاول أن تنسب الجريمة إلى تنظيم مجهول لم يسمع به أحد من قبل ولم يسمه به أحد على الإطلاق منذ هذا الوقت وحتى يومنا هذا، وكان واضحا أن هناك من أراد أن ينسب الأمر إلى تنظيمات متشددة رغم أن العملية كانت فى منتهى الإتقان والاحترافية المخابراتية والتى سمحت للقضية بأن يتم التلاعب بها لعشرات المرات فى بحور السياسة وعواصفها، ولم يتوصل أحد إلى الحقيقة حتى الآن.

فلنفترض جميعا أن الموساد أو غيره من أجهزة المخابرات هو من خطط ونفذ عملية التفجير أمام كنيسة القديسين، ألا يكون من البديهى أن يحاول بكل الطرق أن يبعد الشبهات عنه فى كل مراحل التنفيذ؟ بدءا من الوسيلة المستخدمة المعروفة عن تنظيم القاعدة وهى السيارات المفخخة ومرورا بعبوة التفجير المستعملة ليحاكى بها أساليب عمل القاعدة؟، ألا يقلقنا حديث كل الصحف ووسائل الإعلام العالمية عن تورط القاعدة الأكيد فى العملية وأنها تحمل جميع بصماتها؟ ألا يمكن أن يقوم جهاز مخابرات يريد زرع الفتنة فى مصر بمحاكاة أسلوب القاعدة فى تنفيذ عملياتها وهو أمر سهل وبسيط بالنسبة لجهاز مخابرات محترف؟

فى تقديرى أن هذا أمر منطقى، لذا لا يجب على الإطلاق استبعاد تورط أجهزة مخابرات معادية فى الجريمة لمجرد أن العبوة "محلية وبدائية الصنع".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة