شريف حافظ

الكوميديا السوداء لقضايا المصريين

الخميس، 09 سبتمبر 2010 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجد اليوم أن نوعاً من القضايا المرفوعة فى مصر تُشكل نوع من الكوميديا السوداء فى المجتمع، فلدينا اليوم اليعض ممن يستاءون من تناول وظائف مختلفة أو شخصيات مُعينة فى الدراما الفنية، رغم أن تلك الدراما ما هى إلا انعكاس لحال وطن بأكمله، هؤلاء تركوا كل شىء فى الوطن، ونظروا إلى نقطة مُحددة، تتشكل فى كيفية تناولهم فى الدراما، وكأن البلاد قد أُفرغت من جُل مشاكلها، التى لا تنتهي، ولم يبقى من مشاكل البلاد إلا كيفية تناولهم فى الدراما، ورغم أن البلاد تعج فى حال من انعدام إخلاص النوايا، من قبل الأغلبية القصوى، من أجل إستعادة المبادرة لبناء مصر مرة أخرى، بعد سنوات من اللامبالاة! إن هؤلاء، يقومون وعن دون وعى منهم، برسم الابتسامة، على شفاه الكثير من المصريين، إلا أن البعض من المصريين يأخذ تلك الأمور على محمل الجدية، ولا أعرف إن كان هذا من فراغ يحيونه أم هو نوع من اللامبالاة المستمرة فى تناول شتى قضايا الوطن؟!

الممرضات ثائرون، حول كيفية تناولهم فى الدراما التلفزيونية! هل تلك نكتة أم ماذا؟ هل هم يقومون بعملهم على أحسن الوجوه، كى يثوروا؟ ما أعرفه، هو أن أغلب المستشفيات فى مصر، يشكون من "الكيفية" التى تعمل بها الممرضات فى مصر! ما أعرفه أيضاً، أن المستشفيات الكبيرة فى مصر، تقوم بجلب ممرضات من الخارج، للعمل فى مصر! فما هى طبيعة تلك المظاهرات التى يقوم بها الممرضات فى مصر؟ لقد ظننت، أن أرى المرضى يتظاهرون، على أسلوب عمل المستشفيات فى مصر، وليس العكس! المأساة الكُبرى التى نُعانيها اليوم، أن أصحاب الحق الحقيقيون، هم من لا يتظاهرون!!

سيف الإسلام حسن البنا، معترض على الأسلوب الذى تم تناول والده به! لماذا؟ وفقا لمعلوماتى فى هذا الأمر تحديداً، كدارس وقارئ للإسلام السياسى وتاريخه، فان المؤلف المبدع وحيد حامد، قام بعمل مبدع! بل إنه أوضح النقاط المُضيئة فى حياة حسن البنا، بحيث تعاطف معه بعض الناس! إن كان سيف الإسلام، يرى والده ملاكاً، فهذا حقه كأبن بار بوالده، ولكن، كشخصية عامة، كان للبنا أخطاء كبيرة، كونه خلط الدين بالسياسة فى أسلوب حاول به الحصول على المنافع، وهو أمر ليس بخافٍ عن أى دارس أو متابع. ولا يمكن لأحد يعى "حركة التاريخ"، أن يتصور أن الإخوان المسلمين، الذين قاموا وظلوا على الخريطة السياسية لمصر طيلة تلك السنوات الـ82، يتكلمون بمنتهى الصدق علناً!! فالذى "يلعب" سياسة طيلة تلك السنوات بل العقود، ويخلطها بالدين بالطريقة التى يرتضيها ضد الله، لا يمكنه أن يكون صادقاً، لأن السياسة فى مجملها خطوط متعرجة وليست خطوط مستقيمة!!

والأمر يتكرر، فى كثير من الأعمال ومن قبل الكثير من الفئات أو الشخصيات، وكأن كل همهم الوقوف أمام تناول الواقع أو الماضي، من رؤى مختلفة. ولا أعرف، لماذا لم يقم أى شخص فى الماضي، رافعاً قضايا ضد الأعمال الدرامية التى كانت تتناول مختلف الناس بشكل مختلف عن الصورة "المُجملة" التى نريدها لأنفسنا؟ لماذا لم تنتشر تلك القضايا فى السبعينات أو الستينات مثلاً؟ لقد كان فى تلك الأزمنة من عمر مصر، مشاكل أيضاً، ولكن الناس لم يكونوا ليحسبوا كل صيحة عليهم! كما أن الدولة هنا، تبدو لى متهمة فى جزئية غاية فى الأهمية، ألا وهى ثقافة الناس. ففى العالم كله، يتم تناول مختلف المهن بطرق مختلفة! كما يتم تناول مختلف الشخصيات فى أكثر من عمل، ولكن الناس لا يثورون كل حين ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها بمجرد أن عمل ما تناول مهنة أو شخص!

فالممرضة فى الغرب، أفضل من الممرضة فى مصر، بمئات بل بآلاف المرات، ولكن يتم كثيراً تناولها بشكل غير لائق، فى إطار الأفلام الكوميدية أو حتى كرمز جنسي، ولكن الناس لا ينتظرون ليقيموا الدنيا ولا يقعدوها على كل عمل، لأنه فى النهاية، ما يقوم به الناس فى مهنهم، هو الفيصل، وهم غاية الثقة فى نفوسهم وفيما يعملون! كذلك يُدرك أقارب المشهورين فى تاريخ العمل العام ببلادهم، أن تاريخ أقاربهم ملكاً للناس وقد يتم تناوله بشكلٍ ما فى عمل وبشكلٍ آخر فى عمل آخر. فالتاريخ، حمال أوجه، مثله مثل الكتب الجامعة للبشر!

إن ترك كل ما تعانيه الدولة من مشاكل وعدم النظر إلى الذات وتحسينها، والإلتفات إلى ما يرى البعض أنه تشويه لهم دون أن يدل على ذلك، إنما هو نوع من الغناء خارج السرب! إنه نوع من التشتيت عن القضايا الأساسية، التى يعانيها المجتمع والشعب! أنه نوع من غُثاء السيل! وكنت أتصور أن ممرضات مصر يعملن على ترقية مهنتهن بالإخلاص فيها بدلاً من العمل على التظاهر على عمل تلفزيونى لا يدور بالأساس حولهن بقدر ما يدور حول أمر آخر، يهم الجميع! وكنت أتصور أيضاً، أن يخرج سيف الإسلام حسن البنا، معترفاً بأخطاء أبيه، لأن حسن البنا ليس نبياً ولا قديساً وبالتأكيد هو ليس إلهاً! كنت أتصور أن الناس تشعر بآلام المصريين كشعب، بدلاً من الدخول فى مهارات لن تقدم البلاد قيد أُنملة إلى الأمام.. ولكنى كنت حالما!

• أستاذ علوم سياسية








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة