أوطانهم، وأخلصوا من أجلها حتى الممات: المهاتما ( غاندى) أكبر زعيم سياسى وروحى أنجبته الهند فى العصر الحديث والذى بدأ حياته يمارس المحاماة، حتى دعاه الواجب للذهاب إلى جنوب أفريقيا للدفاع عن حقوق الإنسان هناك وعن حقوق الهنود بصفة خاصة، والعمل على إلغاء القوانين الموجهة ضدهم بشكل أساسى. جنوب أفريقيا ــ تلك الدولة الأفريقية الغنية بمواردها وثرواتها والتى كانت مفعمة بالقتل والأمراض والتمييز العنصرى ــ والتى بقى فيها غاندى (21) عاماً يمارس هذه المحاماة للدفاع عن أبناء عرقيته ضد الظلم والتمييز ضدهم، ظل يكن لشعبها ولكل الآفارفة على وجه العموم كل تقدير واحترام حتى وفاته فى عام 1948، فقد توفى عندما اغتاله متطرف هندوسى، بحجة تضحية غاندى بمصالح الهنود إزاء مطالب المسلمين ومحاولته إرضائهم، وبعد وفاة غاندى وحسب التقاليد الدينية الهندوسية المتعارف عليها فى الهند تم إحراق جثة هذا الزعيم الكبير فى النار، واحتفظت أسرته برماد جثته ووزعته فى أوعية عديدة، وبدلاً من نثرها فى الأنهار أو البحر فى الأيام التالية للحرق، فقد تم إرسال تلك الأوعية إلى عدد من دول العالم، ومن بينها جنوب أفريقيا، التى بقى فيها وقتاًً من عمره، وقد بقى الوعاء المملوء برماد جثة غاندى كما هو حتى بداية العام الحالى 2010م، حيث تم نثر هذا الرماد الذى احتفظ به صديق للعائلة لمدة (62) عاماً فى هذا البلد الأفريقى، وذلك فى مياه المحيط الهندى بالقرب من مدينة دوريان. طقوس نثر الرماد قد تمت وفقاً للطقوس الهندوسية، ثم أعقب ذلك نثر الورود ثم وضع الشموع، تخليداً لذكرى هذا الزعيم الإنسانى الذى عاش فى أفريقيا ونثر فيها رماده بعد (62) عاماً من وفاته، وهكذا كانت جنوب أفريقيا فى هذا العام 2010 على موعد مع رمزيات التسامح والتصالح واللقاء والتنافس الشريف، كما كانت منذ إلغاء التمييز العنصرى، وقيام الدولة المتصالحة الحديثة، وحتى اختتام فعاليات كأس العالم منذ أسابيع قليلة التى أكدت أن جنوب أفريقيا هى دائما أرض التواصل والوفاء واللقاء، وأن القارة السمراء ما زالت مكاناً خالياً من ظلم وطيش الانسان الحديث، حتى وإن حاول من الحين للآخر أن يدمرها ويغرقها فى الأزمات والحروب (والتى هى تعانى منها بالأساس)، إلا أنها دائماً على موعد مع التاريخ ولو حتى كان الحدث بقايا رماد رجل من قارة أخرى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة