أكد د.عمار على حسن، الكاتب الصحفى عدم إمكانية فصل الدين عن السياسية كما يدعى البعض، وقال عمار على حسن إن ما نطالب به هو فصل الدين عن السلطة.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء أمس الاثنين، بمقر الهيئة المصرية العامة للكتاب حول "الإصلاح الدينى" وتحدث فيها كل من د.عمار على حسن، ود.محمد بدوى، ود.أندريه زكى، ونبيل صموئيل، وأدارها د.أحمد أبو زيد.
وقال عمار على حسن إن المشكلة الحقيقة فى الإصلاح الدينى هى الالتباس بين الدين والتدين، وإن السؤال الذى يجب طرحه هل الإصلاح الذى نتحدث عنه يمس النص المقدس أم لا؟ أم أننا نتحدث عن إصلاح خطاب دينى متداول، وإصلاح ممارسات حاولت أن تنزل النص من علياءه إلى واقع الحياة؟
وأوضح عمار على حسن أن إحدى مشكلات الإصلاح هى استدعاء النص فى غير موضعه، وإعطاء البعض لأنفسهم قداسة لم يعطها الإسلام لهم.
وأضاف على حسن لا يمكن أن يوجد إصلاح دينى بعيدًا عن الإصلاح السياسى ولا أؤمن بالفصل بين الدين والسياسية، ولكن أطالب بفصل الدين عن رجال السلطة، فالدين والسياسة يهبطان ويصعدان معا ويلتقيان فى الممارسات الحياتية، ولا يمكن الفصل بينهما، وحتى الدين الأسطورة.
وتابع على حسن أن النخبة المصرية ضيعت الكثير من وقتها عندما طالب بفصل الدين عن السياسية، والخطأ هو أننا لم نقدم تفسيرا للمصطلحات، فكان يجب أن نطالب بفصل الدين عن رجال السلطة، وكيف نتحدث عن الإصلاح الدينى والسلطة لديها قراءة واحدة لتأويل النص القرآنى والمسيحى فقط.
من ناحية أخرى، قال نبيل صموئيل إن فتاوى الفضائيات تعبير عن انشغال المسلمين بأمور تافهة وبديهيات للحياة، وإن لم يتغير الفرد ويصبح قادرًا على المشاركة السياسية والتغيير سنصبح قطيعا ولا داعى للمطالبة بالتغيير والدعوة للإصلاح، وكذلك لابد من تغيير المؤسسات، وإن لم يكن الأفراد قادرين على إحداث التغيير فلن يكون هناك إصلاح.
وأضاف صموئيل أن العقل العربى المشلول غير قادر على إحداث التغيير، فالمصريون معرفون بعمليات التسليم، معروف عنهم أن البطء فى التعليم نتيجة للبيئة الزراعية، ذلك الفلاح الذى يضع البذرة وينتظر الثمرة.
وأكد صموئيل إن لم يحدث تثقيف وبناء ودور للتعليم لن يكون هناك تغيير سوف نتحول لقطيع لا نسأل عما نحن فيه، ما دام هناك من يقود القطيع.
وألقى صموئيل المسئولية على المثقفين المستقلين لتأخرهم طيلة هذا الوقت وعدم إحداث تغيير جاد.
وقال د.أحمد أبو زيد أصبح من العادى جدًا إن يقابل المرء منا صديقا له يتحفه فى الصباح والمساء بفتاوى دينية، كما يفرض هذا المرء نفسه كمراقب على أصدقائه وكأن الله كلفه بهذا، وعلينا كمثقفين أن نقبل التحدى لمواجهة ما يحدث من تطرف دينى.
وقال د.محمد بدوى إن الإصلاح فى مصر ارتبط بالهوية، وبالتالى كان إصلاحا يحدث فى حالة احتدام، وشعور بتهدم الهوية، ولو عدنا لتراث الأفغانى وتلاميذه ومرورًا بمحمد إقبال سنجد أن الإصلاح لدينا حدث فى سياق صراعى مع الآخر، ولذلك فهل نحن فى حاجة للإصلاح الدينى؟
وأشار بدوى إلى أن كل الدول التى قامت بالإصلاح الدينى قضت على الأمية، مضيفًا: ولكن من الغريب أن الدول العربية الإسلامية السنية ترى نفسها المفسر الأول لتأويل النص.
وانتقد د.أندريه زكى انغلاق النص الدينى المسيحى على نفسه، مؤكدًا على أن "المفردات اللاهوتية لا يمكن أن تفهمها العامة من الناس، مما يؤدى إلى الانغلاق الثقافى".
وقال د.أندريه إنه لا يمكن النظر للمسيحية فى إطار إصلاح الخطاب الدينى إلا فى سياقين، أولهما أهمية تحليل عقلية الأقلية المسيحية فى مصر والتى تعنى الجدل الدائم حول هل المسيحيون أقلية أم لا؟ ولكن المقصود بها أن المسيحيين هم أقلية عددية فقط، أما السياق الثانى فهو هل يمكن أن يكون هناك تجديد فكرى مسيحى بعيدًا عن السياق الدينى العام فى مصر أم لا؟
وأوضح أندريه لكى يكون لدينا منهج نسعى من خلاله إلى تجديد الفكر الدينى المسيحى والإسلامى فى مصر، فلابد أن تكون هناك قراءة تعددية للنص الدينى، فإذا اعتبرت جماعة ما أنها تمتلك القراءة الوحيدة للنص فسوف تغلق نفسها وتموت، وأهمية الفصل بين النص والمفسر، وما يحدث فى مصر من مسلمين ومسيحيين، يتطابقون مع النص كليًا ويفترضون أنهم هم النص ويعطون لأنفسهم قداسة كبيرة لا يجب الاعتراض عليهم، وكذلك لابد من فصل الاشتباك الوهمى وربط الكتاب المقدس بالعلم، فالعلم متغير، والنص المقدس ثابت، وهذا ما لا يجوز، وكذلك أهمية قراءة دور الدين فى الحياة والمجتمع، فلا يمكن إعطاء صبغة دينية لأمور حياتيه، علينا أن نفصل بينهم جيدًا.
