د. جهاد عودة يكتب : حوار حول حوار صفوت الشريف

الثلاثاء، 07 سبتمبر 2010 11:37 ص
د. جهاد عودة يكتب : حوار حول حوار صفوت الشريف د. جهاد عودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن الأسبوعى

فى البداية أود أن أؤكد أن حوارى هذا مع المعارضة حول حوار السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى لايمثل ردا على نقطة جاءت فى الحوار وأخذتها المعارضة إشكاليتها ألا وهى قول السيد صفوت الشريف، إن الحزب الوطنى لا يخشى تهديد المعارضة بمقاطعة الانتخابات، دعنا نتحرى الدقة كالتى عودنا عليها السيد صفوت الشريف فى قوله وسلوكه: «هذا الأمر لا يقلق الحزب الوطنى بأى حال، فنحن نعرف أن هناك رموزا سياسية من مختلف التيارات ستخوض الانتخابات المقبلة، والحقيقة أنه لا يوجد حزب سياسى يمكن أن يقدم على قرار المقاطعة، إلا إذا كان يريد التضحية بقاعدته الانتخابية فى الشارع، والحزب الذى لا يخوض الانتخابات يتحول إلى جمعية خيرية، ولا أعتقد أن أعضاءه سيوافقونه الرأى على ذلك، بل سيخرج كثيرون عن الالتزام الحزبى، ويقررون خوض الانتخابات ولنا تجارب فى هذا الأمر واسعة من المرات السابقة، وعلى أى حال، فإن موضوع دخول الانتخابات هو قرار حزبى، وكل حزب سياسى له حرية فى اتخاذ قراره، وهذا لا يقلق الحزب الوطنى».

بعبارة محددة، لا يقول السيد صفوت إنه لا يهتم برد فعل الأحزاب إذا قررت المقاطعة، بل يقول بأن القاعدة الانتخابية فى كل حزب من أحزاب المعارضة لن ترضى عن نهج المقاطعة، لأن فى قرار المقاطعة تضحية بالمصالح الانتخابية للأفراد المنتمين لأحزاب المعارضة، فضلا عن أن هناك فارقا جوهريا بين الحزب السياسى والجمعية الخيرية، يبرز فى أن الحزب هيئة مشكلة للتنافس فى الانتخابات العامة على التأثير فى صنع وتنفيذ السياسات العامة.
كما أن السيد صفوت الشريف حذر الأحزاب من أن قرار المقاطعة سيكون من نتائجه الرئيسية انغماس الهياكل الحزبية المعارضة فى انشقاقات داخلية طالبة المشاركة فى الانتخابات العامة.

وزاد فى القول بأن المقاطعة إضعاف للوعى المدنى بأهمية ومحورية الدستور والأحزاب فى تطور النظام السياسى ناحية الديمقراطية. كنت أفضل أن تحاور المعارضة السيد صفوت الشريف حول طرق تفعيل قانون ممارسة الحقوق السياسية والتى اعترف السيد صفوت بأنها قليلة التفعيل بالتالى ضئيلة الفاعلية السياسية هذا عندما قال السيد صفوت الشريف فى الحوار مع الأستاذ خالد صلاح: «أوضحت للدكتور رفعت السعيد أننى سأقوم بعرض هذه المطالب على هيئة المكتب بالحزب الوطنى، وأوضحت له أن الحزب أيضا من جانبه لديه من الضمانات التى يرجو أن يطبقها فى الانتخابات المقبلة، وقمنا بالفعل بتشكيل لجنة بهذا الشأن من كبار القانونيين، لتفعيل قانون ممارسة الحقوق السياسية، لأن القانون يحتوى على العديد من الضمانات والقضايا المهمة التى يجب أن تفعّل، ويمكن من خلال التفعيل تحقيق ما تطمح إليه الساحة السياسية المصرية فى الانتخابات، وأوضحت للدكتور رفعت أن القانون عندما حدثت به التعديلات، وعندما شكلت اللجنة العليا للانتخابات فى 2005 كان الوقت ضيقا لتطبيق دور اللجنة بالشكل المقبول، ولم يكن هناك متسع لإرساء قواعد وآليات المتابعة المرجوة، ولكن نحن أمامنا فرصة لتفعيل هذا القانون بما يحقق الضمانات للجميع فى الانتخابات المقبلة، وكما أوضحت للدكتور رفعت أننا نريد أيضا الضمانات التى تتفق مع الدستور ومع قانون ممارسة الحقوق السياسية، فهناك ضمانات تطلبها المعارضة، وضمانات أيضا يطرحها الحزب الوطنى وهى ضمانات نستطيع سويا مناقشتها، خاصة أنها تتفق مع ما تطرحه المعارضة فى تفعيل دور اللجنة العليا واللجان التابعة لها، ومتابعة المجتمع المدنى للانتخابات بالنسبة للمندوبين ومقاومة البلطجة، وضبط دور الأموال والدعاية فى العملية الانتخابية والمساواة فى الوقت بين المرشحين حسب قانون ممارسة الحقوق السياسية».
بعبارة أخرى، اعترف السيد صفوت الشريف بضرورة إرساء أربعة مبادئ سياسية هامة: أولا، أن الحزب الوطنى لدية مطالب بالضمانات كما هو الشأن بالنسبة للمعارضة، ثانيا، إن الوقت مناسب لإحداث تعديلات فى دور اللجنة العليا للانتخابات، ثالثا، إن هناك دورا رئيسيا لمنظمات المجتمع المدنى، يجب أن يلعب، رابعا، إنه يجب مقاومة البلطجة والعمل على ضبط دور المال.

ربما قال قائل هذا أقل مما تريده المعارضة. حسنا، لابد من معرفة أن النظام السياسى وفق الخبرة العالمية لا يتطور فى قفزة واحدة، ولكن تطور وفق الاستيعاب المجتمعى لأساليب إدارة الصراع السياسى بالطرق السلمية.

لهذا لم يتجاوز السيد صفوت الشريف عند حديثه عن الانتخابات القادمة، هل تكون بالقائمة أم بالأسلوب الفردى، فقال إن التكوينات المجتمعية كالعشائر والقبائل والنزعات الجهوية وغيرها تفضل الأسلوب الفردى فى الاختيار للبرلمان.

بعبارة أخرى، إن السيد صفوت الشريف يطرح مفهوم مقتضى الحال للتطور المجتمعى، والذى يقصد به أن البلاد لا تتطور سياسيا وفق تصورات بعض القوى السياسية هنا وهناك، ولكن تتطور وفق الاحتياج المجتمعى لمقتضيات الحداثة.

حال السيد صفوت الشريف أنه ابن ثورة يوليو التى بشرت بأهمية قيم الحداثة فى إدارة المجتمع والدولة.

ولايزال السيد صفوت قابضا على الجمر، ومتكيفا بجرأة مع الأجيال الجديدة فى السياسة المصرية، ومدافعا عن الحداثة السياسية كمقتضى مهم وضرورى لتطور الدولة والمجتمع.

يمكن وضع العلامات الرئيسية للحوار حول حوار صفوت الشريف فى التالى من النقاط: أولها، إن المجتمع المصرى تبرز وتتفاعل جماعات مصالح جديدة فيه مع استمرار التعرض للحداثة التكنولوجية والاقتصادية، ثانيها، إن المجتمع المصرى تعرض خلال الخمسين عاما الماضية إلى خبرات سياسية وتنظمية متناقضة فى إدارة الدولة ورسم حدود المصالح العامة، السؤال الهام الذى يفتحه صفوت الشريف: كيف يمكن وصل الماضى مع مقتضيات الحاضر وتحديات المستقبل، بشكل يسمح بتكامل الخبرات المختلفة للأعوام الخمسين الماضية؟ ثالثها، إن الانتخابات فى مصر كانت دائما سؤالا متنازعا عليه، وغير مستقر فى الضمير الجمعى، فلم تكن الانتخابات فى كل الأحوال تعبر عما يريده صوت الشعب، أو تسعى إليه إرادة الأمة، الأمر الذى يفتح الباب واسعا إلى ضرورة تحرير الفرد لأنه مقر الصوت الانتخابى الحر، ولكن تحرير الفرد كمدخل لتحرير الصوت الانتخابى دونه عوائق ورواسب عميقة.

من هنا تنبع ضرورة الحداثة مدخلا للحرية، رابعها، إن بعض المقتضيات الهامة فى مصر لا يحسمها الصوت الانتخابى أيا كان أسلوب حساب الأصوات وطرائق الانتخابات.

إن بلدا قديما ومحوريا دوليا كمصر من حيث وضعها الجغرافى، وحجمها السكانى، ومشاكلها الدولية، وتفتت ثقافتها السياسية، من الأرجح تمثل قيدا على الحرية الفردية للاختيار.
بعبارة أخرى، إن الانتخابات فى مصر ليست فى الأساس قضية ضمانات ولكن فى الأساس قضية اعتبارات. أقصد أن مصر لكى تمارس الحرية والديمقراطية لابد من أخذ اعتبارات عديدة فى الحسبان والتى يجرى فى ظلها التصويت الانتخابى.

المعارضة ليست حارسة النزاهة والوطنية فى البلاد، والحزب الوطنى لم يتشكل لمصالح قائده. أهم الاعتبارات أن مصر هى هبة الحداثة والإبداع والخلق المتجدد، وهى هبة التواصل من أجل التقدم. فى هذا الإطار يجب أن يفهم حوار صفوت الشريف.

موضوعات متعلقة..

خالد صلاح يكتب: من يملك مفاتيح نزاهة الانتخابات؟ .. المعارضة المصرية اهتمت بحوار صفوت الشريف لأنها تعرف أن الرجل بمكانته لا ينتمى إلى النوع الذى يرضى لنفسه بأن ينطق بما لا يعلم
علاء عبد المنعم يكتب: رســـالة مفتوحــــة للسيد صفوت الشريف







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة