عبد المنعم فوزى

ماما فى القسم

الإثنين، 06 سبتمبر 2010 07:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"دور يا كلام على كيفك دور.. خلى بلادنا تعيش فى النور" كلمات أحمد فؤاد نجم كنا نرددها مع الشيخ إمام أيام زمان.. افتكرتها وأنا أشاهد مسلسل "ماما فى القسم" للمبدع يوسف معاطى اللى قام بكتابته بشكل مؤثر للغاية، فيجسد شخصية سيدة تربوية اسمها فوزية (مديرة مدرسة) جادة جدا وصارمة للغاية وأحيانا عندية لا تقبل بالسكوت عن أى خطأ تشاهده، ولا تجد أمامها حلاً لأى مشكلة إلا باللجوء للقانون من خلال تحرير محاضر لكل من يضايقها أو يأخذ منها حقها حتى لو كان وزيراً بتعطل تشريفته المرور، أو طبيب مش بيقوم بعملة أو مدرس مش عارف دوره.

الحكاية يا صاحبى إن المسلسل بيحرض المشاهد على نبذ السلبية، فالسلبية مش بس الصمت أو عدم الفعل، ولكن هناك ما هو أخطر وهو أن أتحول إلى أداة لهدم النظام الاجتماعى من الداخل، فالأفراد الذين لا يؤدون ما عليهم فى أعمالهم يعجلون دون أن يدروا بانهيار المجتمع على رأس الجميع الفقير قبل الغنى والمظلوم قبل الظالم.. كمان المسلسل بيناقش مشكلات التعليم اللى بقت سبب كل المشاكل، وهى أيضا أول الحلول لكل المشكلات لأننا لو وصلنا لمستوى جيد من التعليم يعنى تخريج أجيال جيدة، وإذا حدث العكس فالنتيجة معروفة فضلا عن أن مشكلات التعليم تمس كل بيت فى مصر، وشخصية فوزية فى المسلسل تشتبك مع كل من يحاول إفساد العملية التعليمية، وهى كما قلت سيدة صارمة جدا مع تلاميذها ومع المدرسين الذين يتعاملون معها، كما أنها تحاول إعادة القيم إلى المدرسة.

فلو رجعت بذاكرتك إلى أيام الدراسة؛ فستذكر مثلاً بعض العبارات التى ألقاها عليك بعض مدرسيك، وأثرت فى نفسيتك تأثيراً عظيماً، وهنا تأتى شخصية محمود ياسين (أستاذ جميل)، وهو جميل فى أفعاله وتصرفاته.. طيب ومسالم ومابيحبش المشاكل وهو يمثل جيل أساتذة أخذوا بيدنا وأعطونا جرعات تشجيع؛ زادت من ثقتنا بأنفسنا وغيرت من نظرتنا لأنفسنا وحياتنا. المسلسل بيعرض معظم النماذج فى المجتمع من المطرب الشعبى البسيط إلى بيعيش فى منطقة بولاق، وبعد أن يكرمه الله بالثروة يأتى ليسكن بمنطقة الزمالك فتحدث بينه وبين فوزية أزمات ومشاكل وأيضا مواقف طريفة وكوميدية. حتى، بصراحة المسلسل بيفتح ملفات ساخنة وبيقول كلام جامد قوى وبيناقش قضايا المجتمع بحرية، مما يعنى ارتفاع سقف الحرية التى أصبح الفنانون والمبدعون يتمتعون بها، ولكن اللى ماعجبنيش هو تسمية ابن مدام فوزية الواصل والمتسلق والانتهازى بفارس، وهو اللى معرفتش أمه تربيه لأن مش مهم أن تكون ابن ناس وإنما ازاى اتربيت.

شوف يا صاحبى لما أقولك أنا كنت مبهور بالمسلسل، وقلت لنفسى دى بقى الشرارة لنهضة فنية حقيقية بعد ارتفاع سقف الحرية التى أصبح الفنانون والمبدعون يتمتعون بها، وأننا بدأنا فى الدراما الصريحة التى تبوح ولا تتستر، وخرجنا من الحواديت والتسالى والقصص اللى بتنتهى بواحد بيحب واحدة يا يتجوزها ياما يتجوزهاش إلى ما يشبه حلقات للنقاش والرأى، وفى نفس الوقت لفت أنظار المسئولين إلى الأخطاء التى أصبحت بمرور الأيام جرائم تستحق العقاب.

المشكلة أنه عندما تعرض للصحافة والإعلام قدم أسوأ النماذج، سواء الصحفى ابن الفنانة سميرة أحمد اللى بيعمل بقسم الفن ومصادره هم فنانو الدرجة الثالثة، وعشان كده نلاقيه فلاتى ودماغه لاسعة، وبيسهر معاهم فى أماكن مشبوهة، وعلشان يجيب خبر مفرك بيسهر مع فنانة من إياهم لمدة أسبوع (على فكرة الفنان أحمد فهمى أعتقد هيكون له مستقبل كبير فى التمثيل والمغنى طبعا)، أما رانيا فريد شوقى الإعلامية صاحبة المحطة التليفزيونية فهى تتحدث عن قيمة الأم وأفضالها فى البرنامج، وفى نفس الوقت رفعت قضية على أمها مدام فوزية بالحجر عليها مع إخواتها.

كمان تنصح الجمهور بأنهم ياخدوا بالهم من عيالهم وهى سايبة ولادها للغريب يعنى بصراحة تصور الإعلاميين بأنهم يقولون ما لا يفعلون، تكذب أفعالهم أقوالهم. صحيح يوجد دخلاء على الإعلام ليس لهم علاقة بالمهنة لأنها أصبحت مهنة من لا مهنة له، ولكن بالطبع يوجد صحافيون وإعلاميون شرفاء وأصحاب رأى ومحترمون يراعون ضمائرهم وأصحاب أقلام محترمة تكتب الحقائق ومصر زاخرة وعامرة برجال إعلام وصحافة شرفاء، كنت أتمنى أن يحارب الكاتب يوسف معاطى هذا الطوفان من الإعلام الغريب على الروح المصرية لأن المواطن المصرى أصيب بحالة من عدم الإحساس والإحباط وخيبة الأمل بسبب المساعدة فى تشويه إعلامنا وصحافتنا حتى أننى قابلت أفراداً حاصلين على شهادات جامعية متأكدين أن مافيش مسئول الأومرتشى ومافيش غنى إلا وحرامى ومافيش صحفى إلا وكداب، ومافيش إعلامى إلا ونصاب، صورة سلبية للمجتمع نتمنى أن نتخلص منها ونشجع الشرفاء والمخلصين الذين يعملون فى صمت ومش محتاجين أى حاجة من حد.
*نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة