أكد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن يوم 26 سبتمبر الجارى سيكون أول الاختبارات لجدية إسرائيل فى التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، مشيرا إلى أنه استمع إلى الكثير من النوايا الطيبة من المسئولين الإسرائيليين، إلا أنها يجب أن تترجم إلى مواقف تفاوضية نراها على الأرض.
وقال أبو الغيط ـ فى مقابلة مع برنامج (وجهة نظر) مع الإعلامى عبد اللطيف المناوى، بثتها القناة الأولى بالتليفزيون المصرى الليلة الماضيةـ "إن يوم 26 سبتمبر الجارى الذى يوافق نهاية قرار تجميد الاستيطان سيكون أول الاختبارات لجدية إسرائيل فى الوصول إلى تسوية، ومن الممكن أن يهدد هذا اليوم بنسف المفاوضات".
وأضاف "من الممكن أيضا أن يتوقف الفلسطينيون عن المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين فى حال عدم تمديد قرار تجميد الاستيطان، والاستمرار فى عمليات البناء بالمستوطنات".
وحول وجود جدية لدى إسرائيل لإنجاح المفاوضات المباشرة وإقامة دولة فلسطينية، قال وزير الخارجية "استمعت إلى الكثير من النوايا الطيبة سواء من الرئيس شيمون بيريز أو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أو الكثير من الوزراء الإسرائيليين باستثناء وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان لأننى لا أتصل به ولا أتحدث معه".
وتابع "لقد رصدت أحاديث وكلام يجعلنى أتساءل حول مصداقية هؤلاء الناس، وجديتهم ورغبتهم فى التسوية الفلسطينية؟، لكن إجابتى دائما.. لقد استمعنا لمواقف جديدة ويجب أن نراها على الأرض وأن تترجم لمواقف تفاوضية.. لكن من المبكر أن نقول إن هناك تطورا لأننا لابد أن نراه على الأرض".
وشدد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية على أن تسوية الأزمة الفلسطينية سوف تكلف العالم من 40 إلى 50 مليار دولار .. مضيفا "حتى نضع الدولة الفلسطينية فى وضع تكون فيه جار لإسرائيل، وقادر على أن يشبع نفسه وله خدماته وتعويضاته على الأراضى التى فقدها".
وأضاف "إن الوصول إلى تسوية فلسطينية - إسرائيلية ستكون فى صالح الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى أولا، كما أنها ستصب مؤخرا فى صالح المنطقة ككل".
وحول ما إذا كان مخططا للمفاوضات المباشرة أن تقام فى مصر، ولماذا لم تقم؟، قال وزير الخارجية "المفاوضات المباشرة لم تبدأ لقد أطلقت فقط، والفكرة كانت أن الجانب الأمريكى يسعى لجمع الطرفين، والرئيس مبارك كان وجهة نظره أنه لو اجتمع الطرفان مثل ما سبق لهما الاجتماع على مدى سنوات بدون ظهور الرئيس الأمريكى باراك أوباما بمسئولياته وسلطاته وبقدراته، فقد لا تأخذ طريقها إلى النجاح أو على الأقل ستأخذ بالاهتمام والجدية المطلوبة".
وتابع "مصر ليست لديها مشكلة فى استضافة الطرفين وأن نسهل لهما ذلك، ولكن الرئيس مبارك اشترط أن يكون أوباما موجودا فى الاجتماع، ولكن الضروريات كانت تفرض على أوباما التواجد فى واشنطن فى هذا التوقيت. واقترحنا تقديم أو تأجيل إطلاق المفاوضات، لكنهم رأوا فى النهاية أن الإطلاق يكون فى واشنطن، والرئيس لم يكن لديه مانع أن يذهب إلى أى مكان لتحقيق السلام".
وأشار أبو الغيط إلى أن حالة الغضب والضيق فى العالمين العربى والإسلامى كانت أحد الأسباب المباشرة التى دفعت الرئيس الأمريكى للتحرك من أجل إجراء المفاوضات المباشرة .. مشيرا إلى أن أوباما فور انتخابه أعلن عن نيته زيارة دولة إسلامية حتى يتحدث فى علاقة الإسلام بالغرب.
وأضاف "إن أوباما فور استلامه للسلطة عين ريتشارد هولبروك فى منصب المبعوث الأمريكى الخاص إلى أفغانستان وباكستان، والسيناتور جورج ميتشل فى منصب المبعوث الأمريكى الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط".
وأوضح أن أوباما كلف نائبه جو بايدن بأن يكون معنى بالوضع العراقي، ثم جاء إلى القاهرة وتحدث بخطاب قوي، وهو مدرك أن الوضع الحالى يحتم عليه التحرك وأن الظروف قد تكون مواتية، حيث إن المجتمع الإسرائيلى يشعر أن هناك حاجة للسلام، والفلسطينيون لم يجدوا أى بديل آخر غير هذا الطريق.
ورأى أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن انفراد الولايات المتحدة فى الفترة الأخيرة بالتحرك بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإبعاد الاتحاد الأوروبى يضعف الموقف .. مشيرا إلى أن 70% من الدعم للسلطة الفلسطينية يأتى من الاتحاد الأوروبى، فضلا عن أن التجارة الأساسية لإسرائيل مع العالم الأوروبى.
وأوضح أبو الغيط أن هناك غضبا أوروبيا لعدم حضور إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن فرنسا تحدثت على الملأ بشأن هذا الأمر، مشيرا إلى أن كل المعلومات التى تصل من الدول الأوروبية أعضاء الاتحاد الأوروبى تؤكد غضبهم بشدة، خاصة أنهم ينفقون مئات الملايين من الدولارات فى دعم السلطة الفلسطينية وإعاشة الشعب الفلسطينى.
وحول شكل دور مصر فى الاجتماع المباشر الذى سيعقد فى شرم الشيخ، قال وزير الخارجية "المتصور أن الرئيس مبارك سيلتقى بالقادة، وسيوجه لهم النصيحة والرؤية، وسوف يضع لهما ما تراه مصر من ضروريات للمسألة، وبالتأكيد سيكون لنا دورنا فى السعى لدى الجانب الإسرائيلى لإقناعه ودفعه لتطوير مواقفه، ومع الجانب الأمريكى لنحثه على التمسك بموقف صارم فى تجميد الاستيطان".
ورفض أبو الغيط اللجوء إلى حل إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة، وقال "الجانب الإسرائيلى تحدث كثيرا عن إعلان دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة كحل انتقالى وصولا إلى الحل النهائى بعد حوالى 10 أو 15 عاما، وهذا لن يحدث، والبديل الأفضل للفلسطينيين والذى يقتنعون به، هو الوصول لحل نهائى الآن، وإلا لا مكان للتسوية".
وأكد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن الرؤية المصرية للمفاوضات تستهدف الوصول إلى اتفاق لإقامة دولة فلسطينية متكاملة الأراضى، وأن تكون دولة فاعلة وقادرة تقام على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتشمل تسوية عادلة لقضية اللاجئين وفقا للمبادرة العربية ومرجعيات التسوية طبقا لقرار مجلس الأمن 242 الصادر فى نوفمبر 1967 والقرار رقم 1515 الصادر عام 2002، وهو أول قرار يصدره مجلس الأمن يطالب فيه بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وشدد أبو الغيط على أن الرؤية المصرية تؤكد أن ترسيم الحدود من البداية فى المرحلة الأولى وهو الخطوة الصحيحة لحل كل المشكلات بما فيها الاستيطان .. موضحا أن ترسيم حدود القدس الشرقية أصبح بمثابة أمر ضاغط جدا، وليس ذلك حق للفلسطينيين فقط إنما حق المسلمين والمسيحيين سواء كانوا من الفلسطينيين أو العرب أو غيرهم.
وأشار إلى أن الرئيس مبارك فى كل لقاءاته مع المسئولين الإسرائيليين، وفى آخر لقاء فى أمريكا، يطالبهم بإقامة دولة فلسطينية بصورة عادلة وبالشكل الذى يؤمن إسرائيل وفلسطين معا، لأن الفلسطينيين والشعوب العربية والإسلامية لن تقبل بغير ذلك.
وعن طبيعة الدور المتوقع من مصر فى هذه المرحلة، قال وزير الخارجية "أتصور أن نستمر فى تشجيع الجانب الإسرائيلى على تطوير مواقفه وإظهار المرونة، وأن نبقى على الحوار مع الجانب الأمريكى للتمسك بالعناصر الأساسية للتسوية، وأن نسعى لإشراك أكبر قدر من الأخوة العرب فى تأييد هذه العملية، ولا نترك الرباعية الدولية بمعزل عن هذا الموضوع".
وردا على سؤال بشأن أن المبادرة العربية تعتبر أحد العناصر المهمة التى يمكن أن تكون دافع لنجاح المفاوضات المباشرة، قال "إن المبادرة موضوعة فى جوهر مرجعيات التسوية، لأن مرجعيات التسوية معروفة والمبادرة أحد عناصرها".
أبو الغيط: 26 سبتمبر أول اختبار لجدية إسرائيل فى التوصل إلى تسوية
الإثنين، 06 سبتمبر 2010 11:29 ص
أحمد أبو الغيط وزير الخارجية