قرأت منذ سنوات أن معدل النمو فى استهلاك الكهرباء فى مصر يفوق العشرة فى المائة، وتساءلت ساعتها عن السبب؟ يا ترى أهو استهلاك ترفيهى أم نمو صناعى واقتصادى شامل تبعته هذه الزيادة الكبيرة فى استهلاك الكهرباء؟.
لم يطل بى الوقت حتى أدركت أن الأمرين متلازمان ومتشابهان، فالنمو الاقتصادى يستلزم زيادة فى استهلاك الطاقة كما تتبعه زيادة فى الدخول، وبالتالى زيادة فى الاستهلاك الترفيهى والخدمى.. طاف بمخيلتى أيضا أن هذا يعنى أننا نحتاج إضافة ما يعادل عُشر مرافقنا الكهربائية سنويا، بما فى ذلك المحطات والشبكات والكابلات والمحولات والأسلاك وخلافه..
فالأمر لا يحتاج إلى خبير ليحسبها.. بيد أن وزارة الكهرباء فى مصر فوجئت على ما يبدو بكل هذا.. كما أنها فوجئت بأن ارتفاع درجة الحرارة فوق الأربعين يقلل من كفاءة المحطات بنسبة عشرة فى المائة.. وبدأت اتهامات لوزارة البترول بأنها قللت نسبة الغاز المورد للكهرباء مع أنه، وحتى إن كان هذا صحيحا، فالمعلومات المتوافرة تشير لوجود عجز بمقدار 1600 ميجا وات حاليا عن أقصى حمل يمكن الوصول إليه..
فهل يا ترى كانت هناك خطط موجودة؟ ولماذا لم تنفذ؟ ولماذا بدا الأمر كأنه مفاجأة؟ ولماذا تبدو المبررات واهية إن لم تكن مضحكة؟.. فى الحقيقة أنا أرى الأمر من زاوية أخرى.. أرى أن أمامنا فرصاً جيدة للنمو الاقتصادى لكن الحكومة عجزت عن ملاحقته أو التخطيط له! فبينما نصدح ليل نهار بأغنية جذب الاستثمارات الشهيرة عجزنا عندما زادت قليلا أن نوفر لها البنية الأساسية المناسبة.. أما وزارة البترول فأمرها أعجب.. فكمية التصريحات عن الاكتشافات والمشروعات والكميات (التى غالبا ما يعلنوها مرة بالطن وأخرى بالبرميل) تشعرك أن بترول السعودية هو نقطة فى بحرنا أما غاز روسيا فإبرة فى كوم قشنا.
لكنك إن أمعنت النظر وجدت أن كمياتنا محدودة نصَدِر معظمها كمادة أولية بدلا من استخدامها فى صناعتنا وتعظيم القيمة المضافة.. وبأسعار يعود ريعها على أندية كروية رائعة مثل إنبى وبتروجت.. والناس لا ترى مشكلة فى ذلك "فهى فلوس سيادة الوزير وهو حر فيها".
