مسؤولية رؤساء النوادى عن جرائم الألتراس

الخميس، 30 سبتمبر 2010 10:16 م
مسؤولية رؤساء النوادى عن جرائم الألتراس أحداث شغب الألتراس فى جامعة الدول والبطل أحمد عبد العزيز
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكثر ما كشفت عنه أحداث الشغب الأخيرة التى قادها شباب الألتراس، سواء الاهلى أو الزمالك، أن المصريين أثبتوا كعادتهم أن لهم خصوصية يتفردون بها فى كل شىء، فرغم أن كلمة الالتراس لاتينية ومعاناها «الشىء الزائد على حده« فقد نفذت روابط مشجعى الناديين معنى الكلمة بحذافيرها، فقد فاق حد مساندتهم لفرقهم المعقول والمسموح أيضا، وتحول دعمهم للفرق الرياضية إلى حروب عصابات، ومطاردات شوارع بعد كل مباراة، ولجأ المتطرفون من الالتراس إلى التكسير والشغب للتعبير عن رأيهم بدلا من التشجيع والصراخ، وكانت أولى البوادر القانونية لملاحقة الالتراس ما قام به النائب العام من إحالة 31 منهم للمحاكمة، رغم الإفراج عنهم إلا أنهم شعروا بأن عقابا قانونيا ما ينتظرهم عند مخالفتهم القواعد مرة أخرى، كما غفر لهم أن بينهم أطفالا لتدخل الوزيرة مشيرة خطاب لتلتمس لدى النائب العام حتى يفرج عنهم على وعد بأن تتابع هى ووزارتها حالتهم بدلا من إلقائهم فى السجون وتحويلهم إلى مجرمين.

التكسير والتحطيم والشغب الذى قاده الالتراس خلال الأيام الماضية لم تتوقف توابعه عند النائب العام ووزارة الأسرة والسكان إنما امتد أيضا إلى رجال الدين الذين استنكروا هذا الامر ووصفوه بـ«الإفساد فى الأرض»، حيث قال الدكتور سعد الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحد المهتمين بدور الرياضة فى الارتقاء بالأخلاق: إن الناس المتجاورين فى المكان الواحد، سواء مسلمون أو غير مسلمين، حفاظهم على بعضهم واجب، لأن هذا المجتمع الذى نعيشه عندما يبنى يبنى للجميع وعندما يهدم يهدم على الجميع.

ورغم أن الهدف الأساسى من وراء نشوء الالتراس هو «البهجة» لكن روابط المشجعين المصريين كان لها رأى آخر، فتحولوا لكيانات بعضها عدوانى بفضل الحماس الزائد، والبعض الآخر يسعى لضجة مرتبطة بمباراة ما أو حدث معين، لكن السمة الغالبة عليهم، أصبحت العصبية وعدم تقبل الرأى الآخر، كما أن انتماءهم لطبقة ميسورة نوعا ما جعل إحساسهم بمدى أهميتهم للنوادى يتضاعف، ظنا منهم أنهم أحد الأسباب الرئيسية لنجاح ناديهم حتى إنهم بدأوا يبادلون فريقهم عقابا بعقاب، وعتابا بشتائم، مثلما حدث فى المباراة الاخيرة للأهلى مع الجونة، ورغم فوزه انسحب الالتراس الاهلاوى. واستمرارا لمشاعر التناقض فى المشاعر بدا هذا الالتراس وكأنه يدافع عن لاعبى الأهلى حينما بدت بوادر اعتداء من بعض جماهير الزمالك، وهذا التناقض أيضا ظهر فى صدامهم مع الأمن فى الشوارع واعتدائهم على ممتلكات المواطنين دون سبب يذكر، وهو ما علق عليه الهلالى قائلا «ياحسرتاه على هذا الذى يتهور وتأخذه العصبية للجنون والتكسير ثم تاب، لأن توبته لن تقبل إلا بإصلاح ما أفسد».

وإن كانت المظاهر التى يقودها الالتراس، تنشأ بالقوة والجماهيرية، فإن هذا لا يعفى أبدا رؤساء النوادى والقيادت التى تستقبلهم وترحب بهم احتواء لغضبهم أو تجنبا لشعاراتهم المضادة فى المباريات، من مسؤولية المظاهر المتطرفة الاخرى التى يفعلها الألتراس مثلما فعل حسن حمدى باجتماعه مع قيادات ألتراس النادى الاهلى ليطالبهم بحسن التشجيع، وأيضا تدخل قيادات نادى الزمالك للإفراج عن مشجعى النادى الزمالك بعدما فعلوه فى شوارع جامعة الدول والمهندسين.. جميعها مظاهر لحماية عشوائية لمشجعين استبدلوا تجمعهم لمساندة فريقهم بحرب فى الشوارع.

التحليل الاجتماعى والنفسى لهؤلاء المشاغبين فى الشوارع لخصه الدكتور شريف عوض، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، بأنهم «فئة تبحث عن دور فى المجتمع المصرى، ولكنها زادت من التعصب فى الملاعب، وتحول تعصبهم لسلوك عنيف فى عدد من المواقف أثناء المباريات، مشيرا إلى أنهم يحتاجون إلى من يوجههم بطريقة صحية». وأضاف أنهم قنبلة موقوتة إذا لم يتم توجيههم بشكل صحيح، وسيطرة أمنية عليهم، بل عبر أيضا عن تخوفه من أن يستخدموا من قبل رؤساء الأندية فى العمليات الانتخابية.

ومع مخاوف احتلال الشوارع من قبل المشاغبين، بعيدا عن أنها صارت ظاهرة موسمية، وصل سوء الظن بالبعض إلى أنها ممنهجة، ففى الوقت الذى تصبح فيه تلك الشوارع حراما على المارة والمتظاهرين السياسيين وأصحاب الإضرابات العمالية والاعتصامات الفئوية، وتصير عصىّ الأمن المركزى وخراطيم المياه وبوكسات الاختطاف هى لغة تعامل الأمن مع هؤلاء، تختفى كل تلك المظاهر مع أول ظهور لجحافل الالتراس فى الشوارع ، أو المتحرشين أو أعضاء تنظيمات التسول، أوحتى مع أول خناقة على أولوية العبور بين بعض المارة الغاضبين، ويتخذ الامن موقفا محايدا من «الفتنة» منتظرا لحصر ضحاياها، لتغفل عينه عن المتحرشين وتتحول عصيّه بردا وسلاما على الالتراس، ويعيش المتسولون بقليل من الفساد كراما آمنين فى الشوارع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة