اهتمت الصحف العالمية الصادرة اليوم الأربعاء، بالتعليق على قرار تخفيف حكم الإعدام لكل من رجل الأعمال المصرى البارز هشام طلعت مصطفى وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى، وألمحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى تقرير لها إلى أن نجاتهما من الموت كشفت النقاب عن كيفية مجرى الأمور فى الأروقة السياسية فى مصر، ورأت أن تخفيف الحكم من الإعدام إلى 15 عاماً لمصطفى و28 عاماً للسكرى أظهر مدى تفضيل النظام لفئة معينة "بارزة" من أبناء الشعب، لدرجة تمكن الأثرياء من الهروب من العدالة.
وأكد من جانبهم المحللون والمعلقون المصريون أن حكم المحكمة شكل صدمة بالنسبة لهم، بسبب الطريقة التى أصدر بها، إذ صدر حتى قبل أن ينهى المحامون دفاعهم.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن جمال عيد، وهو المدير التنفيذى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قوله، "ما زلت أشعر بالاندهاش الشديد.. فهم حتى لم يتكبدوا عناء التفكير فى حيثيات القضية لحفظ ماء وجوههم".
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن نشطاء حقوق الإنسان وأبرز نقاد النظام المصرى، أثنت كثيرا على قرار المحكمة بإعدام كل من مصطفى والسكرى فى شهر مايو 2009 باعتباره انتصارا نادرا لسيادة القانون وتطبيقه بصورة نزيهة. ومنذ ذلك الحين، بات العالم العربى يراقب حيثيات المحاكمة ومحاولات مصطفى العديدة للهروب من حكم الإعدام لتحريضه على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم فى دبى.
واعتبرت من ناحيتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن تخفيف الحكم ما هو إلا خير دليل على قدرة نخبة السياسيين ورجال الأعمال فى مصر من الإفلات من العقوبة وتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم، والفرار من الدولة لتجنب العقوبات القاسية.
وقال مراسل الصحيفة الأمريكية جيفرى فليشمان إن هذه القضية أثارت دهشة مصر والعالم العربى على حد سواء، لما تتسم به من تقلبات ومفاجآت تكشف عما يدور بخلد الأثرياء وأصحاب النفوذ وعن هواجسهم، تلك الهواجس التى تدفع رجل أعمال وسياسياً بارزاً لدفع 2 مليون دولار لقتل صديقته الشهيرة.
ونقلت لوس أنجلوس تايمز عن المحلل السياسى سعيد لبيب قوله "هذا وضع كلاسيكى يحدث عند تزاوج السياسة والأموال والأعمال، وأعتقد شخصياً أن مصطفى سيفلت من العقاب ولن يجازى على ما اقترفته يداه، فنفوذ الرجل يحول دون معاقبته بالإعدام، ولأكون صادقا، شعرت بالدهشة لأنه تلقى حكماً بالحبس 15 عاما، ولكن لن يكشف النقاب عن الأمر حتى الاستئناف الأخير، لأنه أغلب الظن سيفلت بفعلته".
ودللت الصحيفة على ذلك بالإشارة إلى إسقاط محكمة الاستئناف لحكم الإعدام الصادر بحق مصطفى والسكرى فى شهر مارس المنصرم لتمنحهم بذلك محاكمة جديدة، كما هو الحال الآن، إذ بات بإمكانهما الطعن على الأحكام الأخيرة، ومن ثم الحصول على أحكام مخففة مجددا.
فيما نقلت شبكة "سى إن إن" الإخبارية عن مصدر قضائى تأكيده لها أن المحكمة، تعمدت إصدار الحكم فى قضية طلعت مصطفى ومحسن السكرى، المتهمين بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم قبل الاستماع إلى مرافعة الدفاع، فى خطوة تهدف، على الأرجح، إلى قطع الطريق أمام فريق الدفاع، حتى لا ينسب لنفسه "انتصاراً زائفاً"، بعد تخفيف الحكم على المتهمين.
وعلقت الـ"سى إن إن" أن المتهمين أفلتا فعلياً من حكم الإعدام الصادر بحقهما، على ضوء الحكم المفاجئ الذى أصدرته محكمة جنايات القاهرة، فى جلستها الثلاثاء، بسجن الأول لمدة 15 عاماً، والثانى 25 عاماً.
ورجح المصدر متحدثا إلى "سى إن إن" أن يكون رئيس المحكمة قد أخذ بالمادة 17 من قانون العقوبات، لتخفيف حكم الإعدام الصادر عن دائرة أخرى بمحكمة الجنايات، بحق المتهمين، بعدما وضع فى اعتباره التنازل الذى قدمته أسرة القتيلة عن الحق المدنى، مشيراً إلى أنه تعجل فى إصدار الحكم بعدما لاحظ وجود "مماطلة" من جانب فريق الدفاع.
ونفى المصدر احتمال تشديد الحكم من قبل محكمة النقض، فى حالة إذا ما قبلت الطعن الذى يعتزم كل من الدفاع والنيابة تقديمه قائلاً "إن ذلك غير وارد تماماً، استنادا إلى قاعدة قانونية تفيد بأنه "لا يُضار طاعن بطعن"، معتبراً أنه أحد المبادئ المستقرة فى محكمة النقض.
وأشارت "سى إن إن" إلى أن المحكمة تعكف حالياً على كتابة حيثيات حكمها بمعاقبة هشام طلعت مصطفى بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً، عما هو منسوب إليه من التحريض والتخطيط والمساعدة على قتل سوزان تميم، فيما عاقبت السكرى بالسجن المشدد المؤبد لمدة 25 عاماً، لإدانته بقتلها عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
من المقرر أن تقوم المحكمة بإيداع مذكرة بالحيثيات قبل انقضاء شهر من تاريخ صدور الحكم، توضح من خلالها الأسانيد القانونية الذى استندت إليها فى إدانة المتهمين، وكذلك أسباب تخفيفها لحكم سبق إصداره من دائرة مغايرة بمحكمة جنايات القاهرة، بإعدامهما شنقاً، ونزول المحكمة الحالية بدرجة العقوبة.
وسيكون أمام الدفاع تقديم مذكرات الطعن بالحكم إلى محكمة النقض خلال فترة مماثلة، حيث سيكون القرار الذى ستصدره المحكمة، سواء برفض الطعن أو قبوله، وإعادة نظر القضية من حيث الموضوع، نهائياً لا يجوز الطعن عليه، لتسدل بذلك الستار على القضية التى أثارت جدلاً واسعاً فى الشارع العربى.
حكم هشام والسكرى يفجر جدلاً فى الصحافة العالمية.. مصدر قضائى لـCNN: المحكمة أضاعت على الدفاع "انتصاراً زائفاً"
الخميس، 30 سبتمبر 2010 08:16 م
هشام طلعت مصطفى ألفلت من حكم الإعدام بأعجوبة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة