ربما كانت وزارة الدكتور نظيف غير محظوظة بالنسبة للأزمات التى تعرضت لها مثل الأزمة المالية العالمية وأنفلونزا الطيور، ومن بعدها أنفلونزا الخنازير
ولكن ها هو الحظ قد ابتسم أخيرا لهذه الوزارة إذ صرح المهندس عبد العاطى السمان، رئيس بعثة الرى المصرى بالسودان، فى مؤتمر صحفى بالخرطوم "أن محطة الديم التى تمثل ترمومتر الفيضان تبشر بأنه للمرة الأولى منذ 46 سنة، يأتى فيضان هذا العام حاملاً معه علامات الخير. وتؤكد بشائر الأمطار على الهضبة الأثيوبية استمرار هطولها حتى منتصف شهر سبتمبر المقبل.
فقد سجلت محطة الديم، أقدم مقاييس النيل على الحدود الأثيوبية السودانية، مرور نحو 900 مليون و500 ألف متر مكعب من مياه الأمطار الحبشية يوم 19 أغسطس الماضى، بحسب ما أوردته صحيفة "الأهرام" المصرية، وهو أعلى تصرف مائى منذ 46 عاماً.
ولكن هل استعدت وزارة الدكتور نظيف لهذا الفيضان؟ أم سيتم إلقاء كل هذه الكميات من المياة فى البحر، كما يحدث كل عام، ثم نطلب من المواطنين عدم زراعة الأرز ونترك بعض المناطق بدون رى حتى تهلك المزروعات.
إن الاستعداد لهذا الفيضان يستلزم أن تكون المياه الموجودة فى بحيرة السد قد تم استخدامها فى مشاريع تنموية، وذلك استعدادا للخير القادم من الحبشة والذى قد لا يتكرر فهل هذا تم؟ وهل تمت الاستجابة للمقترحات الكثيرة التى وضعها العلماء للاستفادة من هذه المياه؟ مثل إنشاء قناة بطول الصحراء الغربية من خلف السد لتروى ملايين الأفدنة ولتحمل الطمى إليها والذى كاد يسد مدخل بحيرة السد وتوصيل هذه المياه إلى منخفض القطارة وتوليد الكهرباء بها وتخزين أكبر كمية فيضان تشهدها مصر فى منخفض القطارة لتكون مخزونا للمياه لاستخدامه فى زراعة ملايين الأفدنة فى الصحراء الغربية.
وهل تمت المرحلة الثانية من ترعة السلام التى توصل المياه إلى وسط سيناء حيث الأرض عطشى لهذه المياه وحيث يوجد أفقر 20 قرية على مستوى الجمهورية ويعتبر تنميتها أولوية أمن قومى ضمن خطة التنمية لتوطين 3 ملايين مواطن فى سيناء.
وهل نفذت الحكومة المرحلة الثانية من مشروع تنمية جنوب الوادى لزراعة 4 ملايين فدان بالوادى الجديد، والتى أنشأ من أجلها أكبر محطة رفع على مستوى العالم لرفع المياه لتصبح قادرة على السير فى قناة الوادى الجديد التى من المفترض أن تصل إلى الداخلة، حيث إن المرحلة الأولى لن تزرع سوى 500 ألف فدان منها 100 ألف المخصصة للوليد ابن طلال غير مزروعة.
إن النظرة المستقبلية التى كان من المفترض أن تكون موجودة لدى المسئولين قد انعدمت، فمصر التى كانت 20 مليونا فى الخمسينيات غير مصر التى أصبحت80 مليونا فى 2010 وأى صاحب عقل كان يجب أن يعرف أن ذلك سيحدث، وكانت الخطط لزيادة الرقعة الزراعية إلى 3 أضعاف المساحة على الأقل أى 18 مليون فذان كان يجب أن تكون جاهزة، وهناك من العلماء من وضع المخططات للوصول إلى هذا الرقم.
إن شبابنا الذى يهاجر إلى المجهول ويلقى حتفه فى البحر هو فى عنق كل مسئول تقاعس عن واجبه، خاصة فى التوسع الزراعى فتنفيذ برامج التوسع الزراعى التى اقترحها العلماء لم تلق أى أذان من أحد وظلت الأوضاع تتدهور حتى جاء هذا الفيضان ليغلق أبواب ادعاء الفقر المائى للتنصل من المسئولية وليظهر لنا أن هذا الفقر هو فى العقول وليس فى الماء، فلن يمكن فى شهور قليلة عمل المشروعات التى كان يجب أن تكون جاهزة الآن للاستفادة بكل هذه المياه.
لن يسامح الشعب الحكومة إذا فرطت فى هذه المياه بإلقائها فى البحر بحجة غسل النهر فى نفس الوقت الذى تستمر مصادر التلوث تصب فى النهر كما هى. أو إلقائها فى مفيض توشكى لتتسرب إلى الأعماق أو تتبخر فى الهواء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة