إبراهيم ربيع

يوم القيامة.. وفرصة رياضية نادرة !

الأربعاء، 29 سبتمبر 2010 08:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد العالم مرة أخرى للحديث عن يوم القيامة الذى يحل على الكرة الرياضية حسب رأى المتنبئين والعلماء عام 2012.. وفى الحقيقة تستهوينى مثل هذه القرارات.. ولا تندهشوا إذا قلت لكم إننى ارتحت لهذه النبوءات وتمنيت أن تكون حقائق.. فكلما تخاصمت مع الدنيا اتجهت للمصالحة مع الآخرة، وهى رحلة تعاسة متعددة الدرجات عندما تضيق الحياة بالناس ولا يجدون مفرا من تمنى الموت باعتباره راحة حاسمة دائمة.
وأقرب ما يعلق بذهنى من علامات القيامة أن الثوابت تتغير بصرف النظر عن العلامة البارزة على الإطلاق التى تشرق فيها الشمس من حيث تغرب، فهى علامة حاسمة ولو رأيناها فسوف تنتهى علاقتنا بالتفكير فى علامات أخرى يقولون إنها صغيرة.. وفى مجالنا الرياضى تستوقفنا علامات نراها بوضوح وتتجاوز مجرد الإحساس بها وقابليتها للجدل.. فالأندية تدير الكرة ولا يديرها الاتحاد الشرعى.. والألتراس الخطرون يديرون الكرة ولا تديرها الأندية.. والسفهاء النكرة يسيطرون على المؤسسات الرياضية ويتنحى الأكفاء الصالحون.. وتسيطر مجالس الإدارة على عقل الجمعية العمومية فتفقد الإدارة عقلها فتخرب وتنهب وتفسد ثم تشكرها الجمعيات العمومية.
لكن فى الوقت نفسه يجدر بى أن أتوقف من حيث يجب التوقف والتدبر.. فإذا كانت علامات القيامة ظهرت عندنا ورأيتها من منظور رياضى على الأقل.. فلماذا لم تظهر فى مناطق أخرى من العالم.. فهل ستقوم القيامة عندنا فقط ويتعجل الله سبحانه وتعالى محاكمتنا وحسابنا لأننا أفرطنا فى الفساد فى الأرض؟.. فهناك خارج حدودنا مازالت الأمور تستقيم فى ثوابتها.. النظم سائرة فى مسارها والقوانين محترمة والمؤسسات تحكم ما تحت منها، وكل يعمل فى اختصاصه.. والناس سعداء بالتوازن فى حياتهم يعيشون فى بحبوحة نفسية ولا يشعرون بأن الطبيعة البشرية تغير قوانينها ونواميسها، والميزان لم يختل والعدالة لم تنحرف.
ولأننا نؤمن بأن الملك لله.. فإن الكون كله ملك للخالق وليس فقط مناطق المتخلفين على سطح هذا الكون.. فلن تقوم قيامة لنا وحدنا، وعلينا أن نطمئن أن مظاهر التوازن فى العالم المتقدم تحمينا حتى الآن من فكرة اقتراب يوم القيامة هذا الاقتراب المرعب.. لكن إذا افترضنا أننا لا نفهم بما يكفى فى حسبة الكون كله ولا نسطيع بعقولنا المحدودة أن ندرك كل جوانب عظمة الخالق وما يحويه الكون من أسرار.. فمن الجائز أن نكون نحن كدول متخلفة أخلت بموازين العدل سبباً فى أن تقوم القيامة بدون علامات صغرى فى الدول الأخرى، بمفهوم أن السيئة تعم أو ربما هناك خارج حدودنا علامات صغرى من نوع آخر ترتبط أكثر بعلاقات البشر فيما بينهم، مثل شيوع العلاقات المحرمة واستباحة الشذوذ وترويج الشواذ والإنجاب قبل الزواج والإجهاد بالإلحاد.. أى أن لكل صنف من البشر علامات خاصة به، وهنا يمكن استيعاب فكرة أننا بصدد علامات حقيقية ليوم القيامة موزعة بأشكال متنوعة على الكرة الأرضية.
وواتتنى فكرة أن تشملنا جميعاً القناعة بأن يوم القيامة يدركنا، بل هو فى مرمى النظر، حتى لو كان ذلك غير صحيح، ومبالغة من رجال الدين ورجال العلم.. فهذه القناعة يمكن أن تكون فرصة نادرة لتعديل موازين حياتنا فنعيش سنة ونصف السنة قبل عام 2010 نتطهر من الفساد والظلم والقمع ونعود لشرع السماء والأرض.. لتعاليم الأديان ونصوص القوانين الوضعية.. فنرى اتحاد الكرة يدير، والأندية تتبعه وتطيعه، ويسود العدل أرجاء الجبلاية، وهى إحدى مناطق الكرة الأرضية إخلالاً بشرع السماء والأرض.. ويحكم فينا الصالح ويتنحى الطالح.. ولا تفقد الجمعيات العمومية عقلها، وتفهم أن الاستقامة فلاح فى الدنيا والآخرة، وأن اختبار من يحكمها عبادة.. عندما نفعل ذلك فإننا على الأقل نمسك العصا من الوسط ونتحسب لكل شىء.. فإذا جاءت النبوءات صحيحة بعثنا الله ونحن صالحون، وإذا أخطأت النبوءات نكون قد تعودنا على الفلاح والنجاح وحسن الأخلاق وبنينا حياة جديدة وأصبحنا مثل غيرنا الذين سبقونا.
ولأن الأخلاق حالة خاصة لكل إنسان بظاهر وباطن تصرفاته.. فإننى أتمنى أن ينشغل الرياضيون مثلى بقراءة نبوءات يوم القيامة.. ويستطيع الخوف من المصير المجهول أن يعالج ما استعصى على العلاج بوسائل أخرى.. وإذا كان علماء النفس يؤكدون أن الخوف طبيعة بشرية، بل ظاهرة صحية تعكس توازن الإنسان وتحفزه على الاحتياط والتفكير وحسن التبرير، فإننى أدعو كل قيادات الرياضة أن تخاف وتحرك مساحة الأخلاق داخلياً، ولا مانع من أن ينصلح الحال بمباردات فردية لأنه يقيناً يستحيل فى ظروفنا الحالية أن نفكر بشكل جماعى، وأن نخاف من الله فى تجمع بميدان عام.. ما زال بالإمكان أن يغير الفرد حياته إلى نموذج ينقل العدوى للآخرين.. وعلينا أن نتذكر تجربة التفكير الفردى لاتحاد اليد عندما وضع د. حسن مصطفى نظاماً مغايراً لنظم الاتحادات الأخرى فقفزت اللعبة إلى العالمية، وأصبح مثالاً يحتذى.. حتى لو كانت التجربة قد تم إجهاضها لأنه ليس مضموناً أن تنتقل العدوى الإيجابية بمثل سرعة انتقال العدوى السلبية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة