ليس بطهارة اليد ولا بالنوايا الحسنة تُقاد الدول والشعوب، فزعامة وقيادة الدول تحتاج لخبرة وحنكة ورؤية – أعتقد أن الرئيس جمال عبدالناصر كان يفتقدها!!
وإذا تساءلنا: أكان رحمه الله وطنى خالص؟ فالإجابة هى نعم ..
أكان غيوراً على أرض وطنه من أن تطأها أقدام الاحتلال؟ فالإجابة نعم ..
أكانت يده نظيفة كقلبه؟! نعم وربما كانت أنظف وأطهر من قلبه، فهكذا شهد حاضره، وهكذا شهد التاريخ..
أكان عبدالناصر يحب لمصر الازدهار والتقدم والنمو والحرية والقوة؟! فالإجابة نعم..
أكان حريصاً على أن تكون مصر هى زعيمة الأمة العربية؟ نعم..
وكذلك كان كل المصريين - وطنيين غيورين، يتمنون الازدهار والتقدم، وكانوا كما نحن الآن نأمل أن تصبح مصر هى القائدة والزعيمة للأمة العربية والإسلامية بل والعالم أجمع!!
ولكنه - رحمة الله عليه - لم يدرك ولو لثوان أو دقائق معدودة أن نيل مطالب الشعوب وتحقيق قوة البلاد العسكرية والاقتصادية والاجتماعية لا تجوز بالتمنى.. إنما بأن تؤخذ الدنيا غلاباً، إلا أنه اعتقد خطأً (وبدون خبرة حياتية) أن "الغلابا" المقصودة بشطر هذا البيت من الشعر هى قوة التصريحات ونشر التهديدات واستخدام كاريزمته الشخصية بدون أهداف قومية، وهو الأمر الذى أسقطه فى فخ الاحتلال مرة أخرى ومات ومصر محتلة كما تسلمها تماماً!!
واليوم - وإن جاز لنا البحث عن عوامل تخليد عبدالناصر كرئيس لمصر على مدار 16 سنة، فلا طهارة اليد تُعد أحد عوامل التخليد، ولا النوايا الحسنة كذلك، ولا حُبه الجم لمصر، ولا كاريزمته ذات الحضور الطاغى، التى أوحت له – يوماً - بأنه زعيم الأمة العربية، فامتطى الجيش المصرى وصال به وجال فى معارك خاسرة داخل حدود بعض الدول العربية لمعاونتها ضد الاحتلال، فى الوقت الذى كان فيه هو وجيشه، فى أمس الحاجة للمساعدة والمعاونة والدعم وليس العكس!!
وهى كذلك التى أغرته وغررت به حين أحس وأعلن وأوحى لمن حوله بأنه قادر على ضرب إسرائيل ومن وراءها حتى فوجئ كما فوجئنا نحن الشعب المسكين بالهزيمة القاسية عام 1967!!
وأن هذه الكاريزما هى التى شغل بها الناس وصدقوه، بأنه القادر على إطعامهم وإشرابهم وملبسهم بل وإلحاق أولادهم المدارس والجامعات بالمجان، فخلق هو وإعلامه وإرشاده القومى ومراكز القوى التى عاثت فينا فساداً سواء بعلمه أو بدون علمه!!
أما اليوم، وبعد 40 سنة من وفاته، فماذا بقى لنا لتخليده؟!
هل نُخلده على دكتاتوريته وعلى ضعف شخصيته أمام وزراء دفاعه وداخليته ورئيس مخابراته (مراكز القوى الشهيرة) التى أعادت مصر إلى الوراء أكثر من خمسين سنة، ناهياً عن ما لاقاه الشعب المصرى من تعذيب وعذابات مازال يُندى لها جبين الأولاد الأحفاد!!
أم نُخلده على أنه الرئيس القائد الذى حقق الاستقلال التام، ثم عاد وحقق الاحتلال؟!
هل نُخلده على تكميمه لأفواه شعب مصر الذى صدق يوماً: أن الحيطان لها ودان؟!
أم نخلده على أنه أول من تسبب فى جعل شعب مصر تشيع فيه وحوله حكمة - لا أرى لا أسمع لا أتكلم - على أنها سكة السلامة؟!
الزعيم جمال عبد الناصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة