كانت الإسكندرية فى الخمسينيات والستينيات كلمة واسم لها مفعول السحر فى شرقها فى غربها فى أى مكان فيها حتى مناطقها الشعبية مثال للنظافة والفخر والهدوء تمشى فى شوارعها تجد عبق الشموخ والانتعاش، وظلت حتى أوائل السبعينيات فى كل شبر من أرضها تشعر بفارق عن أى مكان آخر.
ولكن فى الحقبات المتتالية ظهرت الشيخوخة على كل مكان بالإسكندرية وخاصة من الداخل حيث يأتى كل محافظ للإسكندرية ليكون شغله الشاغل الاهتمام بطريق الكورنيش والشوارع الهامة كطريق الحرية لتعانى إسكندرية من الداخل معاناة الأمرين من عدم نظافة وتلف شبكات صرف صحى فى مختلف المناطق حتى الطرق المهمة فأنت لا تكاد تدخل أى شارع وتجد بحيرات تغطى حتى على الأرصفة وكأنها بحيرات صناعية ولكن من نوع آخر لا يسر الناظرين وارتفاعات شاهقة من المبانى التى حلت مكان الفيلل والقصور لتجد نفسك بين كتل خرسانية ضخمة تحجب حتى نور الطبيعة بلا رقيب ولا عزاء للمحليات.
ناهيك عن الأصوات المزعجة التى تعكر صفو كل شىء فى الحياة فأنت بدون مبالغة لا يمر عليك دقيقة واحدة دون أن تسمع الباعة الجائلين الذين يستخدمون مكبرات الصوت التالفة التى تصدر صفيرا مزعجا لأنها تالفة وأعلى درجات الصوت ليروجوا لبضائعهم فمنه بائع الخضار ومنهم الذى ينادى على بيع الأشياء القديمة الروبابيكيا بأصوات منكرة لا تتحمل سماعها، إنه تلوث سمعى بكل المقاييس لا ينجو منه حى راقى أو حى شعبى بلا ضابط ولا رابط ولا مسئول أو هيئة معينة تحد من ذلك.
لقد سمعنا كثيرا أيضا عن آلات التنبيه الخاصة بالسيارات ومنعها فى قانون المرور الآن أصبحت الإسكندرية مستعرضا لجميع أنواع آلات التنبيه وما زاد الطين بلة أن الجميع الآن يستخدم سارينة الشرطة فتجد سائق التاكسى مستخدما لها شباب لا يتخطى سنه العشرين عاما، راكبا سيارته مستخدما إياها فى أى وقت حسبما يشاء لا يعمل حساب لمريض أو طالب يستذكر دروسه وأخيرا التوك توك أصبح فى كل شوارع الإسكندرية معربدا يقوده أطفال صغار يسيرون عكس الاتجاه غير مبالين بتوقف الطريق أو الزحام.
هل يصدق أحد أن هذه هى الإسكندرية؟
الآن الإسكندرية من الداخل أصبحت يرثى لها وكأنها قرية مجهولة فى أسفل السافلين لا رقابة عليها ولا إصلاح ولا هدوء هوجة كل من يريد أن يفعل شيئا فليفعله دون أن يسأله سائل ماذا تفعل، تذكروا أيها المسئولون إن عاصمة الثقافة إسكندرية ماريا ليست هى طريق الكورنيش فقط واهتموا بها وانظروا لها نظرة عطف لما آلت إليه من فوضى منظمة تجعل محبى الإسكندرية يرثون لها ويتحسرون على ما آلت إليه.
محمد الحفناوى يكتب: إسكندرية لم تعد كما نعرفها
الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010 02:32 م