قبل عشر سنوات من الآن، وعقب فشل مباحثات سلام مكثفة استضافها الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون فى واى ريفر بين الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود باراك، زار زعيم حزب الليكود الإسرائيلى المعارض فى ذلك الوقت إرييل شارون المسجد الأقصى، واشتبك المصلون مع نحو ثلاثة آلاف شرطى إسرائيلى رافقوه لتأمين زيارته المستفزة، والتى أطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وبعد عشر سنوات، ومع دخول المفاوضات المباشرة بين الفسطينيين والإسرائيليين مرحلة حرجة بسبب عدم تمديد القرار الإسرائيلى بتجميد الاستيطان تبحث دوائر أمنية وسياسية إسرائيلية احتمال اشتعال انتفاضة ثالثة فى الأراضى الفلسطينية على غرار الانتفاضة الثانية التى تسببت فى خسائر للإسرائيليين أكبر مما خسرته فى جميع حروبها مع العرب.
مشكلة أى انتفاضة فلسطينية فى ضوء التقديرات الإسرائيلية أنها حرب داخل البيت، بينما سائر الحروب التى خاضتها إسرائيل ضد العرب، كانت تجرى على مسارح العمليات العربية، دون مساس كبير بالداخل الإسرائيلى، وحتى فى حربى لبنان 2006 وغزة 2009، انهمرت الصواريخ على إسرائيل من لبنان وغزة، فتسببت فى الكثير من الرعب، لكن الخسائر المباشرة فى الأرواح لم تكن كبيرة أو مؤثرة.
ويعتقد المسئولون الإسرائيليون أن اندلاع انتفاضة ثالثة أمر صعب، لكنه ليس مستحيلا، فتكرار الانتفاضة الثانية بتفاصيلها كافة، إمكانية وصول الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل وتنفيذ عمليات استشهادية، لم يعد سهلا كما كان عام ألفين، بعد أن انتهت إسرائيل من بناء الجدار العازل الذى يفصل بين إسرائيل وما تبقى للفلطسينيين من أراضى الضفة الغربية.
وخلال الانتفاضة الثانية شنت إسرائيل حربا عاصفة على أجهزة الأمن الفلسطينية، ودمرت الكثير من بناها التحتية وأسلحتها، وأفرادها، بينما تحتجز نحو عشرة آلاف فلسطينى فى سجونها، معظمهم من الناشطين فى الأجنحة المسلحة للفصائل الفسطينية فى الضفة.
أما غزة التى لا تزال فيها الفصائل الفلسطينية تحتفظ ببعض عافيتها، فهى كما يرى الإسرائيليون خارج إطار التأثير المباشر على إسرائيل بعد الانفصال الذى تم بين الضفة وغزة، واستقلال حماس بها، ورغبتها فى تدعيم أركان حكمها على حساب إشعال حرب صواريخ جديدة على المستوطنات والتجمعات اليهودية.
داخل الدوائر الأمنية والسياسية الإسرائيلية يبدو هناك حالة من الاطمئنان لأن تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى صعوبة تجدد انتفاضة فلسطينية وشيكة، أو بنفس القوة والفاعلية التى شهدتها انتفاضة 2000، وربما تكون هذه التقديرات الأمنية سبباً من بين أسباب أخرى وضعها المسئولون الإسرائيليون فى الاعتبار لعدم تمديد تجميد الاستيطان.. لكن هل سيستمر الوضع هادئاً فى الأراضى الفلسطينية حسب التقديرات الإسرائيلية؟.. سؤال ينتظر الجميع إجابته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة