"أراضى الدولة ثروة من ثروات مصر، وأرباحها أعلى من أرباح المخدرات".. هكذا بدأ المهندس يحيى حسين المنسق العام لحركة "لا لبيع مصر" ومفجر قضية الفساد فى تقييم عمر أفندى، حديثه فى منتدى شركاء التنمية 31 تحت عنوان "الشفافية والعدالة فى تخصيص أراضى الدولة"، الذى عقده المركز أمس الاثنين.
وضرب حسين المثل بعدد من الأراضى بيعت بثمن بخس، خصصتها هيئة المجتمعات العمرانية لأمانة السياسات بالحزب الوطنى التى خصصتها بالأمر المباشر لأعضائها – أى أن البائع من أمانة السياسات والمشترى من أمانة السياسات والبيعة أرض مصر التى هى ملك الشعب المصرى والأجيال القادمة.
وأضاف بأن الأراضى هى كلمة السر فى كافة صفقات الخصخصة التى تدعى الحكومة أنها توقفت، بينما فى الواقع لم تتوقف، والأهم من ذلك عندما أعلنت وزارة الاستثمار أنها تخلصت من "الديون التاريخية" فى الفترة من نوفمبر 2009 – إلى إبريل 2010، كان السر فى ذلك هو التصرف فى 6 ملايين متر مربع مقسمة على 165 قطعة متميزة من أراضى شركات القطاع العام، تم التنازل عنها لصالح الدائينين دون مزاد علنى، وبأسعار أقل من الزهيدة مثل 115 جنيهاً سعر المتر فى المنتزه، و800 جنيه سعر المتر فى محرم بيك بالإسكندرية.
ووافقه المهندس حمدى الفخرانى الحاصل على ماجستير تخطيط اقتصاديات الدول النامية وصاحب دعوى بطلان عقد مشروع "مدينتى"، فى أن المكسب من التجارة فى أراضى الدولة أعلى من مكسب تجارة المخدرات، مدللاً على ذلك بقضيته مع شركة "طلعت مصطفى" التى بواقع الأوراق الرسمية كانت مديونة للبنك الأهلى بمبلغ 100 مليون جنيه فى 2001، وبعدها بسنوات كشفت الصحافة عن زواجه السرى من المطربة سوزان تميم وما كلفه من ملايين فى الزواج منها، وملايين فى التخلص منها وقتلها، وملايين أخرى فى الدفاع عن نفسه والهروب من حكم الإعدام الذى صدر ضده – أى أن مدينته وليست مدينتى كانت السبب وراء هذه الطفرة الكبيرة فى ثروته.
وتحدث "الفخرانى" عن بداية القضية، قائلاً: "عندما توجهت لهيئة المجتمعات العمرانية أطلب قطعة أرض 500 متر لبناء بيت لى ولأبنائى، حجبت عنى وفى المقابل وجدت من يقول إن شركة طلعت مصطفى حصلت على آلاف الأفدنة بالأمر المباشر، وعندما حاولت الحصول على صورة العقد وجدته سراً من أسرار الدولة".
وتابع: "فى هذه اللحظة قررت أخذ حقى بالقانون، وأرفع قضية أطالب فيها بالمعاملة بالمثل، ولكن محامى طلعت مصطفى رفع ضدى قضية يطالبنى بتعويض 10 ملايين جنيه، لأننى وضعت اسم طلعت مصطفى فى قضيتى ضد هيئة المجتمعات العمرانية، وبعدها توالت الأحداث حتى حصلت على حكم مجلس الدولة ببطلان عقد مدينتى".
وأضاف الفخرانى: "بمجرد وصولى لعقد مدينتى، وجدت أن حوالى 300 مليار جنيه ضاعت على الدولة، بالإضافة إلى 45 مليون جنيه قيمة توصيل المرافق للمدينة التى اشترط العقد أن تقدمها الدولة، وغيرها من الشروط المجحفة وعقد الإذعان من شركة "طلعت مصطفى" على الدولة، مشيراً إلى أن أرض مشروع "ابنى بيتك" الذى استفاد منه آلاف الشباب يمثل ثلث أرض مدينتى التى خصصتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لشركة "طلعت مصطفى".
وفنّد الفخرانى المزاعم التى ادّعتها شركة طلعت مصطفى عقب صدور الحكم، مشيراً إلى أنه عند شراء الأرض لم يكن هناك أى مساهمين أجانب كما تدعى الشركة، وأنه طالب بنقل أوراق القضية للتحكيم الدولى، حتى وإن ثبت وجودهم، فحصتهم تقل عن نصف المليار جنيه، وبالتالى ثمن الأرض يغطى الخسارة.
وأضاف الفخرانى: "بلغ عدد حاجزى الواحدات 27 ألف حاجز بحسب أوراق الشركة، تم تسليم حوالى 200 شقة، وحتى مع تسليم كل الوحدات فمساحة الأرض التى تم البناء عليها لا تزيد عن 10% من مساحة الأرض الكلية، وقد طالبنا بتخفض أسعار الوحدات لهم"، مشيراً إلى أنه بالنسبة لحمَلة الأسهم فطبقاً للقانون يحظر بيع أسهم المشروع بالبورصة قبل دفع ثمن الأرض كاملاً، وبالتالى عرض أسهم المدينة فى البورصة هو مخالفة قانونية جسيمة.
وأبدى الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون الدولى بجامعة الزقازيق والمسئول السابق بهيئة الأمم المتحدة، أسفه عندما سمع أن من ساعد طلعت مصطفى فى الحصول على أراضى الدولة "قانونيون" سخّروا جهدهم وخبراتهم فى خدمة المصالح الشخصية ونسوا مصلحة البلد.
وقال "فرحات"، إن التجارة فى أراضى الدولة، حلقة من حلقات الفساد التى لم تشهدها مصر حتى فى عصور الاحتلال، مؤكداً أن قضية "مدينتى" هى قمة جبل الجليد، ومازال الجبل مختبئاً، وهناك عشرات الأمثلة كانت بمثابة الزلازل فى الاقتصاد المصرى.
وتعجب فرحات من أعضاء اللجنة التى طلب الرئيس مبارك تشكيلها لبحث قضية "مدينتى"، كيف تضم ممثل لهئية المجتمعات العمرانية وعدد من ذوى المصلحة فى إتمام الصفقة، مؤكداً أن الحكومة الحالية غير مؤهلة للتعامل مع أزمة مدينتى.
وتشكك الحاضرون فى قدرة اللجنة على بيع الأرض بسعرها الحقيقى فى مزاد علنى، وتطبيق حكم مجلس الدولة، مشيرين إلى أن التنفيذ يحتاج لمنظور سياسى وليس "قانونى".
فى ندوة "الشفافية والعدالة فى تخصيص أراضى الدولة"
خبراء :مكسب التجارة فى أراضى الدولة أعلى من أرباح المخدرات.. يحيى حسين: الأراضى كلمة السر فى صفقات الخصخصة.. والفخرانى: "مدينتى" سبب الطفرة فى ثروة "هشام طلعت"
الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010 07:59 م
جانب من الندوة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة