قضت محكمة جنايات جنوب القاهرة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة اليوم الثلاثاء، وفى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً بمعاقبة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بالسجن 15 عاماً وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى 25 عاماً بتهمة قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، بالإضافة إلى 3 سنوات للسكرى عن تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، مع مصادرة الأموال والسلاح، ورفض الدعويين المقامتين من عادل معتوق ورياض العزاوى، وإحالة الدعوى المقامة من أسرة سوزان تميم للمحكمة المدنية المختصة، مع رفض الدعوى المقامة ضد وزير العدل بشأن حضور المحامين الأجانب، وذلك بعد اتهامهما بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.
حكم اليوم جاء بعد 13 جلسة ساخنة من الجولة الثانية للمحاكمة التى تحصن فيها هشام طلعت مصطفى بـ 8 من كبار المحامين الجنائيين فى مصر، على رأسهم بهاء أبوشقة وحسنين عبيد وعبد الرءوف مهدى ومحمد بهاء أبو شقة وأسامة حسنين عبيد، بالإضافة إلى فريد الديب وحافظ فرهود، وسط تلك الجلسات استمعت المحكمة إلى أقوال عدد كبير من شهود النفى، ولم يترافع أى من أعضاء هيئة الدفاع البالغ عددهم 10 محامين، كما لم يقدم أى منهم أية مذكرة دفاع على غرار ما هو متبع ومنطقى فى جميع القضايا طبقاً لقانون إجراءات المحاكمة الجنائية.
فور إصدار الحكم مباشرة علا صوت عم هشام طلعت قائلا "حرام يعنى إيه اللى بيحصل ده.. ده تهريج.. إزاى ينطق بالحكم ولسه القضية شغالة والمحامين مقدمين طلبات.. وما اترفعوش فيها.. أقارب هشام طلعت مصطفى هدأوا قليلاً من غضب عم هشام طلعت مصطفى، غير أنهم فوجئوا بسحر طلعت يعلو صوتها فى القاعة بعد أن تلقت الحكم فى صمت رهيب، غير أن أبناء شقيقها هانى طلعت مصطفى اصطحبوها سريعا إلى خارج قاعة المحكمة خوفاً من أن تتعرض لانهيار عصبى أو إغماء مثل ما تم فى جلسة النطق بالإعدام فى الجولة الأولى من المحاكمة، ورددوا عليها عبارة "الحمد لله الأمل فى النقض كبير.. الأمل فى النقض كبير" فى محاولة لتهدئتها.
أما المحامون فكانت آراؤهم متباينة، وبدت على وجوههم علامات الاستغراب والدهشة، فالمستشار بهاء أبو شقة عضو هيئة الدفاع قال لليوم السابع إنه حضر المئات من جلسات المحاكمة الجنائية فى جميع الجرائم على مدار حياته الطويلة، غير أنه لم يشهد ما تم بجلسة اليوم (الثلاثاء)، مؤكداً أن حكم اليوم باطل تماما طبقا لإجراءات المحاكمة الجنائية، واصفا ذلك بتعبيره "حكم مخالف تماما للقانون".
فيما أكد المستشار حافظ فرهود مستشار عائلة طلعت مصطفى أن الحكم بقدر ما هو باطل، إلا أنه مفيد فى الوقت الحالى، وذلك لأنه نفى تهمة سبق الإصرار والترصد الواردة فى أمر الإحالة، فضلا عن أنه يكشف عن أن القاضى أخذ بالتنازل المقدم من عائلة سوزان تميم وخفف الحكم إلى 15 عاما.
452 يوماً فارقة فى حياة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، وتحديداً منذ صدور حكم من المستشار المحمدى قنصوة بإعدامه شنقاً فى 25 يونيو 2009 وحتى صدور حكم اليوم الثلاثاء 28 سبتمبر بالسجن 15 عاما مشدداً فى قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، وهو الحكم الذى ينقذ هشام من حبل المشنقة بعد كابوس حبل المشنقة الذى طالما راوده فى الليالى الطويلة الماضية التى قضاها بمحبسه بسجن طره يفكر فى مخرج قانونى للقضية.
حكم اليوم لم ينقذ هشام فقط من حبل الإعدام، وإنما أنقذ محسن السكرى أيضاً لصدور حكم بشأنه بالحبس 25 عاماً بدلا من حكم الإعدام الذى صدر بحقه فى الجولة الأولى من المحاكمة، فضلاً عن ما قاله عاطف المناوى محامى المتهم الأول "الأمل فى النقض كبير"، وهو ما يتماثل مع ما أكده الدكتور عبد الرءوف مهدى محامى المتهم الثانى من أنهم سيتقدمون بالطعن على الحكم فور صدور الحيثيات.
جلسة اليوم جاءت مختلفة بكل المقاييس عن الأوضاع المنطقية المتبعة فى جميع المحاكمات، ففى الحادية عشر صباحاً انعقدت الجلسة، والمنتظر أن يتم فيها الاستماع إلى أقوال الشهود الذين طلبتهم هيئة الدفاع عن هشام والسكرى، غير أن بداية انعقاد الجلسة كانت بمفاجأة، وهى تراجع هيئة الدفاع عن المتهم الأول عن الاستماع إلى أقوال 26 شاهداً من الشهود الذين طلبوهم من قبل، حيث طلب دفاع هشام طلعت الاستماع فقط إلى أقوال 6 فقط من الشهود، وهم الدكتورة هبة العراقى والدكتور عادل السنهورى وشعيب على أهلى وكيل نيابة بر دبى والنقيب أحمد عبد الله ناصر بشرطة دبى ورئيس وحدة الكلاب البوليسية بدبى، بالإضافة إلى المختصين عن تشغيل الكاميرات المراقبة فى يوم 28 يوليو 2008 فى كل من برج الرمال وفندق الواحة.
تراجع دفاع هشام عن الاستماع إلى أقوال 26 شاهداً فى القضية دون الرجوع إلى أخذ رأى دفاع محسن السكرى، خاصة أنهم اتفقوا سويا على أسماء الشهود فى الجلسة السابقة ما أثار غضب عاطف المناوى محامى السكرى، وبدا منفعلا طيلة الجلسة.
بعد تلك المفاجأة كان جميع الحاضرين بقاعة المحكمة أمام مفاجأة جديدة فجرها المستشار مصطفى سليمان المحامى العام للنيابة بأن النائب العام المصرى أرسل مذكرة إلى النائب العام الإمارتى بها قائمة بأسماء الشهود بدبى الذين طلبهم الدفاع بالجلسة الماضية، وقد رد النائب العام الإماراتى فى خطاب رسمى مفاده أنه تعذر حضور أى من شهود دبى المطلوبين فى القضية.
المحكمة بدأت بعدها الاستماع إلى أقوال أول شاهدة فى القضية وهى الدكتور هبة العراقى الطبيبة الشرعية، والتى وجه لها فريد الديب العديد من الأسئلة فيما يتعلق بفساد العينة إذا شمها كلب، فردت الدكتورة قائلة إنها لا تعرف ولا تستطيع أن تحدد ذلك بالضبط، غير أنها فسرت ذلك منطقيا قائلة إنه "من الممكن شخص قتل شخص بفأس، ويحمل الفأس آثار دماء ويحمل روثاً وأتربة"، مشيرة إلى أنه قد تكون العينات الواردة بالفأس صالحة لاستخراج DNA.
وطيلة 45 دقيقة وجه عاطف المناوى عشرات الأسئلة إلى هبة الجبالى، وأخذ يجادلها حول طبيعة استخراج العينات ونوعها، وهل ما إذا كانت تستطيع أن تحدد نوع العينة فى حال تحديد الوقت المستخدم فى تحليها، حتى علا صوت محسن السكرى من داخل القفص، وسأل الدكتورة سؤالين أولهما: هل يا دكتورة حضرتك تعاملتى مع أى آثار بيولوجية لها علاقة بى، فردت الدكتورة قائلة "أنا تعاملت مع الآثار الدموية، ولم أتعامل مع كل الآثار البيولوجية"، مشيرة إلى أنها حصلت على عينة من التى شيرت ومسحات من البنطلون.
فوجه لها السكرى سؤالاً آخر مفاده: هل وجدتِ أى بصمات مختلطة لى على الملابس؟ فردت الدكتور قائلة: "لا"، وهى الإجابة التى كان ينتظرها محسن السكرى وهيئة الدفاع لما لها من دلالة على أنه لا يوجد لمحسن السكرى أى بصمات على الملابس.
وبعد ذلك بـ5 دقائق استمع القاضى فيها إلى أحد المتخصصين فى الحمض النووى، ثم رفع الجلسة للمداولة، ليفاجأ الجميع بصدور الحكم.
موضوعات متعلقة..
والد سوزان تميم: تخفيف الحكم مفاجأة وأبحث الرد قانونياً
ضاحى خلفان: عقوبة هشام والسكرى تؤكد دقة معلومات شرطة دبى
15 سنة سجناً لهشام طلعت والمؤبد للسكرى
ردود أفعال تخفيف الحكم على هشام طلعت والسكرى.. أبوشقة: سنطعن على حكم هشام طلعت فور صدور الحيثيات.. ووالد سوزان تميم: القرار مفاجأة وأبحث الرد قانونياً.. وضاحى خلفان: العقوبة تؤكد دقة معلومات شرطة دبى
تم حذف عدد كبير من التعليقات تضمنت تعليقاً مباشراً على الحكم بما يمس هيبة القضاة وتهيب اليوم السابع بالقراء الأعزاء التعبير عن آرائهم دون الخوض فى السمعة الشخصية أو فيما ينال من المؤسسة القضائية
حلم هشام والسكرى بالنجاة من "حبل المشنقة" أصبح حقيقة.. 15 عاماً لرجل الأعمال و28 للسكرى بعد 13 جلسة ساخنة بدون الاستماع إلى مرافعات هيئة الدفاع.. وأسرة طلعت مصطفى "الحمد لله الأمل فى النقض كبير"
الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010 04:23 م
جانب من جلسة اليوم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة