الاثنين الماضى دعت السفيرة منى عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية الإعلاميين والأكاديميين المهتمين بالشأن الأفريقى للقاء خاص، خصصته للاستماع لآراء من حضروا وأفكارهم التى يمكن أن تستند لها الخارجية فى تكثيف تواجدها أفريقياً، وللتوصل إلى وسيلة تكفل اهتمام الإعلام المصرى بالأخبار والأنشطة الأفريقية التى كادت أن تختفى من الصحف المصرية إلا ما ندر.
اللقاء كشف عن عدة حقائق، منها على سبيل المثال التجاهل التام الذى تبديه الصحف خاصة القومية لنشر الأخبار المتعلقة بالشأن الأفريقى، مفضلين الأخبار الواردة من الغرب عن الجنوب ، باعتبار أن رياح الغرب أفضل لهم من حرارة الجنوب ، بالإضافة الى جهل بعض الإعلاميين بالتنمية التى تحولت إلى الطابع الرئيسى لهذه الدول فى الفترة الحالية .
الحقيقة الثانية التى كشف عنها اللقاء هى ضعف التمويل المخصص من جانب الدولة للصندوق المصرى لدعم التعاون الفنى مع أفريقيا والتابع لوزارة الخارجية، فهذا الصندوق وفقا لما قالته السفيرة فاطمة جلال الأمين العام له ميزانيته لا تتجاوز 80 مليون جنية سنويا ، فى حين أنه مطالب بالعمل فى غالبية الدول الأفريقية وتقديم الدعم الفنى والتدريبى والطبى لهذه الدول ، وهو ما يكشف إلى مدى تتجاهل الحكومة بل تهمل عن عمد المطالب المتعددة من مسئولى الصندوق لزيادة الدعم له ، خاصة أن الصندوق يعتبر الوحيد الآن فى مصر الذى يمثل الذراع المصرى فى أفريقيا بعد أن فقدت شركة النصر للتصدير والاستيراد دورها الذى كانت تضطلع به فى ستينات وسبعينات القرن الماضى ، حتى أن رجال الأعمال ممن حاولت وزارة الخارجية إقناعهم للتوجه نحو السوق الأفريقى مازالوا حتى الآن يتجاهلون أن لهم دور وطنى تمليه عليهم طبيعة انتمائهم لمصر ، فهم للآن لا هم لهم سوى الكسب دون النظر الى ما تحتاجه الدولة المصرية منهم.
قبل هذا اللقاء أعدت وزارة الخارجية اجتماعا مع سفراء الدول الأفريقية المعتمدين بالقاهرة مع مسئولين من وزارتى الخارجية والداخلية ، وودعت الخارجية أيضا الإعلام لحضور هذا الاجتماع وتغطيته ، وخلال هذا الاجتماع كشف عدد كبير من السفراء عن المشاكل التى تواجههم إثناء عملهم بالقاهرة ، ومنها تجاهل الوزراء المصريين لمجرد الرد على طلباتهم او الالتقاء بهم ، فلا يعقل أن سفير لدولة افريقية موجود بالقاهرة منذ 3 سنوات كما قال فى الاجتماع ، ويفشل هذا السفير خلال تلك المدة فى لقاء أى وزير مصرى !
المحصلة النهائية لهذا اللقاء وذاك الاجتماع أن هناك تجاهلا متعمدا من الحكومة للشأن الأفريقى، هذا التجاهل ستجنى الدولة المصرية ثماره المأساوية تباعا .. ولن تكون أزمة حوض النيل هى الأخيرة ، إنما قد تكون جرس الإنذار إن أردنا الانتباه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة