أنتمى إلى جيل ترَّبى على السلاسل الثقافية التى كانت تصدرها الكويت فى الثمانينيات فى طباعة أنيقة وأسعار رمزية مثل "عالم المعرفة" و "المسرح العالمى" فضلاً عن مجلة "العربى"، التى كانت ذائعة الصيت ويحرص عليها كل مثقف من المحيط إلى الخليج..
كانت الكويت صغيرة بمساحتها، كبيرة بدورها الثقافى، ومازالت حتى الآن أذكر "خناقاتنا" نحن طلبة الثانوية العامة من شلة مثقفى الريف على كتاب "الطاغية" للأستاذ الدكتور عبد الفتاح إمام، والذى أذهلنا بتحليله الدقيق المدهش لبذور الديكتاتورية عند الكثير من خلفاء بنى أمية وبنى العباس ممن حكموا باسم الإسلام وارتكبوا الفظائع فى حق الدين والأمة... كان العدد الجديد من "العربى" بمثابة موعد غرامى نترقب قدومه مع أول كل شهر ونحن فى قرانا البعيدة الملقاة على أطراف الدلتا... وكانت كتب عالم المعرفة ـ رغم ثقلها العلمى ـ على رأس أولوياتنا ونحن نخطط لإنفاق مصروفنا من الجنيهات المعدودة...
لكل هذا، شعرت بالأسى والحزن والدهشة من أن يدور الزمن دورته وتدير الكويت ـ أو البعض فى الكويت ـ ظهرها إلى هذا التراث من الاستنارة والليبرالية، ويتم منع مؤلفات كل هذا العدد الضخم من الكتاب المصريين فى معرض الكويت الدولى للكتاب.. فمن علاء الأسوانى ويوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد إلى هيكل ومحمد عمارة وجلال أمين وفهمى هويدى.. من الأدب والسياسة إلى الإسلاميات والسير الذاتية.. سمك.. لبن.. تمر هندى.. والمدهش أن يصر المسئولون فى الكويت على دعوة من تم منع كتبهم.. طيب فى إيه بتمنعوا الكتاب وفى إيه بتدعوا المؤلف..!
أتمنى أن يعيد الأخوة الكويتيون النظر فى الأمر، فلسنا بصدد سجال مصرى ـ كويتى، أبداً.. وإنما مواطن عربى غيور على تجربة ثقافية جديرة بالاحترام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة