من حق التعليم أن تزيد مواردها بالطرق القانونية وأن تحصل على حق الملكية الفكرية لمؤلف الكتاب، وهذا ما يقبله العقل والمنطق، كما نقر أيضا أن دور النشر قد حققت أرباحا هائلة ومكاسب عظيمة طوال سنوات عديدة من نشر وبيع الكتب الخارجية، ولكن المبالغ فيه هو حجم المبالغ الطائلة التى تطالبهم بها التعليم والتى قد تصل لملايين الجنيهات، ويتوقع الجميع فى حالة انتهاء الأزمة أن تزيد دور النشر من ثمن الكتاب لتعويض نقص المكاسب التى اعتادت عليها إذا ما دفعت هذه المبالغ للوزارة نحن لسنا ضد التعليم ولا ضد دور النشر، ولكن دعونا نناقش وبمنتهى الموضوعية ما سوف يترتب على هذه الأزمة من نتائج..
أولا: ستتحول تجارة الكتب الخارجية إلى سوق سوداء وسوف يتم طباعتها سرا وتهريبها، كما يتم تهريب الممنوعات، وسوف يستغل أصحاب المكتبات ومنافذ التوزيع الفرصة لمضاعفة ثمنها.
ثانيا: سيلجأ الطالب فى حالة عدم حصوله على الكتاب الخارجى إلى السلعة البديلة ألا وهى المذكرات والملخصات التى يعدها مدرسو الدروس الخصوصية والذين سوف تفتح لهم أبوابا خلفية جديدة لمص دماء ولى الأمر مستغلين حاجة الطلاب، وسوف يكون المتضرر الوحيد هو الطالب الفقير وولى أمره، فهناك الكثير من الفقراء ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف الدروس الخصوصية، فقد اعتاد الكثير منهم على شراء الكتب الخارجية والاعتماد على أنفسهم فى المذاكرة منها لما بها من وضوح ويسر وتفصيل فى الشرح، كما أن بها المزيد من التدريبات ونمازج الامتحان، ومن هنا كان لزاما على التعليم إيجاد الحلول بدلا من التصعيد الأمنى الذى رفضته دور النشر، واعترضت عليه بشدة، فبدلا من مداهمة دور النشر بحثا عن الكتب كان بالأحرى أن يداهموا أوكار الدروس الخصوصية التى يديرها "مافيا الدروس الخصوصية" علنا على مرأى ومسمع من الجميع، وبدون أية رقابة من الوزارة ولا أى نوع من الردع.
لماذا لا يلجأ التعليم إلى تحسين الكتاب المدرسى وتطويره وتبسيط طريقة عرضه مع شىء من التنظيم والتدريبات، ليغنى الطالب عن أى مصدر خارجى يستغله ويملى عليه شروطه.
لماذا لا تشمل محاولات الوزير الجادة للإصلاح اهتمامه بكتاب الوزارة بدلا من ملاحقته لمديرى دور النشر؟ لماذا لا يلاحق حيتان الدروس الخصوصية؟ لماذا لا يضع التعليم خطة متكاملة لإصلاح المنظومة كلها وتركز الاهتمام على جميع عناصرها من تلميذ ومعلم ومبنى ومنهج وكتاب؟ عندما جلس الدكتور أحمد زكى بدر على كرسى الوزارة كانت أول تصريحاته أنه لن يكون وزيرا لداخلية التعليم، ولكن الظاهر من صولاته وجولاته أنه سيأتى اليوم الذى نرى فيه التلميذ يسير وخلفه اثنان من المخبرين يقومان بتفتيش حقيبته ليريا إن كان يحمل (أسلحة) ممنوعة أم لا.
وقبل أن أختم حديثى لى كلمة صغيرة لمباحث التموين أحب أن أعرفهم بأن كيلو الطماطم وصل سعره سبعة جنيهات وست الخضار (الكوسة) بخمسة جنيهات، وأن هناك من الأولويات التى تستحق اهتمامها والتفتيش عليها ومداهمة المخالفين فيها أكثر من دور النشر!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة