تابعت أمس الأحد، باهتمام شديد الحوار الذى أجراه الصديق عبد اللطيف المناوى فى برنامجه "وجهة نظر" مع البابا شنودة ثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة، خاصة حينما اعتذر عن التصريحات المنسوبة لسكرتير المجمع المقدس الأنبا بيشوى، والتى أثارت غضباً شديداً.
وأعتقد أن البابا شنودة يتحلى بمسئولية وشجاعة وحكمة لا يتحلى بها الكثيرون من الملسمين والمسيحيين على السواء، وقد تجلت هذه الخصال بشل كبير أمس فى الاعتذار الذى قدمه على شاشة التليفزيون، وهو اعتذار لا ينهى فقط حالة الاحتقان التى تسببت فيها تصريحات الإنبا بيشوى، وإنما تكشف عن شجاعة هذا الرجل وإيمانه بوطنه، وبأهمية تماسك تركيبته السكانية المتنوعة.
صحيح أن البابا تحدث فى الحوار المهم عن كثير من الموضوعات التى لم يسبق الحديث فيها، ووضع النقاط على الحروف، لكننى أتوقف بشكل خاص أمام شجاعة الاعتذار التى تحلى بها، خاصة وأن فضيلة الاعتذار تبدو غائبة عن المشهد العام فى مصر، حيث لم يعد أحد يعترف بالخطأ ويعتذر عنه لا من رجال السياسة، أو الدين، أو الصحفيين والإعلاميين، أو فى شتى مناحى الحياة.
البابا شخصية دينية رفيعة، وهو المرجعية الروحية لمعظم المسيحيين الأرثوذكس الشرقيين فى سائر أنحاء العالم، لكنه فى نفس الوقت مواطن مصرى، ولد فى هذا الوطن وتربى فيه وأدى الخدمة العسكرية وحمل السلاح دفاعا عن الوطن، ومن أجل تحرير الأرض المحتلة.
والبابا شنودة هو من رفض ويرفض بإصرار زيارة القدس، وله مقولة تاريخية يقول فيها إنه لن يزور القدس إلا بعد تحريرها، وهو يمسك بيد شيخ الأزهر، وهذا البابا هو من رفض أن يحج المسيحيون المصريون إلى الأراضى المقدسة فى فلسطين المحتلة، وطالب من خرج عن هذا القرار بنشر اعتذارات فى الصحف بمثابة التوبة عن الخطأ.
أنا شخصيا أحترم البابا شنودة جدا، وأراه رمزاً دينياً معتدلاً وشجاعاً ومتسامحا، وقد زادت محبته فى قلبى بشجاعة الاعتذار التى أتمنى أن تمتد وتصبح فضيلة عامة فى مجتمع لا يعترف بأخطائه ويراها نقيصة، بينما أول طريق التغيير والإصلاح أن نعترف بأخطائنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة