أتحدث إلى صديقة لى، هى مسيحية، أعتز بصداقتها جداً، كنا نتناقش سوياً عن مستقبلنا العملى وعن حال البلد، ربما لأننا نشترك سوياً فى دراسة العلوم السياسية وكذلك نشترك فى هموم الوطن، وطن واحد نحمل همومه سوياً وبنفس القدر، ونمنى النفس بأن يصبح أفضل حالاً مما هو عليه.
لم يقطع حديثنا سوى أنها أرسلت لى "لينك" لإحدى الصفحات على موقع الفيس بوك، تقول لى، انظر يا صديقى ماذا يفعل المرضى فى هذا الوطن ؟، ماذا يفعل المأجورون الذين يريدون الوقيعة بيننا؟؟!!.
أثار غضبى ما قرأت ولم أكن لأصدق لولا أنى رأيت بعينى، الصفحة معنونة "قاطع مسيحياً تنقذ مسلماً"، وبعدما قرأت ذلك العنوان، شعرت بأنها هناك مؤامرة ما تحاك ضد هذا الوطن، رغم أننى أكرة نظرية المؤامرة، إلا أن تكرار الأحداث فى الفترة الأخيرة هو أمر يدعو للاستغراب.
قاطع مسيحياً تنقذ مسلماً، هو عنوان بحاجة إلى بعض البهارات حتى يكون أكثر جاذبية، وأكثر رونقاً، فليكن "قاطع مسيحياً" تكسب عروسة هدية أو ليكن "قاطع مسيحياً تحصل على وظيفة فورية"، ولما لا يكن "اقتل مسيحياً ولك الجنة"!!
المرضى الذين يرددون مثل تلك الشعارات قد يجذبون عدداً ممن لا يعرفون عن الدين سوى إطلاق اللحية، ولا يعرفون عن الدين أنه "لا إكراه فى الدين".
هو عنوان جاذب لكل مريض نفسى، ولكل من هو عدو لهذا الوطن، هو عنوان صادم لكل مسلم حر مؤمن بإسلامه وبدعوات الرسول للحوار مع الآخر حتى ولو كان كافراً "وجادلهم بالتى هى أحسن"، ولكل مسيحى حر مؤمن بمسيحيته، وأن المسيح جاء بالخير والمحبة.
خاصة بعد قضية كاميليا والتدخل الأمنى، والتكهنات حول أنها تم اختطافها من قِبل الكنيسة بعدما أعلنت إسلامها، أما أنها بالفعل كانت فى زيارة لإحدى صديقاتها، وأنها مازالت على المسيحية؟!!
لا أعلم ماذا قد يكسبه المسلمون إذا تحول المسيحيون إلى الإسلام، لأننى على يقين أنه ليس بكثرة العدد يستقى الدين قوته، وكذلك لا أعلم ما قد يخسره المسلمون إذا تحول عدد منهم إلى المسيحية، فالإسلام أعلنها صراحة أنه "لا إكراه فى الدين".
إثارة مثل هذه المشكلات يمهد أرضا خصبة للقلة المأجورة فى الغرب لكى يتحدثوا عن الظلم الحادث على المسيحيين فى مصر، وهو ما يستدعى التدخل فى الشئون الداخلية فى البلاد، حتى تكون محل انتقاد لكل من هب ودب.
مثل هذه العناوين هى من صناعة غير مصرية، يتم تصديرها لنا، ولا أعلم كيف يستورد العقلاء مثل هذه العناوين الحقيرة، والتى لا تريد سوى نشر الفتنة فى جسد هذا الوطن.
كذلك يمكن القول بأن عامل التوقيت هو أمر فى غاية الأهمية، خاصة وأن مصر تمر بمرحلة حرجة وخطيرة، وهناك من يحاولون تشويه أى تقدم متوقع على أرض مصر.
لا يمكن القول بأن المسيحيين يتعرضون للاضطهاد فى مصر، وإن حدث، هى حوادث فردية وعرضية لا تعبر بأى حال عن العلاقة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، لذلك هناك دور لابد للدولة والكنيسة أن يقوما به، وهو صد أى محاولات قد تثير الفتنة الطائفية فى مصر، وعقاب من يثبت تورطه فى مثل تلك الأعمال الوضيعة حتى يكون عِبرة لمن يحاول أن يتاجر باسم الدين من أجل تحقيق مصالح شخصية.
ولتظل مصر جسداً واحداً، مسلميها ومسيحييها، لا فرق بينهما سوى بالعمل والاجتهاد، يتسابقون معا على خدمة هذا الوطن، ضاربين بكل المحاولات الخبيثة للوقيعة بينهما عرض الحائط.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة