محمد حمدى

قوانين حسب الطلب.. والمقاس

السبت، 25 سبتمبر 2010 12:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحد أهم ما أسفرت عنه أزمة بيع أرض "مدينتى" لمجموعة طلعت مصطفى، أننا نعانى من أزمة تشريعات وقوانين متضاربة، فحين يقول رئيس الوزراء أحمد نظيف إن مشكلة بطلان عقد مدينتى تضارب قانونى، وليس فسادا، فهو معه بعض الحق لأن الأرض بيعت وفقا لقانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الذى يمنح الهيئة حق بيع الأرض بالأمر المباشر، بينما قانون المناقصات والمزيدات يحتم بيع أراضى الدولة فى مناقصات سرية، أو مزايدت علنية.

ولا يقتصر التضارب القانونى فى البلد على قانونى المجتمعات العمرانية والمنافصات، وإنما يمتد إلى عشرات القوانين، فى مختلف أرجاء الحياة، مما يعنى أن القوانين المصرية تتضارب وتتقاطع وتتناطح فى أحيان كثيرة.

مشكلة التشريع فى هذا البلد أنه يصدر فى المناسبات، ولمعالجة ثغرات، أو حتى لتصحيح أخطاء وقعت فيها الحكومة، لذلك عرفت مصر منذ سنوات بعيدة ظاهرة "ترزية القوانين"، وهم محامون أو قضاة سابقون أو أساتذة قانون بالجامعات تلجأ إليهم الحكومة لتفصيل قوانين حسب مقاس الشخص أو الحالة أو المناسبة المفترض أن يصدر القانون من أجلها.

وحين يتصدى ترزية القوانين لإعداد تشريعات جديدة يكون همهم الأول كيفية إعداد التشريع المفترض بما يلبى الهدف من إصداره، دون مراجعة شاملة لسائر مواد القانون، لذلك نجد قانونا خاصا بهيئة المجتمعات العمرانية يصدر متعارضا مع قانون المزايدات والمناقصات الذى يحدد الأسس القانونية للتعامل مع أراضى الدولة، وهو ما يعنى أن من تصدوا لصياغة التشريع الخاص بالمجتمعات العمرانية الجديدة، لم يكلفوا أنفسهم عناء مراجعة القوانين المعمول بها والتى يمكن أن تشكل تعارضا وتناقضا مع ما ينوون إعداده.

وقد يكون بيع الأرض لمجموعة طلعت مصطفى ليس به شبهة فساد كما انتهت تحقيقات النيابة العامة، فالأرض خصصت وفقا لنص قانون المجتمعات العمرانية، وبسعر مناسب فى توقيت التخصيص، لكن أى شىء بالأمر المباشر يظل محل شبهة، مهما روعيت أقصى درجات الحياد والموضوعية والنزاهة.
ولسد الذرائع يجب أن يتبنى البرلمان القادم بالتفاهم مع الحكومة، وبمشاركة خبراء فى أفرع القانون كافة مراجعة القوانين المصرية وكتابتها من جديد، وصياغة قوانين محكمة، لا تتعارض مع بعضها البعض، وتخلو من الثغرات التى يبرع بعض المحامين فى اكتشافها، تراعى الحق العام، والحقوق الأساسية للمواطنين المنصوص عليها فى الدستور.. أى أننا نحتاج لثورة تشريعية حقيقية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة