د. فتحى حسين

فتاوى حرق الدم

الجمعة، 24 سبتمبر 2010 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أظن – وليس كل الظن إثم – أن أصحاب الفكر الوهابى المتشدد بحاجة إلى وقفات مع أنفسهم كثيرا قبل أن يفكروا فى إصدار فتاوى على الناس وأحكام ما أنزل الله بها من سلطان.. خاصة أن نسبة الأمية مرتفعة فى الوطن العربى، خاصة فى دول الخليج العربى، فقد لا يهتم فيها معظم الأفراد بإعمال العقل والتدبر فى مدى منطقية هذه الفتاوى، ومدى اتفاقها مع العقل، بل يقبلوها على عواهنها دون تفكير من منطلق الآية الكريمة: "اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، وعلى الرغم من أن معظم هذا الفتاوى لا أسانيد قوية لها تارة وتارة أخرى تصدر وفقا لهوى أصحاب هذا الفكر الذى لا يقبل التحاور والنقاش بالعقل، ويعتبر كل رأى مختلف معه كفراً، والعياذ بالله دون أى أسانيد لهذا الكلام.. وكانت آخر الاكتشافات الاجتهادية وأحدث فتاواهم التى نشرت على الإنترنت مؤخرا، هى ما زعمه القضاء الوهابى بأن حمل المرأة قد يستمر 5 سنوات، ويحكم بنسب الطفل بعد موت الزوج بهذه المدة!!

هذا أغرب من الخيال.. فمدة الحمل فى المذهب الوهابى قد تستمر أكثر من سنة فتكون سنتين أو ثلاثة أو حتى 5 أو 7 سنين!!! بمعنى أنه يمكن بعد أن يتوفى الزوج بخمس أو سبع سنوات، ويحكم القضاء الوهابى للزوجة الحامل بنسب الولد للزوج المتوفى منذ سبع سنوات! وفى هذه الحالة يزعمون أن الطفل فى هذه الحالة يسمى (الراقد) أى الذى يرقد فى رحم أمه أى فترة يشاء!!.. ويزعمون أن هذا الطفل عندما ينزل من بطن أمه يكون قد اكتمل سنه ويصبح له شعر وأسنان.. وهذا كلام خطير جدا وله تبعات قانونية ووراثية وشرعية وأدبية، فقد تأتى أى امرأة إلى المحكمة الوهابية بعد وفاة زوجها بسنوات وتزعم أنها قد حملت منه بطفل وظل راقدا فى بطنها.. وأخرى طلقها زوجها وانفصلت صلته بها.. ثم تزعم بعد خمس سنين من طلاقها من زوجها وانفصلت صلته بها.. ثم تزعم بعد خمس سنين من طلاقها أنها كانت حاملا منه وأن الطفل ابنه.. والعجيب أن تحكم المحكمة بصحة النسب وحق الطفل فى الميراث ونفقة الأم!!

جاء ذلك فى بيان للدكتور السعودى عبد الرشيد محمد بن القاسم أمين عام رابطة التعليم والتعلم بمكة المكرمة بتاريخ 10-4-1462 منشور على الإنترنت يقول فيه: فى عام 1364 ألحق القاضى مصطفى عبد القادر العلوى رئيس المحكمة الشرعية العليا نسب طفل والدته أمه بعد خمس سنين من موت زوجها.. وحكمت المحكمة أيضا لامرأة تدعى خديجة بحقوق طفلها من زوجها الذى طلقها منذ 4 سنين وانقطعت صلته بها فألزمته بكل الواجبات الشرعية نحوها.

وقد أعلن الشيخ ابن باز بكل الفخر أنه قد ثبت لديه أن امرأة قد حملت 5 سنين، فأصدر حكما للأم والطفل بكل حقوقهما الشرعية، وتثبيت نسبتهما إلى المتوفى، ولم يكتف ابن باز بهذا، لكنه أعلن ذلك الكشف فى مؤتمر علمى عقد بجدة، وكان فيه علماء وأطباء أجانب.. وأخذ يتحداهم بهذا الكشف كما تحداهم بأن من قال إن الأرض كروية فهو كافر يحق دمه على المسلمين!! أعتقد – وقد يتفق الكثيرون معى – أن مثل هذه الفتاوى وغيرها من فتاوى إرضاع الكبير بين الرجل والمرأة الغريبة عنه فى العمل.. وشرب بول الجمل للشفاء....إلخ كلها فتاوى خطيرة تسىء إلى ديننا الحنيف الوسطى المتسامح مع الغير.. وتشوه صورة المسلمين لدى الآخر من الدول المتقدمة، وتظهرنا فى صورة المتخلفين والرجعيين! وقد يحزننى أن العالم يفكر الآن فيما سيحدث عام 2050 وكيف يستطيع ملاحقة التطورات فى التكنولوجيا وبعض الظواهر مثل الاحتباس الحرارى وأزمة المياه فى المستقبل وغيرها من التحديات.. لقد صدق المتنبى حينما قال: "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"!!
• أكاديمى مصرى .






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة