أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات

إبراهيم باشا ينقلب على محمد على

الخميس، 23 سبتمبر 2010 12:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أستكمل ما بدأته منذ أيام عن شخصية إبراهيم باشا الابن الأكبر لمحمد على والى مصر، وذلك من خلال مذكرات نوبار باشا الصادرة عن دار الشروق.

بدأت فى الأمس بتناول قصة الصراع الذى دار بين محمد على وولده إبراهيم، حول حكم مصر، وبدأ هذا الصراع فى السنوات الأخيرة من حكم محمد على، ولم يتوقف إلا بموت إبراهيم.

وقع إبراهيم باشا مريضاً مرة أخرى عام 1847، وسافر إلى مدينة بيزا وفلورنسا الإيطاليتين، ورافقه نوبار باشا فى هذه الرحلة، وفيها لاحظ بعض التغيرات على طباع وعادات إبراهيم الذى كان مضطرباً وقلقاً يترصد وبشكل دائم الأخبار من الإسكندرية، وكان مبعث القلق أنه وجد أن والده تأخر كثيراً فى التنازل له عن مكانه، كما أنه اشتاق إلى هذا التنازل بعد شعوره بأنه فى منأى من النبوءة التى كانت تقول أن حياة محمد على ستكون أطول من حياة إبراهيم، خصوصاً بعد أن توفى أحد أقاربهم واسمه إبراهيم، وظن إبراهيم أن النبوءة تحققت وأن القدر ارتضى له الحياة، لكن المشكلة من وجهة نظره أن الوقت طال دون أن يصبح والياً.

فى عام 1848 أصيب محمد على بمرض الدوسنتاريا الحادة وترك مصر متجهاً إلى جزيرة مالطة للمثول فى الحجر الصحى، ومع استفحال المرض لجأ الأطباء إلى دواء عبارة عن محلول نترات الفضة، ونجحت فى وقف المرض لكنها فى الوقت نفسه نالت من قدراته العقلية، فأصبح مريضاً بـ"الخرف" أو الزهايمر.

عاد محمد على إلى القاهرة بعد رحلة علاجه لتبدأ المشكلات والمصاعب، فلم يكن بمقدور إبراهيم أن يعلن جنون والده، وفى نفس الوقت لم يكن بمقدوره التسليم بقواه العقلية، وعلى إثر هذا التناقض تقرر عدم تغيير أى شىء فى سير الأمور من الناحية الشكلية، فيما يتعلق بحكم مصر، ولجأ النظار ورؤساء الإدارات فقط إلى إبراهيم لتلقى الأوامر أو عرض مقترحاتهم عليه، ورفض إبراهيم اقتراحاً قدمه إليه البعض بتكوين مجلس وصاية برئاسته، لأنه كان يريد أن تكون له السلطة الفعلية فى الحكم وليست مجرد وصاية يمكن فكها فى أى وقت، ومن ناحية أخرى كان يخشى من فكرة شفاء والده الذى سيجعله يدفع حياته ثمناً لكل عمل فعله لدعم سلطته رسمياً، وأمام هذه المصاعب كان التحدى الأكبر أمام إبراهيم هو تحقيق طموحه بحكم مصر بطريقة شرعية، وشرعية الحكم فى هذا العصر لم تكن مثلاً فى انتخابات ديمقراطية، وإنما كانت فى موافقة الباب العالى فى الآستانة (تركيا)، بالإضافة إلى موافقة القوى العظمى عبر ممثليها فى مصر، وموافقة الباب العالى كانت تتطلب من إبراهيم السفر إلى تركيا، ولم يكن السفر يسيرا لأسباب سياسية مختلفة، أهمها على الإطلاق هو الخوف من كشف الهدف، والهدف هنا هو الانقلاب على الأب.

وبينما كان تفكير إبراهيم مشغولاً فى كيفية السفر إلى الآستانة دون أن يتم تفسير سفره بأنه من أجل الحصول على الولاية، أصابه المرض من جديد وبقوة فى الرئة أدت إلى النزف، وعالجه كلوت بك حتى توقف النزيف لكن لم يتوقف المرض، وبعدها بفترة قليلة انتشرت الكوليرا فى مصر، وكان هذا بمثابة الحجة المثالية لسفره، الذى تم بواسطة السفينة الحربية الوحيدة الباقية من الأسطول الذى كونه محمد على، ولكى يصدق الجميع أن الغرض الوحيد من سفره هو تفشى الوباء، أرسل ابنيه مصطفى ومحمد على الذى سماه على اسم الوالى الكبير على ظهر يخت شراعى أمر قائده بالتوقف فى عرض البحر بين جزيرة رودس والإسكندرية دون الرسو فى أى ميناء أياً كانت الأسباب.

يتحدث نوبار باشا عن ثلاثة مواقف وقعت أثناء هذه الرحلة تكشف قسوة إبراهيم، وكيف كان المرض يؤثر على مزاجه العام، وكيف بلغ شكه بأن والده يطارده فى كل مكان.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة