كشف المشاركون خلال فعاليات اللقاء الفكرى الذى تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية حول الشخصية المصرية ضمن منتدى حوار الثقافات بمدينة الإسكندرية على مدار 3 أيام أن هناك تحولات جذرية ضربت الشخصية المصرية، وأصبحت هناك سمات تميزها مثل الاتكالية والفهلوة والتحايل على القانون، مستشهدين بما حدث مؤخرا فى بطلان عقد مدينتى والتحايل على القانون من أجل عبور الأزمة، مستشهدين أيضًا بمقولة الفنان الراحل صلاح منصور فى فيلم الزوجة الثانية بأن "الدفاتر دفاتر دفاترنا والرجالة رجالتنا"..
وقال الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بآداب القاهرة، إن كثيرًا من الدول العربية ومنها مصر فشلت فى إقامة الدولة الوطنية، بينما نجحت إسرائيل فى تطبيقها على الورق قبل أن تصبح دولة، مستشهدا بكتاب صدر منذ سنوات فى ذكرى مرور 50 عاما على قيام إسرائيل حدد فيه كافة انتصاراتها وإخفاقاتها على مدار 50 عاما، محملا الطبقة الوسطى مسئولية تأسيس إسرائيل.
وأضاف زايد: النفاق أصبح آلية فى تعاملات المواطن المصرى بشكل دائم ومستمر، ويتزامن مع ثقافة الفهلوة، الأمر الذى أدى إلى تدهور العلاقات المؤسسية بشكل كبير، مؤكدًا أن غياب المؤسسات بشكل كامل أدى إلى صعود ثقافة الجاهلية ونمو التعصب على حساب العلاقات الإنسانية، مشيرا إلى أن ثقافة النفط التى ظهرت فى الثمانينات والتسعينيات أحدثت تغيرات كبيرة على المجتمع المصرى، لافتا إلى أن الدين أصبح الآن موضوعًا للنقاش العام، ثم تحول إلى جزء من الأيدلوجية مع أنه من الأساس علاقة بين العبد وربه.
وتطرق زايد إلى مشكلة انعدام الثقة بين المواطن المصرى وحكومته على مر العصور، موضحًا أنها أصبحت منعدمة، لذلك تحولت هذه العلاقة إلى المواجهة وعدم الاكتفاء بالصمت والرضا، مشيرا إلى أن هذه ليست من سمات الشخصية المصرية، ولكنها لجأت لذلك من أجل التعايش مع المتغيرات الحديثة.
من جانبه قال الدكتور عبد الحميد صفوت أستاذ علم النفس بجامعة قناة السويس أن المواطن المصرى مقهور منذ آلاف السنيين، مشيرًا إلى أن المصريين لا يبدعون إلا خلف قائد يثقون فيه، مستشهدا بفترة الستينيات وقت عصر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ولافتا إلى أن سلوك الشخصية المصرية غير ديمقراطى لا تميل للتعددية وتبحث حول وحدة الصف خلف شخص تثق فيه، لذلك من الضرورى أن يكون لدينا ديمقراطية تتناسب مع الثقافة المصرية.
وقال المؤلف والسيناريست محفوظ عبد الرحمن أن هناك عوامل كثيرة أدت إلى حدوث تحولات ثقافية وفكرية فى الشخصية المصرية، منها تدهور مستوى التعليم، وغياب الثقافة، ونزوح المصريين للخارج منذ السبعينيات، واكتسابهم سمات أضعفت شخصيتهم، بل أصبحوا أعداء لبعضهم البعض، إلى جانب فشلهم فى تكوين لوبى يدافع عن مصالحهم، مشيرا إلى أن عدم الاهتمام بمشكلة البطالة وتحول المجتمع من منتج إلى استهلاكى يستورد كل شىء من الخارج وخاصة الصين ساهم فى تغيير الثوابت فى الشخصية المصرية حتى أصبح المصرى يبرر إلسفر إلى إسرائيل والزواج من فتياتها بأنه أمر عادى.
وأكدت الدكتورة هويدا عدلى الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن المشكلة البارزة فى تغير نمط وسمات الشخصية المصرية هى خروج المصريين للخارج وعودتهم بثقافات فرعية انغلقوا عليها، وبالتالى اختفت القواسم المشتركة بيننا كمصريين، مشيرة إلى أن الشعب المصرى تعرض منذ سنوات للقهر السياسى، واخترعوا آليات للتكيف مع هذه المتغيرات منها السلبية والانعزال عن الواقع أو المقاومة السلبية ومن هنا ظهر التحايل على القانون.
وتعجبت هويدا عدلى من الدعوات المستمرة والتفاخر بأننا نقيم دولة حديثة نافية ذلك ومستشهدة بزيارة واحدة لأى مدينة فى أطراف العاصمة مثل "شبرا الخيمة" ستجد هناك عودة للقبلية وانتكاسة لمفهوم الحداثة متسائلة "أين دور الدولة فى تنمية هذه المناطق".
وهاجمت الدكتورة هويدا النخبة المصرية وحملتها مسئولية الانعزال عن المجتمع تاريخيا وحتى الآن، وكذلك من منظمات حقوق الإنسان والتى تعيش فى معزل عن المواطن البسيط، مشيرة إلى إشكالية العلاقة بين المجال العام والخاص فى مصر لدرجة لا تعرف فيها أين تبدأ الحقوق الخاصة للمواطن، مسشهدة بقضية الدين التى تحولت إلى قضية عامة وظهور الحسبة الدينية والذين يتاجرون بهذه العلاقة الروحية.
فى ندوة شخصية مصر: الدول العربية فشلت فى إقامة الدولة الوطنية
الأربعاء، 22 سبتمبر 2010 08:22 م