(1) قال المؤرخ: "فى يوم الأربعاء رابع وعشرين الحجة، آخر سنة سبع وأربعين ومائة وألف، أشيع فى الناس بمصر أن القيامة قائمة يوم الجمعة سادس وعشرين الحجة.
وفشا هذا الكلام بين الناس قاطبة، حتى فى القرى والأرياف، ودع الناس بعضهم بعضاً، ويقول الإنسان لرفيقه: بقى من عمرنا يومان، وخرج الكثير من الناس والمخاليع إلى الغيطان والمنتزهات، ويقول بعضهم لبعض: دعونا نعمل حظاً ونودع الدنيا قبل أن تقوم القيامة.
وطلع أهل الجيزة نساء ورجالاً، وصاروا يغتسلون فى البحر، ومن الناس من علاه الحزن وداخله الوهم، ومنهم من صار يتوب من ذنوبه ويدعو ويبتهل ويصلى، واعتقدوا ذلك ووقع صدقه فى نفوسهم، ومن قال لهم خلاف ذلك أو قال هذا كذب لا يلتفتون لقوله، ويقولون هذا صحيح، وقاله فلان اليهودى وفلان القبطى وهما يعرفان فى الجفور والزيرجات ولا يكذبان فى شىء يقولانه و….".
وإلى الآن لا يستطيع أى مؤرخ منصف أن يؤكد لنا أو ينفى: هل قامت القيامة فى ذلك اليوم الموعود أم لا؟
(2)
صديقى مثقف جداً، لا يقرأ إلا فى أمهات الكتب، ذلك أنه لا يعترف بالآباء، ويعشق التاريخ، وكلما سألته:
- أى تاريخ؟!
بحلق فى بحدة، وهز رأسه العبقرية فى يأس من جهل البشر.
عرفت منه أن إخناتون كان شاعراً عظيماً ولكنه كان حاكماً فاشلاً، فقلت له:
- إن الشعراء قد يخلقون لنا عالماً جميلاً، ولكنهم لن يستطيعوا أن يحكموه.
لم ينبسط لتعليقى، هرش رأسه وهو يغمض عينيه مفكراً، ثم همس لى كسر عسكرى:
- هل تعرف أنه كان شاذاً!
- من؟!
- إخناتون يا أخى، فقد كانت نفرتيتى زوجته الرسمية، بينما كان صاحبه الدائم شخص يدعى "سمينكا رهى".
- أنت تلوث سمعته.
- كل الناس تعرف ذلك، لكنك لا تريد أن تعرف سوى ما يرضيك.
- لقد كان أول من نادى بالتوحيد.
- يا ساذج.. عبادة قرص الشمس قد توقفت بعد موته.
- تقول إنه شاذ.. لا يمكن..
- ومع ذلك حكم مصر 17 عاماً…
- أعرف ذلك، ويقال إنه انتحر أو تسمم نتيجة لدس السم له فى كأس..
- أنت لا تعرف شيئاً.. لقد مات بالإيدز..!!
(3)
" طوبى لمن يحيا أو يموت فى "طيبة".. مدينة آمون ذات المائة باب، كانت قبل أى موضع آخر، فهى الأرض الأولى، وأول قطرة ماء فى بدء الزمن".
هكذا كان يرتل الكاهن عندما مرت إلى جواره سيارة مرسيدس حمراء من نوع "الشبح"، فأهالت عليه الأتربة.. نظر الكاهن ملياً إلى مؤخرة السيارة التى تثقب الأفق، ثم رفع رأسه لأعلى قائلاً بغضب:
- كده يا "رع" !!
ثم بدأ فى خلع ملابسه المقدسة حتى أصبح كما ولدته أمه وهو يتمتم فى غضب:
- أنا بتاعك يا "ست"!!
ويقول ثقاة المؤرخين إنه فى ذلك اليوم بالتحديد تمكن الهكسوس من احتلال مصر.
(4)
تساندنا ظهراً إلى ظهر، كنا بناءاً واحداً، وكلانا ينظر فى اتجاه مختلف، لكننا نعرف أننا إذا افترقنا سقطنا، كان ينقل لى ما يراه، وأفعل نفس الشىء، ولم يتوافق أبداً ما نراه.. الظهر إلى الظهر، نعرف أن افتراقنا يسقطنا..
أحياناً كان يضحك بينما أبكى، أستهين بينما يعانى، أستقبل بينما يسترجع، لا بأس مادامت بقعة سكون تحمل ظلين ثابتين.
بدأت المشكلة منذ أن تعلمنا- فى وقت واحد- عندما زادت أسعار البترول- بعض أطراف من علم الميكانيكا .. بدأنا فى النهوض، ظهراً إلى ظهر، وحين اتخذنا قرار الحركة، أصر كلانا أن يجذب الآخر إلى اتجاهه، حينذاك تراخى ما عرفناه، انفصم الظهر عن الظهر، اندفعنا بفرحة اكتشاف أسرار الحركة يضرب كل واحد فى اتجاه وأحياناً فى الآخر.
• عضو اتحاد الكتاب المصرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة