رواية "زهر الخريف" للكاتب عمار على حسن

"زهر الخريف".. رواية عن أيام الحرب تنتصر لـ"الوحدة الوطنية"

الإثنين، 20 سبتمبر 2010 01:02 م
"زهر الخريف".. رواية عن أيام الحرب تنتصر لـ"الوحدة الوطنية"
كتب وجدى الكومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تدور أحداث رواية "زهر الخريف" للكاتب عمار على حسن الصادرة حديثا عن دار "الدار" عن أيام الحرب، حيث يصور حسن البشر المجهدين الذين يروضون الوقت فى انتظار الغائب بعيدا فى الحرب، ويتخذ فى الفترة من هزيمة يونيو 1967 حتى عام 1973 فترة لزمن الأحداث.

ويرصد عمار على حسن العلاقة بين شابين مصريين أحدهما مسلم والآخر مسيحى فى قرية معزولة منسية ترقد صامدة بين الزرع والنهر، بالقرب من مدينة المنيا وسط صعيد مصر، وتحارب بالرصاص والغناء اللصوص الطامعين فى القوت والبهائم. فى الليل، تختلط فرقعات البنادق الآلية مع صوت عذب وربابة شجية لشاعر يستدعى فى نشوة مستعرة سيرة أبى زيد الهلالى ورفاقه العامرة بالبطولة والرجولة والنبل، فيشعل الحماس فى النفوس المتألقة وسط الظلمة الشاملة، وهذه الروح الأصيلة والحزينة فى آن، جعلت الرواية تحتفى بالموروث القصصى الشعبى إلى جانب العديد من ألوان الفلكلور مثل العديد والأمثال والتنجيم والحكمة الإنسانية الخالصة، التى اقتطفها المؤلف من مصادرها الأصلية ووظفها تباعا فى نصه السردى المتدفق.

بطلا الرواية هما على عبد القادر إسماعيل وميخائيل ونيس سمعان، صديقان جمعهما حب المغامرة، وذكريات الطفولة، والخوف على ذويهما المتعبين، قادا أهاليهما فى معارك حامية دفاعا عن قريتهما الوديعة المجهدة، ضد عصابات الليل. وحين وقفا على أبواب الشباب الغض، جاءتهما الفرصة للدفاع عن الوطن برمته، فذهبا سويا إلى حرب 73، عاد ميخائيل شهيدا، وضاع على فى الصحراء الواسعة لتبدأ رحلة البحث عنه، وتشتعل الأسئلة، ويظل أبطال الرواية حائرين فى إيجاد إجابات تشفى الغليل وتريح النفوس التى يعتصرها الألم، ويلهثون ما وسعهم فى سبيل فك هذا اللغز العصى، ويلهث معهما القارئ حتى الصفحة الأخيرة من الرواية، التى حملت إجابة تنطوى على مفارقة، وتبرهن على أن "الدنيا" ضيقة رغم اتساعها، وأن ما نجرى أحيانا وراءه دون فائدة قد يأتينا فى لحظة عابرة من دون أدنى ترتيب.

ومن الشخصيات اللافتة فى الرواية وفاء، حبيبة على عبد القادر، التى لم يتزوجها سوى أسبوعا واحدا قبل تجنيده وذهابه إلى الحرب. كانت وفاء تطالع دوما من شرفتها الوسيعة انحناءات الشارع الذى ينتهى بجسر طويل مفتوح على المحطات التى يحل فيها الغرباء والعائدون، لعل حبيبها الغائب يهل مع أول إطلالة للنور، أو فى سكرة الليل الراحل بلا هوادة. تغمض عينيها لتراه آتيا كالقدر، يشق الظلام بجسده الفارع وإلى جانبه صديقه الحميم، وشريكه فى الكفاح ضد أولاد الليل، وحين تفتحهما لا تجد سوى الفراغ، فتنتظر فى صبر جميل، والشيب يتسلل إلى رأسها كالسم الذى يقتل فى هدوء وعلى مهل، ولا تجد أنيسة ومواسية سوى جورجيت حبيبة ميخائيل التى افتقدته إلى الأبد.

ثم تأتى شخصية رفاعى، الرجل البسيط الذى قادته قدماه حتى الصعيد الأوسط، ليبيع الخبز للفلاحين، ويروى لهم حكاية مدينة باسلة، بعد أن دمر الإسرائيليون بيته ومخبزه، ثم تتطرق الأحداث سخية رخية ليجد رفاعى نفسه فى النهاية عائدا إلى مدينته وما حولها للبحث عن الشاب الضائع، الذى ربطته به علاقة إنسانية خاصة، تختلط بصدى صوت العيال الذين يزفونه كل صباح وهو يضحك ويوزع أرغفته، ويغنى معهم: "يا رفاعى يا بتاع العيش.. خدنا معاك ودينا الجيش".

وتنطلق هذه الرواية من تجربة اجتماعية وإنسانية خالصة لتضيف إليه من خيال مؤلفها، الذى حاول أن يضع الأحداث فى سياقها التاريخى الصحيح من خلال ربط تفاعلات شخصيات الرواية بما كان يجرى وقتها فى الواقع المعيش، وهو ما برهن فى خاتمة المطاف على روح التسامح والتعاون التى كانت تسود بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، قبل الدخول فى نفق الاحتقانات الطائفية التى بدأت فى النصف الثانى من سبعينيات القرن المنصرم.

يذكر أن هذه هى الرواية الثالثة لمؤلفها عمار على حسن، الذى سبق أن أصدر روايتين هما "حكاية شمردل" و"جدران المدى" إلى جانب مجموعتين قصصيتين هما "عرب العطيات" و"أحلام منسية". كما أصدر المؤلف، الذى يحمل الدكتوراه فى العلوم السياسية، العديد من الكتب والدراسات فى مقدمتها "النص والسلطة والمجتمع: القيم السياسية فى الرواية العربية" و"الفريضة الواجبة: الإصلاح السياسى فى محراب الأزهر والإخوان المسلمين" و"التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر"، وفاز الكتاب الأخير بجائرة الشيخ زايد للكتاب عام 2010 فى فرع التنمية وبناء الدولة، فيما فاز عمار على حسن بالعديد من الجوائر المصرية والعربية فى مجال الإبداع الأدبى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة