فى روايتها الأولى "خان زادة" والصادرة حديثًا عن دار الآداب اللبنانية، والتى تحكى فيها الروائية اللبنانية "لينة كريدية" عن ثلاث نساء فى منتصف العمر، تتذكرهن الراوية من خلال جلسة واحدة تعود فيها إلى أيام الطفولة إلى أن تصل بأبطال الرواية إلى الخمسينيات من عمرهن.
"اليوم السابع" التقى بالروائية لينة كريدية فى إحدى زياراتها المتكررة لمصر، وحاورتها عبر البريد الإلكترونى حول روايتها الأولى ونشاط الدار التى ترأسها وركزت فيه فقط على نشر الشعر.
إلى أى مدى تتماس "الراوية" فى "خان زاده" مع لينة كريدية؟، ولماذا لم يرد اسم "الراوية" فى حين أنك ذكرت اسم صديقتيها؟
لا أعتقد أن هناك تماساً مع شخصية لينة كريدية، إنما التماس هو فى رؤيتى للعالم، فالرواية هى مزيج من الحيوات والقراءات والنصوص والتجارب المختلفة والمتنوعة، إضافة إلى تجارب الآخرين التى لا يمكن اختزالها، والتى فى بعض الأحيان هى جزء منها، وإلا تحولت الرواية إلى سيرة ذاتية، ففى الرواية جزء كبير من وحى الخيال، واستخدام الراوية لضمير المتكلّم يسبب الالتباس لدى القارئ ويشعرهُ أنّ هناك تطابقاً بين الكاتب فيما يكتبهُ ويصدر عنه، بيد أنّ استخدامه كان للبنية الروائية فقط.
من البديهى والمعروف أن المرء يلجأ للُسكر والخمر لينسى آلامه وانهزامياته.. ولكنك قدمت "راوية" فى الخمسين من عمرها تشرب للتذكر.. فما هو رأيك؟
لا يحمل الخمر معنىً واحداً، فَلَهُ هنا معنى رمزى، وهو يشير إلى النشوة والهزيمة والتداعى واللا منطق، فمن الممكن أن نفهمه بالمعنى الصوفى والزّهد، والشرب هنا هو لتوضيح الالتباس فى الحياة، فالراوية تشرب لتتذكر، ونشير إلى الحضور الزمنى للرواية، فخلال شرب ثلاثة كؤوس تستحضر سنوات من الأحداث.
وبرأيك هل تعد الفترة الزمنية لاحتساء ثلاثة كؤوس فترة كافية لتذكر أحداث بيروت؟
بيروت لا يحدّها أو يحصرها زمن، فهى ستّ الدنيا، ولم أكتب تاريخ بيروت، فلستُ بمؤرّخة، بل هناك بناء منطقى ومكانى استدعى ذكر بعض الأحداث التى مرّت خلال جزء من حياة الراوية وصديقاتها، والرواية مكثّفة، تعبق بالأحداث السريعة، وتلك هى طريقتى فى الكتابة.
قدمت صورة للمرأة السياسية المناضلة ولكنها فى النهاية استسلمت لهزائمها المتعددة.. برأيك هل هذا هو قدر المرأة؟
أنا لا أكتب عن المرأة، وهذا ليس قدرها بل قدر الإنسان فى عالمنا العربى من الناحية السياسية، نحن فى مرحلة من الانحطاط والهزائم، ونتعرض يومياً للانتكاسات النفسية التى تعكس جواً من الإحباط العام، وأسعَدُنا إن لم يكن مهزوماً فهو راضخ للواقع ويشعر بالهزيمة ضمنياً، فهل من الممكن أن أكتب عن بطل سعيد وهو خارج إطار ما يحدث؟
كان من المتوقع أن يكون كتابك الأول هو الشعر لكونك ناشرة مولعة وحريصة على دعم الشعراء فى العالم العربى، فما هو قولك، خاصة وأن روايتك لم تصدر عن دار النهضة التى تملكينها؟ وكيف تنظرين إلى المشهد الشعرى كونك ناشرة وتحرصين على دعم الشعراء؟
وَلَعى بالشّعر لا يعنى بالضرورة أنه على أن أكتب ديواناً، أنا أحب الشِّعر، وقصيدة النثر خصوصاً، وأدعم الشّعراء، ولدى مجموعة كبيرة من الشّعراء الذين ننشر أعمالهم، ويوجد الكثير من الشّعراء الممتازين فى العالم العربى، والضعف ليس فى الإنتاج إنما فى القراءة، فمعظم القرّاء يتجهون إلى الرواية، حيث أنه عصرها؛ إنما إذا آمنا بجمالية الشّعر وضرورته فى الحياة، فإننا نحارب لأجله، وهذا ما أفعله، وأذكر فى السياق مبادرة "شاعر لأوّل مرة" التى تهدف إلى تشجيع الشباب على نشر أعمالهم الشعرية للمرة الأولى، وفى عالم النشر، تصنّف دار النهضة العربية بدار أكاديمية حيث إننا نختص بنشر الأبحاث العلمية والمقررات الجامعية بأنواعها، كما يوجد لدينا مجموعة شعرية مستمرة بالصدور منذ العام 2005، وبالتالى، فكان لا بد لى أن أتّجه إلى دار رائدة فى النشر الروائى، حيث لم أجد أفضل من دار الآداب التى وافقت على نشر الرواية بعد إخضاعها للتقييم والموافقة عليها، حيث إنه لا يمكن أن تنشر بمقابل مادى إنما تعتمد على العمل الأدبى ومستواه فقط لا غير، فلا مشكلة لدى من حيث قدرة النشر والطباعة، إنما هذا هو التوجّه الاحترافى.
غالبية المجموعات الشعرية التى تصدر عن دار النهضة هى لشعراء من المغرب الشقيق.. فهل من توضيح؟
هذه المعلومة خاطئة، فيحسب على أنا شخصياً نشر مجموعة كبيرة من الأعمال من شتى أصقاع العالم العربى دون تمييز، ومن منشوراتنا للشعراء أمثال (على سبيل الذكر وليس الحصر) فاطمة قنديل، حلمى سالم، أحمد زيّود، صفاء فتحى، محمد بدوى، عبد المنعم رمضان، وائل عبد الفتاح، فريد أبو سعدة، فاطمة نعّوت، رنا التونسى، عماد فؤاد، محمد سعد شحاتة، عيد عبد الحليم، واللائحة تطول... ناهيك عن المجموعات الشعريّة التى ستصدر قريباً، وبعد هذه اللائحة الطويلة، أتقول لى إن غالبية من نشرنا لهم هم من المغرب أم من مصر؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة