حذر عدد من المحللين بسوق المال من خطورة أن تستمر معدلات السيولة فى البورصة المصرية فى التناقص، الذى تشهده منذ عدة أسابيع، وزادت وطأتها وتأثيرها فى شهر رمضان حتى وصلت فى بعض جلساته إلى عدة ملايين جنيه رغم أنها تخطت فى إحدى الجلسات بعد تعافيها من الأزمة العالمية الـ3 مليارات جنيه فى جلسة واحدة.
واختلف هؤلاء المحللون فى سبب هذا التراجع، فمنهم من قال إنها بسبب خروج الأجانب من السوق المصرية لدعم مراكزهم المالية فى بلادهم، خصوصا مع استمرار تراجع الأسواق الخارجية خاصة الأمريكية، ومنهم من قال إنه بسبب ضعف التداول بشكل كبير فى رمضان وعزوف المستثمرين عن العمل به، بالإضافة إلى تأثير عدد من الاكتتابات التى تمت فى الشهور الماضية وحبست الكثير من الأموال بها، ومع ذلك فإنهم جميعا اتفقوا على خطورة استمرار تراجع السيولة فى السوق.
ياسر الكمونى، رئيس قسم التحليل الفنى فى شركة نماء لتداول الأوراق المالية، أكد أن نسبة السيولة الموجودة الآن فى السوق ضعيفة جدا ووصلت لمرحلة غير آمنة، بالإضافة إلى أنها تتناقص بشكل مستمر وكبير.
وأشار إلى أنه لو استمر الحال كما هو فستكون له تأثيرات كبيرة على المستثمرين ومدى ثقتهم فى قدرة السوق على جذب استثمارات جديدة وبالتالى يمكن أن يحول هؤلاء استثماراتهم إلى صور أخرى غير الاستثمار بالبورصة مما سيزيد من إضعافها بشكل أكبر.
ولفت الكمونى إلى ضرورة أن تضع الجهات الرقابية مثل هيئة الرقابة المالية بالإضافة إلى إدارة البورصة فى اعتبارها الإجراءات التى من شأنها أن تحافظ على معدلات السيولة فى السوق بشكل يحافظ على نمو سوق المال المصرية ويحميها من التعرض للانهيار المالى بعد خروج المستثمرين بأموالهم من البورصة لاستثمارها فى أدوات أخرى.
أما محمد صلاح الدين، محلل مالى، فقال إن السبب الرئيسى لتناقص السيولة فى السوق هو خروج الأجانب بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية بسبب تعرضهم لخسائر كبيرة فى أسواقهم الرئيسية فى الخارج نتيجة تراجع أسواقهم الرئيسية، فاضطروا إلى الخروج من السوق المصرية لتعويض هذه الخسائر، وهو ما نتج عنه نقص السيولة فى السوق. وأكد صلاح الدين أنه يجب على جميع الجهات المعنية بسوق المال وخصوصا البنك المركزى اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم البورصة، بحيث يراعى حركة أسعار الصرف ونسبة السيولة فى السوق والتحكم فيها عن طريق تحديد أسعار الفائدة بحيث تكون فى خدمة البورصة وتجعل المستثمرين يفضلون استثمار أموالهم بالبورصة عنها فى البنوك، لأن ذلك على الجانب الآخر يخدم الشركات العاملة فى السوق ويساهم فى إتمام مشاريعها وخططها فى التوسع والتى تحتاج إلى سيول مالية لا يمكن أن تأتى إلا عن طريق البورصة.
وفى حالة هروب المستثمرين من البورصة إلى البنوك مثلا سيؤثر ذلك بالطبع على أداء هذه الشركات، لأن البنوك لا تقدم التمويل لأى شركة إلى بعد ضمانات كثيرة لا تستطيع توفيرها فى أغلب الأحيان.
أما محمد عبد العال- مدير استثمار- فقال إن نقص السيولة بالبورصة له أسباب كثيرة، أهما كثرة الاكتتابات لزيادة رأس المال للشركات ما أحدث خللا الشهور الأخيرة ومازال تأثيره واضحا بالبورصة، وهو ما يعنى حبس أموال المستثمرين بها لمدة لا تقل عن 3 أشهر فى حالات الاكتتاب، بالإضافة إلى هروب الكثير من المستثمرين من البورصة إلى الاستثمار فى أدوات أكثر أمانا مثل السندات مثلا أو البنوك، وهو ما يعرض سوق المال لمخاطر التوقف النهائى إذا ما استمر هروب الأموال منها إلى أدوات أخرى.
وأشار عبد العال إلى أن هذه الإجراءات تضر بشكل كبير صغار المستثمرين الذين وضعوا كل أموالهم بالبورصة لاستثمارها وأغلبهم من أصحاب المعاشات الذين لا يقدرون على العمل فى شىء آخر غير البورصة، بالإضافة إلى الكثيرين من المواطنين الذين جمعوا كل مدخراتهم للاستثمار بالبورصة بعدما عجزوا عن إيجاد فرص عمل، وكل هؤلاء دائما ما يكونون المتضرر الأول من أى تحركات متذبذبة للبورصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة