إيمان محمد إمبابى

إذا بليتم فاستتروا!!

الأحد، 19 سبتمبر 2010 05:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يتلفظ يوما أديب نوبل الرائع – الذى بدأ بكتابة السيناريو والحوار – بأنه "سوف يحط إصبعه فى عين التخين"!!.. ولا سمعنا شيخ كتاب السيناريو عبد الحى أديب – وهو من هو – يقول: "مصر ما فيهاش نقاد.. دول شوية صحفيين غير متخصصين"!!.. والراحلان نال بعض أعمالهما الكثير من الهجوم.. ولا استهان أى منهما بعقل المشاهد المصرى.. مقدما تلفيقا دراميا.. مغلفا بالكثير من التوابل, التى تجذب العين.. فتفح الشهية, ثم تصيب بالغثيان وربما التلبك المعوى بعد ذلك!!

تلك ألفاظ صرح بها – متباهيا – الكاتب مصطفى محرم ردا على انتقاد الكثيرين – كتابا وجمهورا – لما اقترفت يمينه عبر 30 حلقة فى رمضان.. وقال عنه مسلسل.. فخورا برقم الإعلانات ونسب المشاهدة التى يقول أن المسلسل قد حققها.. أما الإعلانات فهو يعلم جيدا – كما يعلم الكثيرون – أنها لا تشكل سندا لقيمة المسلسل بقدر ما تصنفه ضمن الأعمال التجارية الموضوعة فى قالب درامى.. فالمعروف أيضا أن الأعمال التى يطق عليها فى الخارج "سوب أوبرا".. وهى تلك الأعمال التى تقدم لربات المنازل فى الفترة الصباحية.. يستطيعون متابعتها أثناء تأدية أعمالهم المنزلية.. وبالتالى لا تتطلب جهدا فى الصياغة.. أو مستوى الحوار.. أو رقى الدراما داخلها.. أو الاهتمام بحبكتها ومنطقيتها.. معروف بالضرورة أن تلك الأعمال تحقق نسب إعلانية, لا تقارن أبدا بالأعمال الجادة التى تقدم فى أوقات أخرى ويتابعها جميع المشاهدين.. وإذا كان الكاتب يتهم الجميع بالجهل.. فعليه أن يعيد تعريف هذا الحشو غير الممنطق الذى قدمه فى رمضان.. ويضعه فى مكانه على خريطة الأعمال المقدمة كـ"سوب أوبرا".. عندها نتحدث عن أرقام الإعلانات.. وما تحقق من ربح!!

أما نسب المشاهدة.. فالكاتب ذا تاريخ طويل فى جذب المشاهد البسيط نفسيا لما يقدم من أعمال.. سواء فى السينما أو التليفزيون.. الفكرة ببساطة, وقد وعاها محرم منذ زمن.. فصار يسيرا عليه أن يغزل عليها وحولها الكثير من الأعمال.. مع بعض التغيير الطفيف.. فبطله أو بطلته بسيط.. فقير.. وفى معظم الأحيان مهمش يعانى صعوبة الحياة.. يمد خيوط تعاطف المواطن البسيط معه منذ البداية.. فيرى نفسه – بشكل أو بآخر فى هذا البطل أو تلك البطلة.. وفى غياب – متعمد – للمنطق تتبدل الأحوال بين ليلة وضحاها.. فيغرق هذا البطل – أو البطلة – فى الملايين.. ويحيا حياة الترف والقصور.. منتقلا لطبقة أخرى بسرعة الصاروخ.. تلك التيمة, أو الخيط الثابت فى أعمال محرم.. تضمن استمرار تعاطف المشاهد حتى نهاية الفيلم أو المسلسل.. تساعد فى إشعال وهج تلك الحالة التوابل, أو التفاصيل.. التى يجيد الكاتب نثرها وتوزيعها عبر حلقاته حتى النهاية.. فيلتقى شخوصه على مائدة طعام فاخر فى كل حلقة تقريبا.. تستعرض مشاهده حياتهم المترفة فى القصور الفخمة التى تحيطها حدائق غناء.. تبهر عيون المتلقى مشاهد السفر والتجول حول العالم.. الإنفاق ببذخ غير عادى.. وهى كلها أشياء يتمناها هذا المتلقى البسيط فى داخله.. ويعلم جيدا أنها بعيدة المنال.. فيكفيه فى حالة متابعة أعمال من هذا النوع.. الشعور الوقتى بالارتياح من مجرد فكرة تحققها عبر الشاشة.. وتلك نوعية من الأعمال بقدر ما تثير الجدل والإثارة حولها.. بقدر ما يصعب فنيا على المتخصصين من النقاد.. أو حتى الواعين من الجمهور.. الذين لديهم ملكة الحس الفنى.. يصعب كثيرا التعامل معها فنيا لأنها تخرج من أى تصنيف درامى أو مهنى.. ولا يجوز بحال تسميتها عملا فنيا.. وهذا أمر أعلم أن الكاتب يدركه جيدا.. لذا فقد استخدم سلاح الهجوم هو خير طريق للدفاع.. وأعتقد أن النقاد أدركوا أيضا تلك الحيلة.. فلم يستدرج أى منهم للرد على هذا.. وبالتالى ماتت فكرة إثارة المزيد من الجدل حول عمل من العيب تصنيفه بـ"الفنى"!!

جانب من اللوم يقع على عاتق المحطات التى تهافتت على شرائه وغيره من الأعمال المماثلة.. وإن كان أكبر اللوم يتحمله التليفزيون المصرى.. الذى سابق الجميع لتقديم تلك الترهات.. مهدرا 50 عاما مضت.. فى إفساح المجال لكل كاتب ردىء.. أو مخرج مشوش الفكر.. أو منتج باحث عن الإعلانات.. فينفض المولد.. ليحصد كل من "رمى بياضه".. وتبقى فى الوعى والذاكرة أعمال شيخ كتاب السيناريو عبد الحى أديب: فيلمه الاول "باب الحديد" فى مهرجان برلين السينمائى الدولى منتصف الستينات, أم العروسة – الذى وصل للتصفيات النهائية للأوسكار فى نفس الفترة -، الخائنة، صغيرة على الحب، أنت اللى قتلت بابايا، امرأة على الطريق، سوق السلاح، جناب السفير، بناء على النيل، أنا الهارب، الخبز المر، البدروم، بيت القاضي، سعد اليتيم.

رحم الله عبد الحى أديب.. ورحم الله امرء عرف قدر نفسه!!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة