منذ عدة أيام اتصل بى أحد أقاربى طالباً استشارتى فى أمر صديق له مقيم منذ سبع سنوات فى إحدى الدول الأوروبية، والذى يفكر جدياً فى الحصول على جنسية الدولة المقيم بها ليحظى بكل الامتيازات الممنوحة لسكانها الأصليين من تعليم وعلاج مجانى وحياة كريمة تختلف كثيراً عن الحياة فى مصر!.. علماً بأن ثمن هذه الجنسية غال جداً وهو التخلى عن جنسيته المصرية، حيث لا تقبل هذه الدولة الجمع بين الجنسيتين!..
فى الحقيقة انتابتنى حالة من الحيرة الممزوجة بالألم الشديد بعد سماعى لهذا الأمر المؤسف، وذلك لما آلت إليه أوضاع المصريين من سوء وتدنى فى شتى المجالات، والتى دفعت الكثيرين للهجرة غير الشرعية والموت غرقاً جرياً وراء الرزق فى بلاد الغربة، كما دفعت بعضهم للذهاب إلى أرض أعداء الإسلام "إسرائيل" واتخاذها وطناً حامياً وموفراً لهم كل سبل الراحة والأمان وهو ما يفتقدونه فى مصر!..
وللأسف الشديد، منهم من نجّس نفسه وحصل على الجنسية الإسرائيلية!، ومَن لم يحصل على الجنسية منهم ويكون قد تزوج من إسرائيلية سيكون أولادهم إسرائيليين طبقاً للقانون هناك الذى ينص على أن كل أبناء الإسرائيليات حتى وإن تزوجن رجالاً من بلاد أخرى لا بد وأن يُنسَبوا إلى إسرائيل!
وها هو أحد أبناء مصر المغتربين يفكر الآن فى التضحية بجنسيته المصرية كى يتمكن وأسرته من العيش بكرامة دون معاناة ومهانة فى بلد أوروبى أفضل حالاً من بلدنا الذى أصبحت الحياة فيه مستحيلة!.. ورغم ذلك، استنكرت ورفضت بشدة ما يفكر فيه هذا الرجل وقلت غاضبة لمن حدثنى فى أمره، كله يهون إلا الجنسية المصرية.. النظام والحكومة والأزمات التى نعيش تحت ظلها زائلة، لكن مصر المعنى والأرض باقية، حتى وإن لم ينعم جيلنا بها حرة آمنة مستقلة عن كل صور الاحتلال الداخلى الذى دمر وقضى على الأخضر واليابس وقتل فى معظم شبابنا الولاء والانتماء لتراب هذا البلد!!.. وأضَفتُ، انتسابنا لمصر شرف عظيم لأن الله كرمها وذكرها فى القرآن خمس مرات، لو كل منا تخلى عن جنسيته وحرم أبنائه وأحفاده من الانتساب إليها، مَن إذن سيسكن مصر وينعم بخيرها فيما بعد غير الفاسدين واللصوص وغيرهم من الذين يعملون على طردنا بطرق غير مباشرة كى تخلو لهم البلد ليعربدوا ويعيثوا فيها فساداً كيفما شاءوا؟!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة