براء الخطيب

الوزير فى الصندوق.. وكله على ودنه

الجمعة، 17 سبتمبر 2010 08:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو لى (بل إنه من المؤكد تبعا لكل الشواهد) أن عملية اختيار الحزب الوطنى لمرشحيه فى انتخابات مجلس الشعب القادمة قد أوكلت من قبل الرئيس مبارك إلى حكيمدار الحرس القديم "صفوت الشريف" ليس لأنه الأمين العام للحزب الوطنى الديمقراطى بل لأنه الرجل الذى يكاد يكون الأوحد فى قيادة الحزب الذى لم تطله شبهات استغلال النفوذ أو التربح بالرغم من تشنيعات البعض من معارضيه، وهذا ما جعل "صفوت الشريف" أحد الذين يستعين بهم نظام الحكم (من بدايات السبعينات وحتى الآن) لتحسين صورته فقد كان نظام الحكم هو الذى يحتاج صفوت الشريف أكثر من احتياج صفوت الشريف للنظام الحاكم نفسه، وفيما يبدو (بل إنه من المؤكد تبعا لكل الشواهد) فقد قرر نظام الحكم التخلص من الإستراتيجية الشاذلية (نسبة إلى كمال الشاذلى) التى كانت متبعة لاختيار مرشحى الحزب الوطنى فى كل الانتخابات السابقة، فقد كانت الإستراتيجية الشاذلية قائمة على المحسوبية وأشياء أخرى حيث أدت فى نهاية الأمر إلى "نواب التجنيد" و"نواب نهب الأراضي" و"نواب العلاج على نفقة الدولة" و"نواب النوم فى غير الأوقات المخصصة" و"نواب التصفيق عمال على بطال"، ولا شك أن هناك تغيرا ما قد حدث وحراكا شعبيا قد نما باتجاه الرغبة فى التغيير تحت معاول سوء استغلال النفوذ والفساد الذى استشرى فى مختلف المؤسسات، ولا شك أن كل ذلك وغيره من الأسباب دفعت الرئيس مبارك إلى محاولة تطويق الفساد وجعل العملية الانتخابية تبدو نظيفة ومحدودة التزوير ولابد لذلك من وجوه نظيفة تستطيع أن تحصل فعليا على أغلبية أصوات الناخبين الذين عانوا الأمرين من نواب الإستراتيجية الشاذلية ليفرض الرئيس بنفسه إستراتيجية انتخابية جديدة لذلك كان لابد إيكال قيادة هذه المعركة إلى حكيمدار الحرس القديم غير الملوث "صفوت الشريف"، ومن يقرأ تصريحات "الشريف" حتى يتبين "الإستراتيجية الشريفية" فى اختيار مرشحى الحزب، حيث أستهل الشريف إستراتجيته بأن "عملية اختيار الحزب لمرشحيه فى انتخابات مجلس الشعب القادمة مازالت فى بدايتها.. وأنه على كل المرشحين التروى والتريث وعدم القفز إلى نتائج مسبقة بشأن ترشيحات الحزب فى الدوائر..وأن إعلان بعض المرشحين عن أنفسهم بأنهم مرشحى الحزب بأن هذا الانطباع غير صحيح وأنه كما أعلن فى اجتماع هيئة المكتب بأن الحزب يطبق أسلوب العمل الخاص باختيار مرشحيه فى الانتخابات بكل جدية وأن المجمعات الانتخابية والانتخابات الداخلية سوف تتم تحت إشراف دقيق من جانب أمانة التنظيم وأنه يقوم بمتابعة هذه الإجراءات أولا بأول" وقد نقل صفوت الشريف رسالة من الرئيس مبارك لأعضاء الأمانة العامة فى اجتماعها بأن الرئيس مبارك قد أكد فى هذه الرسالة أن انتخابات مجلس الشعب القادمة ستعكس المناخ الديمقراطى الجديد الذى أوجدته سياسات الإصلاح السياسي، الذى كانت أهم ملامحه التعديلات الدستورية فى 2005 و2007 وأن الرئيس مبارك يتابع عملية التطوير فى داخل الحزب الوطنى فى مجال رسم السياسات والعمل التنظيمى وطلب مزيداً من تلاحم الحزب مع المواطنين بحيث يدعم دوره باعتباره الحزب المدافع عن مصالح وحقوق المواطن المصرى البسيط وقد أكد صفوت الشريف أن أسلوب اختيار الحزب لمرشحيه فى انتخابات مجلس الشعب 2010 هو أكبر عملية اختيار ديمقراطى فى الحياة الحزبية، مؤكداً أن أسلوب الاختيار الذى أقره الحزب هو الأسلوب الوحيد للترشيح ودعا كل الراغبين فى الترشح على قوائم الحزب الوطنى إلى إتباع القواعد المعلنة، إذا كانت كل الشواهد السابقة تدل على سيطرة "صفوت الشريف" على اختيارات الحزب الوطنى لمرشحيه لتحسين وجه الحزب بالنسبة للناخب المغلوب على أمره مما يجعل سيطرة الحزب الوطنى التامة وإحكامه لقبضته الحديدية على مقدرات الشعب المصرى بما فيها الحالة الاقتصادية والسياسية وإخضاع كل المؤسسات الشعبية والحكومية لسيطرة الحزب الوطنى سيطرة لا فكاك منها، إذا كانت كل الشواهد تدل على ذلك فهل يستطيع "صفوت الشريف" فلترة الوزراء وغربلة رجال الأعمال فى رغبتهم العارمة للترشح؟ وقد ظهر جليا الولع الشديد بالترشح عند بعض الوزراء (إن لم يكن كلهم) وبعض رجال الأعمال المتحكمين فى الاقتصاد المصرى بل منهم الذين يجمعون الصفتين من الوزراء/ رجال الأعمال، ويأتى على رأس هؤلاء العبقرى "أحمد عز"، أما الوزير الذى سب الدين تحت القبة وخالف قرارات الرئيس فى الضريبة العقارية واشتكى منه الأغنياء قبل الفقراء، وزير المالية يوسف بطرس غالى فقد أعلن أنه سوف يخوض الانتخابات عن دائرة المعهد الفنى والساحل بمحافظة القاهرة أمام مرشح الوفد حيث بدأ "يوسف بطرس غالى" دعايته الانتخابية مبكرا فافتتح حديقة الترعة بجراج الترعة بشبرا فى احتفال شعبى من أبناء الدائرة وبحضور عبد العظيم وزير، محافظ القاهرة وبعض مسئولى الحزب والحكومة وكان قد أعلن أنه سوف يحضر حفل الافتتاح كل من رئيس مجلس الوزراء وجمال مبارك، رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني، إلا أن كلاهما تخلف عن الحضور وجاء عدد هائل من أهالى الدائرة يحملون طلبات توظيف لأبنائهم، إلا أنهم فشلوا جميعا فى تقديمها لغالى بسبب الزحام الشديد والاستعداد الأمنية لحمايته، غير أن هذا لم يمنع من انطلاق فرقة المزمار البلدى والطبول فى استقباله، وامتطى وزير المالية منصة المسرح وأخذ يلقى بالشيكولاتة على أهالى شبرا، وسط صياح كدابى زفة الانتخابات المحترفين الذين يستعين بهم الحزب الوطنى وبالذات فى دوائر الوزراء، حيث أخذ كدابو الزفة بإلقاء الورود بدورهم، وهم يهتفون "بنحبك يا يوسف"، وصدح صوت الوزير مخاطبا كدابى الزفة "أنتم لسه ماشافتوش ممكن نعمل إيه فى الدايرة دى، لقد حولنا جراج الترعة إلى حديقة كبيرة بمجمع خدمات وقدرنا نقلب الجراج جنينة، ووقف جنبى عبد العظيم وزير وحاربنا البيروقراطية عشان نعملها وإحنا شادين ضهرنا بيكم انتم أصحاب الجنينة وانتم أصحاب الفضل، وبقول لسه مخلصناش، ولسه..ولسه..ولسه ..أنا بخدم الدايرة وكل شبرا ومصر كلها وأن الدافع وراء هذا هو تشجيع الرئيس مبارك وما يغركوش الجنينة دى وممكن نعمل اتنين وتلاتة لحد ما الدايرة كلها تبقى جنينة.. لسه قدامنا كتير عاوزين مستشفى وتأمين صحى وتحسين الخدمات"، وهنا انبرى أحد زعماء كدابى زفة الانتخابات المحترفين بصوته الجهورى صائحا: "مافيش غيرك فى الصندوق يا باشا..صندوق الانتخابات مقفول عليك يا باشا..وكله على ودنه يا باشا".
وقد أعلن حتى الآن بشكل مؤكد عن وجود 8 وزراء فى الصناديق مما يؤكد على أن الانتخابات القادمة سوف تؤكد على أن الوزير فى الصندوق وكله
على ودنه.
• كاتب وروائى مصرى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة