"إننى أبكى لأنى أرى هذه البلاد تنعم بالرخاء، بينما مصر تعانى من البؤس، على رغم أن أرضها أكثر خصوبة، سوف أغير كل هذا، أغير كل هذا إذا أمد الله فى عمرى".. توقفت أمام هذه الكلمات طويلاً لإبراهيم باشا ابن محمد على والى مصر، وأنا أقرأ باستمتاع مذكرات "نوبار باشا" الصادرة منذ شهور عن دار الشروق.
بدأت فى قراءة المذكرات فور إعلان قناة الحياة عن عرض مسلسل "محمد على" فى شهر رمضان المقبل بطولة يحيى الفخرانى، ودفعنى ذلك إلى البحث عن سيرة محمد على، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإنسانى عند الحاكم الذى يأمر فيطاع، وفى رحلة البحث استوقفتنى شخصية إبراهيم الابن الأكبر لمحمد على، فهى تحتوى على دراما إنسانية مثيرة، خاصة فى مراحل عمره الأخيرة.
ولد نوبار باشا فى أزمير وجاء إلى مصر وهو فى السابعة عشرة من عمره، وكان فى ذلك عام 1842 وعمل سكرتيراً ومترجماً لمحمد على وعمل مستشاراً لإبراهيم باشا قبل وفاته بثلاثة شهور، وخدم فى عهد ستة من ولاة مصر، هم محمد على باشا ثم عباس حلمى الأول، ثم سعيد فإسماعيل ثم توفيق، وأخيراً عباس حلمى الثانى، وتأسيساً على طول هذه الفترة تكتسب مذكرات نوبار باشا أهمية كبيرة، فمن خلالها نعرف كيف كانت تدار مصر فى القرن التاسع عشر تحت حكم أسرة محمد على باشا.
لا تتعرض المذكرات إلى مرحلة قيادة إبراهيم باشا للحملات العسكرية لمحمد على، والتى أكدت عبقرية إبراهيم، فلم يعاصرها نوبار باشا، لكنه يتحدث عن الثلاثة أشهر التى أمضاها مع إبراهيم بتفاصيل مدهشة تبدأ من طموحه الكبير فى حكم مصر مع أن الرجل فى ظل حياة والده، الذى أصابه المرض فأثر على قواه العقلية، ومن خلال هذا الطموح نعرف كم كان الأب يعرف طموح الابن، وبالتالى لا يأمن له أبداً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة