أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

وزارة الاستثمار بعد 4 أكتوبر

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010 07:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غريب ما يدور فى مصر المحروسة فى هذا العصر، ووجه الغرابة يأتى من عملية التفصيل، ولا أقصد تفصيل الملابس ولكننى أقصد تفصيل الوظائف بل الوزارات على مقاس بعض الموظفين بأشخاصهم أو الوزراء لأسباب شخصية بحتة، وعند حدوث أى جديد تلقى الوظيفة أو الوزارة فى سلة المهملات، ويعاد تفصيل وظيفة أو وزارة جديدة، على مقاس جديد لسعيد الحظ الجديد الذى سيتم اختياره فى موقع الموظف الجديد أو الوزير الجديد، وياليت هذا فقط ولكننا نجد بعض الصحف تروج لقيام الوزير أو الموظف القديم بتعيين الموظف أو الوزير الجديد بدلا منه وكأنها ملكية خاصة له، وهذا ما يحدث الآن فى وزارة الاستثمار، فى مصرنا المحروسة.

وبهذا تنتهى الخبرات وتتلاشى لكثرة تغيير القيادات بدون قواعد وسجلات وظيفية تضمن أن ما سبق اتخاذه من خطوات فى سبيل التقدم "إذا كان مثل هذه الخطوات"، فلابد أن يترك الوزير أو الموظف مكتبه بجميع سجلاته وخبراته للاستفادة منها لصالح مصر، لا أن يلملم أوراقه وخبراته "إذا كان هناك خبرة"، ويقول أنا غير مسئول عن الوزير القادم؟؟؟؟؟!!!! إنها مصر يا سيدى وليست لعبة!!

فبعد أن تم ترشيح الدكتور محمود محى الدين وزير الاستثمار لموقع هام فى البنك الدولى منذ عدة أيام نجد الأقلام تهلل للنصر العظيم وتبالغ فى توصيف الوظيفة المرشح لها السيد الوزير:

أولا: سمى بعض الكتاب وظيفة "مدير قطاع فى البنك الدولى"، بـ"مدير البنك الدولى" مع أن الفرق كبير، بين مدير البنك الدولى ومدير قطاع من بين عدة قطاعات كل قطاع له مدير أيضاً، وفى نفس الوقت فلا توجد وظيفة تسمى بمدير البنك الدولى، وهذا يدل على عدم دقة بعض الصحفيين والأقلام.

ثانياً: البنك الدولى له رئيس وليس مديرا وهو المستر روبرت زوليك، وهو أمريكى الجنسية وهذه الوظيفة لا يمكن أن تكون متاحة إلا لأشخاص من جنسيات معينة وبخبرات معينة تختلف تماما عن الدكتور محمود.

ثالثاً: تتساءل بعض الأقلام عن شكل وزارة الاستثمار بعد رحيل محيى الدين مع أن وزارة الاستثمار لم تنشأ إلا بتعيين السيد الدكتور محمود محى الدين، وزيرا للاستثمار، وبهذا تكون الوزارة مفصلة على مقاس الدكتور محمود، لذلك فقد تصرفت هذه الوزارة وفقا لقدرات السيد الوزير المعروف عنها أنها قدرات وخبرات أكاديمية، وليست خبرات عملية، مع أن وظيفة الوزير، إنما هى خبرات عملية تنفيذية، ولذلك فقد شاب تصرفات الهيئة والوزارة بعض المعوقات وردود الأفعال التى تتعارض مع الاستثمار، مثل الخصخصة المنقوصة لبعض المشروعات لصالح المشترين، مثل شركة عمر أفندى "مثلاً"، التى تعتبر مثالا صارخا على التجاوزات، فإذا أضفنا إلى هذا إغلاق بعض مصانع المناطق الحرة بدون أسباب قانونية ولا موضوعية اللهم بعض التحديات من بعض صغار الموظفين العموميين لتلك المصانع مما ترتب عليه تشريد الآلاف من العمال جراء هذا التصرف، والتأثير على الاستثمار بالسالب، وليس تشجيع الاستثمار بالموجب لخدمة الاقتصاد المصرى، فهل كانت مهمة الدكتور عندما تولى إنشاء هذا الوزارة فقط مثل هذه الممارسات؟؟

رابعاً: تكتب بعض الأقلام وتشجع وتهلل وتستفسر عن الخطوة القادمة لوزارة الاستثمار، هل سيعين وزيرا مكانه، ومن هو ذلك الوزير، والسؤال هو تاريخى "منذ متى يقوم الوزير بتعيين الوزير التالى له، أو نقل بعض موظفى وزارته إلى مواقع أخرى الله يعلم سببها؟؟
إن ما يجرى فى مثل هذه الظروف فى الدول الأخرى، ليس التهليل لوزير معين بقدر الموضوعية فى دراسة وتحليل إنجازاته ومقارنتها بالخطط التى وضعت من الدولة له قبل تعيينه، وفقا للخطة العامة للدولة لجميع الوزارات، ويصبح جميع الوزراء موظفين تنفيذيين يقومون بتنفيذ سياسات سابقة التصميم من أجهزة الدولة ومؤسساتها.

فهل مصر لها سياسات محددة يعمل على تنفيذها الوزراء بحيث يسألون عن إنجازاتهم وفقاً لتلك السياسات لمعرفة المجد والكسول ومخترع السياسات التى تتفق مع من يوجهونه من مستشارين يفقدون أصلا الخبرة التى يحتاجها الوزير لتشغيل وزارته؟
مع الأسف الشديد لا يوجد فى مصر سياسات اقتصادية لكل وزارة ولا سياسات مالية ولا سياسات ثقافية ولا اجتماعية، فكل وزير هو الحاكم بأمره فى وزارته يفعل فيها ما يشاء بدون حساب إلا ما يصل للسيد الرئيس وهو قليل..

فهل يمكن أن تنجح دولة أو جماعة أو فرد فى مستقبل لا تملك له رؤية وخططا وأهدافا محددة مطلوب الوصول إليها بجودة معينة وكفاءة معينة ووقت معين وتكلفة معينة؟؟
حقيقة الأمر أن مصر لا تملك هذه الرؤى، فلو كانت مصر تملك هذه الرؤى والخطط والإدارة ما كنا نحتاج أن نسأل، كل هذه الأسئلة، مثل: وماذا بعد الوزير الدكتور محمود محى الدين. ولا أى وزير آخر؟
وإذا كانت هناك سياسة محددة وإستراتيجية مسجلة محددة فلن يحدث تخبط بين الوزارات المختلفة مثل وزارة الاستثمار ووزارة الصناعة.

المطلوب وضع وتحديد رؤى إستراتيجية للمستقبل، ونسأل أنفسنا هذا السؤال:
ماذا نريد أن نكون؟ ما هو البعد الزمنى لتنفيذ الرؤى، حتى نحقق رؤانا لما سنكون عليه، ثم ما هى الوسائل التى يمكن أن توصلنا إلى أهدافنا، ثم وضع الخطط التى يجب تنفيذها، وتحديد الميزانيات ومصادر التمويل، وأساليب الرقابة والمحاسبة والحوكمة، والخطط البديلة، والثواب والعقاب...الخ.

ثم تأتى المؤسسات الدستورية، التى يجب أن تعمل فى وظائفها بكفاءة وشفافية، مثل أن تكون السلطة التنفيذية، تنفيذية فقط، وتقترح ما هو ممكن تشريعيا ويناقش فى مجلس الشعب الذى يجب أن يكون تشريعيا فقط، وليس تجار من جميع الأشكال، أما السلطة القضائية فلابد من إتاحة الحرية وعدم تدخل السلطتين الأخريين فيها وتأتى سلطة الصحافة ويحدد لها خطوط وفقا للديمقراطية حتى لا تخرج عنها.

أما ما يجرى حاليا من تفصيل وزارة على مقاس وزير أكاديمى فهو الفشل بعينه، وستظل مصر متخلفة طالما تتبع أساليب ارتجالية فى سياساتها، وطالما لا تلتزم بالأسلوب العلمى فى التخطيط والإدارة، والعمل بالقطعة لا يبنى بلدا ولا دولة، فنحن مع الأسف نعيش عصراً ليس له شبيه، فى التاريخ الحديث ولا التاريخ القديم ولا التاريخ الضارب فى القدم..

• دكتوراه فى إدارة الأعمال ورجل أعمال








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة