محمد فخرى

عن الخشخاش... سألونى؟

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010 07:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لدى خيط مهم قد يقودنا مباشرة إلى سارق لوحة "زهرة الخشخاش".. هكذا قلت للواء حمدى عبد الكريم مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، ورغم أن الساعة لم تكن قد تجاوزت الساعة الثامنة صباحا من آخر أيام رمضان، إلا أن صوت الرجل الهادئ المنبعث من التليفون المحمول كان يشير إلى أن الرجل يعمل بمكتبه منذ فترة لا بأس بها.

أخبرت الرجل عن عملى الصحفى، ثم سألته مباشرة عن القيادة التى تتولى قضية "زهرة الخشخاش"، بهدوء شديد أخبرنى: القضية فى النيابة الآن، قلت له ولكن النيابة لن تمشى وراء خيوط، ولن تستطيع أن تفعل ما يفعله البحث الجنائى، بهدوء أكثر رد الرجل سوف أجعل "هانى بيه" يكلمك على هذا المحمول.

انتهت محادثتى التى استمرت لدقيقة واحدة مع مساعد الوزير، وتذكرت بعدها الجهد الذى بذلته طوال الليل بعد أن قررت بجسارة لا مبرر لها أن أضع يدى على سارق "زهرة الخشخاش"، ولما لا! تركت كل ما فى يدى، وجلست أتابع كل ما نشر من تحقيقات عن القضية وملابستها، حادثة عجيبة لا يمكن أن تحدث دون تخطيط جيد ومراقبة مستمرة، مؤكدا أن السارق قد سجل تفاصيل المكان، ودخل إلى هذه الحجرة أكثر من مرة، ومؤكدا أكثر أن أمه ستكون – داعية له – لو استطاع تصوير المكان بالفيديو، حيث سيعلم المداخل والمخارج وأماكن الكاميرات العطلانة، إلا إننى وأثناء جلوسى على الإنترنت وأمامى موقع الفنون التشكيلية، فوجئت بمفاجأة مذهلة غابت عن الجميع، وجعلتنى أواصل البحث والتنقيب حتى الصباح، وانتظرت بفروغ الصبر بدء مواعيد العمل الرسمية ثم اتصلت بمساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة فى مكالمة استغرقت دقيقة فقط، وانتهت على أمل أن يتصل بى هانى بيه.

من هو هانى بيه؟ لم تمر لحظات إلا وقطع حبل أفكارى رنين الموبايل لأجد العميد هانى عبد اللطيف مسئول الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية يحدثنى طالبا تفاصيل الخيط الذى يقود إلى سارق اللوحة التى ملأت أخبارها الدنيا وشغلت الناس.

أخبرت الرجل بالمفاجأة المذهلة التى عثرت عليها فى موقع قطاع الفنون التشكيلية الذى يمتلئ بعشرات الأيقونات، فقد وجدت بينهم أيقونة باسم "بانوراما متحفية" وهى أيقونة تقودك مباشرة بالصوت والصورة، وبأكثر من لغة وبتصوير فيديو بانورامى ثلاثى الأبعاد إلى داخل أى متحف فى مصر، ومن هذه المتاحف متحف محمد محمود خليل، والمدهش فى الأمر أن من يضغط على هذه الأيقونة يستطيع أن يتجول بالكاميرا إلى أى حجرة من حجرات المتحف، وأن يشاهد اللوحات ومداخل ومخارج الحجرات، ووضع الكاميرات وحتى السقف والشبابيك، هذا بالإضافة إلى خريطة الحجرات واللوحات الموجودة.

ثم أضفت وأنا أشرح للرجل المنصت على الطرف الآخر: إن أى لص من لصوص الأعمال الفنية على استعداد للتضحية بالكثير فى سبيل الحصول على هذه الخدمة المجانية التى ستعفيه من الدخول بنفسه لمرات عديدة لتصوير الحجرة بتفاصيلها.

تساءل العميد هانى عبد اللطيف: ومن الذى وضع على الموقع هذا التصوير البانورامى؟ قلت له إن هذه الخدمة تتيحها بعض المتاحف فى العالم، مع الوضع فى الاعتبار أثناء التصوير ألا يكون الأمر بمثابة وضعه خريطة للصوص المتاحف، كما أنهم يجعلون الأمر مقترنا بحراسات أمنية مشددة، ولكن متاحفنا ينقصها لوحة إرشادية مكتوب عليها "عزيزى سارق اللوحة فى أمان الله".

ثم أضفت للرجل المهذب الذى كان يكتب ملاحظاتى على الطرف الآخر من الموبايل: بداية الخيط، يمكن ببساطة شديدة ومن خلال إدارة أمن الإنترنت بالداخلية تتبع موقع قطاع الفنون التشكيلية أثناء التوقيت السابق لسرقة المتحف، ومن المؤكد أن الداخلية ستصل إلى الكمبيوتر وخط الإنترنت الذى تردد على الموقع لمتابعة تفاصيل المتحف من خلال البانوراما المتحفية، وسنعرف وقتها إذا كان مصريا كما أكد محسن شعلان فى أثناء تحقيقاته للنيابة، حيث أشار إلى أنه يشتبه بمصريين دخلا وخرجا أكثر من مرة، وليس لديه سوى أوصافهما... الآن ومن خلال هذا الخيط يمكن الوصول إلى الكمبيوتر الخاص بهما أو بأحدهما، فربما كان هذا الكمبيوتر فى غرفة ببولاق أو شقة فى وسط البلد أو قرية من قرى البحيرة،أو ربما كان فى دولة أخرى وقتها سنعرف جنسية اللصوص، وإذا كانوا قد خرجوا من مصر أم لا، المهم أننا يمكن أن نرصد كل من تردد من اللصوص على موقع قطاع الفنون التشكيلية من داخل مصر أو من الخارج، خصوصا وأن محمد عبد الصبور فرد الأمن أكد أن هناك سيدتين إحداهما إيطالية خرجتا دون تفتيش عقب تجولهما بالمتحف.

شجعنى حماس العميد هانى عبد اللطيف على المواصلة، فقلت هناك أيضا خيط مهم ومدهش أيضا لم يلتقطه أحد، وهو أن هذا المتحف قد شهد منذ ثلاثة أشهر فقط إقامة احتفالية يوم 27/5/2010 بمناسبة مرور 120 عاما على وفاة "فان جوخ" صاحب لوحة زهرة الخشخاش، وكانت اللوحة معروضة آنذاك وحضر الاحتفالية الكثيرون ومنهم بعض الإيطاليين، وفى يوم 31/5 تم عمل معرض فى قاعة أفق1 بعنوان "بعيون إيطالية" واستمر المعرض 21 يوما، ويمكن ببساطة معرفة الإيطاليين الذين دخلوا مصر أثناء المعرض، ثم تكرر دخولهم أثناء سرقة اللوحة، خصوصا وأن من يظل متردداً على المعرض لمدة عشرين يوما يمكن له ببساطة أن يعرف إذا كانت كاميرات المتحف تعمل أم لا.

رد العميد هانى عبد اللطيف ما تقوله هو خيط آخر مهم... قلت له هناك أيضا خيط ثالث لم يقترب منه أحد، وهو أن قاعة "أفق" بالمتحف قد شهدت إقامة صالون فنى لـ12 فناناً تشكيليا مصريا بعنوان "صالون مصر" فى دورته الرابعة، ولقد أقيم الصالون يوم 15/7 واستمر لمدة شهر، حيث انتهى يوم الأحد 15/8 ثم سرقت اللوحة بعد 5 أيام فى يوم السبت التالى 21/8، أليس من المنطقى أن يتم الاسترشاد برأى الفنانين، أو سؤالهم، خصوصا وأنهم تواجدوا طوال مدة شهر وقبل سرقة اللوحة بعدة أيام، وهو ما يعنى أنهم قد باتوا يعلمون الكثير عن المكان.

استمهلنى المسئول عن الإعلام بالداخلية العميد هانى عبد اللطيف حتى كتب التفاصيل التى أشرت إليها، ثم طلب منى باقى تليفوناتى لاستكمال أى تفاصيل تحتاج إليها الداخلية؟

• صحفى بجريدة الجمهورية





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة