حسام الغمرى يكتب: الحاكم والمحكوم.. أنشودة احترام متبادل

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010 07:40 م
حسام الغمرى يكتب: الحاكم والمحكوم.. أنشودة احترام متبادل الرئيس جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائما ما تحلم الشعوب بالقائد العادل الحكيم المُلهم المدبر للأمر على أرض الوطن نصير الضعفاء الفقراء مروض الأغنياء، ويبشرونه فى المقابل بصادق الدعوات وأرق الأغنيات، وبصفحة بيضاء فى ذاكرة الأمة وتاريخ أمجادها، وبالطبع كل الاحترام له فى حياته ولذكراه بعد مماته.

ولكن فى المقابل هل يحتاج الحاكم أن يحترم شعبه؟ هل يحتاج أن يراه كبيرا واثقا داعما أبيا، متحضرا متطورا حُرا مستنيرا، فيخجل منه إن ضل أو كاد، ويجزع من مقالات نقده أو نقد رجاله، ويفزع إذا ألم به أو بفئة منه مكروه أو حادثة من حوادث الأيام والعبارات والقطارات .

ولكن ماذا لو كان الحاكم لا يحترم شعبه؟ أو دعونى أقول ماذا لو لم يقدم الشعب لحاكمه ما يدفعه إلى احترامه؟

قبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نستذكر ماض ليس ببعيد، وتحديدا أحداث 9و10 يونيو 1967 بعد إذاعة خطاب التنحى الشهير للرئيس جمال عبد الناصر وقد أعجزه الواقع العسكرى إلا عن بيان يُلقيه للشعب أمام كاميرات تليفزيونية – وخيرا فعل – يطلب منه أن يساعده على قراره بالتنحى والقبول برئيس آخر سماه بنفسه وهو السيد زكريا محى الدين، ولم يتحدث عن فترة انتقالية تحدث بعدها انتخابات حُرة أو ما شابه ذلك، المهم أن الشعب رفض هذا كله، وخرجت الجموع الحاشدة مُصرة على بقائه، صامدة أمام نكسة الطبقة الحاكمة، صابرة على نتائجها، رافضة تعميق هذه النتائج بتنحى يثلج صدور الأعداء وكانت تهتف بعزم هنحارب، فاستمد الرئيس جمال عبد الناصر من هذا الموقف شرعية جديدة منحها له الشعب وحده، فبات مدينا له، لا لفئة أخرى أجلسته حيث يجلس، فجاءت أول قراراته الصائبة بتعيين اللواء محمد فوزى وزيرا للحربية، واللواء عبد المنعم رياض رئيسا للأركان، وكانا – رحمهما الله – من القيادات الرائعة ذات الكفاءة، قادران على تحمل تبعات الموقف، ومسئولية الصمود أثناء إعادة تشكيل القوات المسلحة المنهارة معنويا وخططيا وتسليحا .. إلى آخره .. ولم يكن القائدان يتبعون ما كان يُعرف وقتها – بشلة المشير – ولا أظن أن الرئيس عبد الناصر دون هذا الدعم الشعبى كان يستطيع استعادة الجيش من قبضة صديقه ورفيق كفاحه وشريك نكسته المشير، وتوالت القرارات الحاسمة – الصائبة – وكلها تستلهم رد الجميل إلى الشعب عن طريق تصحيح المسيرة واستعادة ما قد ضاع فتوالت أخيرا القرارات الصائبة، ولا يفوتنى أن أتذكر المقولة الشهيرة لروجرز فى نهايات العام 1969 واصفا الموقف الإقليمى والدولى فى الشرق الأوسط بأن عبد الناصر المهزوم يبدو منتصرا وجولدا مائير المنتصرة تبدو محاصرة.

وهكذا نجد أن التاريخ يخبرنا أن الرئيس عبد الناصر نفسه احتاج دعم شعبه فى أعتى المحن، وكان الشعب هو من قاده وآزره صوب الطريق وليس العكس، فتم تطهير الجيش من اللاهين، وجرت المحاكمات إرضاء للشعب واستخلاصا للعبر، وحاورنا الشرق والغرب من واقع جديد أدركوا صلابته حتى رحل عبد الناصر عن عالمنا وهو يحترم شعبه والشعب حزين لفراقه.

والشعوب كى تطبع حكامها على احترامها يجب أن تتميز بخصال عدة أهمها الرفض التام لفكرة أن يتولى حكمها من لا يعبر عن أغلبيتها أو من يعمل على تحقيق مصالحها والحفاظ على ثرواتها ابتداء من اللوحات الفنية انتهاء بحصتها من المياه العذبة النقية، كما يبرز فيها المفكرون المستقلون الذين لا يخشون فى الحق إغلاق جريدة أو فضائية، أو قضية تزوير أو ضياع منصب رسمى رفيع، أو بضعة لكمات من مجهولين فى أحد الميادين أو حتى الزنازين، كما يجب أن يبرز فيها علماء مبتكرون، يسهمون باختراعاتهم فى دفع عجلة التنمية والإسهام فى الحضارة الإنسانية العالمية، ورجال دين لا يُستأجرون، وفنانون راصدون للواقع لا يتملقون، وأغنياء منتمون، وفقراء يسعون، ووزراء يستقيلون، ونواب لا ينامون.

عندما يتحقق هذا كله يحترم الحاكم شعبه ويسعد فى حكمه، وربما يتركه يختار لنفسه من بعده .





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة