Go to hell قصة جديدة لشريف عبد المجيد

الإثنين، 13 سبتمبر 2010 10:13 ص
Go to hell قصة جديدة لشريف عبد المجيد شريف عبد المجيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تصحو من نومك فجأة كما هى عادتك فى الأيام الأخيرة تلعن الأرق وتلعن وظيفتك، تعرف أنك لن تنام وستظل متيقظا حتى بعد أذان الفجر.. ستطاردك تلك الكوابيس المفزعة ستدخن أكثر من عشرة سجائر، وستقلب كل قنوات الدش بحثا عن الاسترخاء المطلوب حتى تنام، ولكن ذلك لن يحدث كما تعرف.

توقفت يداك أمام فيلم اللعب مع الشياطين ستلعب تلك اللعبة التى تختبر فيها نفسك تحاول أن تعرف من هو كاتب السيناريو ومن هو المخرج وتخمن بقية أحداث الفيلم، وترى هل ما توقعته سيكون صحيحا أم لا لكن ما جذبك هذة المرة هو المصير الحقيقى لأبطال الفيلم، عبد الله محمود ذلك الفتى الأسمر الذى كان من المفترض أن يكون نجما سينمائيا لكنه ظهر فى أسوا ظروف للسينما المصرية، وعندما جمع المال اللازم ليصير بطلا لأول مرة كان القدر له بالمرصاد، ومات قبل أن يرى أول فيلم يتصدر هو الإفيش الخاص به، محسن محيى الدين البطل الثانى للفيلم اعتزل الفن فى عز عطائه الفنى، وانسحب من الساحة معلنا رفضة الكامل لعالم الفن، تشاهد تلك الرقصة المبدعة التى يرقصها محسن محيى الدين مع عبد الله محمود، وتتعجب هل كانا يدركان ما يخبئه لهما القدر؟ ما هو طموحهما فى تلك اللحظة رقصة قلما تجد من يؤديها بين أبطال السينما المصرية، هؤلاء الأبطال إنهم يشبهون أبناء جيلك لم يصلوا أبدا لأدوار البطولة، وأنت بالذات شارفت على الأربعين ولم تحقق أى شىء من أحلامك الخاصة، تخرجت فى عام 1993 تتذكر الآن تلك الفترة المريبة فى تاريخ العالم، أولا سقوط حائط برلين وبعده بتسعة أشهر تقريبا كانت حرب الخليج الثانية، ثم سقوط الاتحاد السوفيتى فى عام 1992، تتذكر الآن ما قاله جورباتشوف- لم أخطط لكل تلك الأحداث ولكن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية كان لابد له أن يتغير- وأخيرا اتفاقية أوسلو التى لا تعرف حتى الآن ما هى فائدتها، كانت التسعينات الغريبة تقتحم كل ما درسته وعرفته عن العالم، كان التقليب فى التربة يشبه البركان الذى جعل كل شىء وكأنه يبدأ من جديد، وكأن لعنة تلك الحقبة طالت كل شىء حتى مصير أبطال هذا الفيلم العجيب الذى تشاهده لأول مرة فى حياتك، وهكذا وجدت لعبة جديدة أقل مللا تبحث فيها عن مصير أبطال الفيلم.

Go to hell

تفكر كيف كانت الخلافات بينك وبين أصدقائك المجموعة التى تحب محمد منير والمجموعة الأخرى التى تعشق على الحجار، أما فى أوساط غير المثقفين فكان يدور صراع عبثى بين محبى محمد فؤاد وعمرو دياب، ولكنك كنت تحب أغانى محمد فؤاد أكثر خاصة أغانى أفلامه لكنك لم تكن تصرح أبدا بذلك، كان عليك دائما أن تعرب عن حبك لفيروز ومنير وبعض أغانى الحجار، وعندما ظهرت موسيقى الراى اكتسحت كل ذلك، كانت هوس جيلك ربما لأنها كانت تقربه من الموسيقى الغريبة وحلم مغادرة تلك البلاد التى لا نفهم منها أى شىء وكأنها دائما تدور خارج حدود الخيال، خالد ديدى الهارب من الجيش الذى تحول إلى نجم نجوم العالم، سينما خان ودادود عبد السيد وخيرى بشارة وعاطف الطيب، صدور قرار وقف التعيين فى أواخر الثمانينيات وأن على كل واحد منا أن يبحث عن خلاصه الخاص، وأن يدبر حياته بطريقته الخاصة لم يكن هناك موبايل أو دش أو إنترنت، كل شىء محدد وواضح ومعروف كل ما هنالك هو محاولة الهروب من ظروفك بأى شكل من الأشكال وبأى ثمن.

Go to hell

حاولت كثيرا أن تترك مهنة الإعداد التلفزيونى تلك المهنة التى تشبة عمل السكرتير أو المشهلاتى كل شخص هو ضيف محتمل كلما توافرات لديك علاقات جيدة كلما أصبحت معدا ناجحا تدافع عن نفسك بأن تكتب سيناريو الحلقات وتبحث عن شخص مناسب يقوم هو بعملية الاتصال بالضيوف ثم توصلت أخيرا لفكرة أن تصنع برامجك حول الأشياء التى تحبها فقط، فلا يكون هناك عبء العمل فى برامج لا تفهم فيها شيئا، ولا تحبها، كنت تعرف من البداية أن هذة المهنة مجرد مرحلة انتقالية تنتقل بعدها إما لكتابة السيناريو حيث المجد والمال والشهرة أو تتجه للصحافة حيث السلطة والنفوذ وشبكة العلاقات المتشعبة، لكنك وكما هى طبيعتك اتجهت للأدب وللقصة القصيرة تحديدا ألم أقل لك أنك فاشل كبير.

Go to hell
ها هى هالة فؤاد نجمة جميلة رقيقة رومانسية أحببتها فى مراهقتك جدا كنت تحب قصة حبها مع أحمد زكى وحزنت جدا عندما افترقا، هى بنت المخرج أحمد فؤاد ربما كانت أهم اعمالة الحب فى طابا، وأشهر أفلامه الفيلم الكوميدى الساذج 4-2-4
لكن هالة فؤاد أصابها شىء من المرض وماتت صغيرة، وقبل موتها تحجبت واعتزلت الفن كان موتها قد سبب لك ألما كلما شاهدتها متألقة وجميلة، كنت تبكى وكأنك تعرفها ها هى تؤدى واحدا من أجمل أفلامها، إنه فيلم تقليدى عن محاولة مجموعة من الشباب للوصول لبر الأمان وتحقيق أهدافهم يسكنون فى شقة مفروشة تغويهم زوجة صاحب الشقة، ويتعرضون لبعض المضايقات من عصابة تتتاجر فى المخدرات فيلم ينتمى للتسعينات بامتياز كان لازال هناك أمل فى كل شىء النجاح والزواج والارتباط بمن تحب - بعد ذلك بعشر سنوات فقط صار كل لك مستحيلا- فقراء هم وهناك الفتى الغنى الذى يملك المال أيمن عذب لا أعرف على وجه الدقة ماذا حدث له، بعد ذلك لم يصبح نجما رغم ما يمتلكه من مواصفات مميزة وأدى دورة بشكل جيد نهى العمروسى كانت ممثلة جيدة توفى زوجها بشكل مفاجئ وبعدها توارت عن الأنظار، أذكر لها دورها المميز فى فيلم بيت القاصرات ودورها الصغير فى فيلم حدوتة مصرية، فتاة سمراء مصرية بملامح جميلة، هل يمتلك ذلك الفيلم لعنة خاصة لأبطالة؟

لا أعرف ربما الناجى الوحيد هو هشام سليم رغم أنه كان من الممكن أن يصبح نجما ذهبيا أراه الآن فى بعض المسلسلات، أنقذته أدواره مع أسامة أنور عكاشة أحب دورة جدا فى الرايا البيضاء وليالى الحلمية ومع يوسف شاهين فى عودة الابن الضال.

لا أعرف لماذا بكيت أثناء مشاهدة الفيلم الذى لم أكن شاهدته من قبل أبدا
كل منا فى بداية حياته تحدوه آمال عريضة، ربما لو عرف نهايته لم حلم بكل هذا الطموح الكبير الحياة نفسها تشبه اللعب مع الشياطين، وهو اسم ذلك الفيلم الغريب لم أعرف أن الأرق يجعل الإنسان يفكر فى كل هذه الأشياء الغير مترابطة، كان موت أحمد فؤاد بعد سنوات بسيطة من موت ابنتة أمرا مفجعا لى، أما موت أحمد زكى نفسه فكان حدثا لا يمكننى نسيانه، هذه العائلة قدرها غريب جدا، ومؤلم بشكل غير عادى.

أشاهد الآن مشهدا بالفيلم، عندما سألت أم هالة فؤاد أخيها الصغير عن معنى كلمة go to hell فقال لها يعنى يارب توقعى فى الحفرة، ولكن هالة فؤاد قالت له لأ يعنى روحى فى جهنم، لا أعرف لماذا ضحكت كثيرا على هذا المشهد.
وكنت بعد ذلك كلما حدث لى شىء أقول لمن ضايقنى يارب توقع فى الحفرة.

Go to hell

انتهى الفيلم وكان عليك الآن أن تأخذ حبوبك المهدئة وتحاول النوم أو تذهب للحفرة وهنا ستجد الجريدة التى بها تصريحات جورباتشوف.
أثيرت حولى الكثير من الأقاويل خاصة بعد الإصلاحات التى قمت بها حتى فى أوساط الحزب الشيوعى، ولم أكن اعرف أنها ستغير العالم، ولكنى أقول الآن وبعد كل هذه السنوات بأى حال من الأحوال لم يكن ممكنا العودة للوراء.

قصة من المجموعة القصصية "فرق توقيت" التى ستصدر قريبا عن دار نهضة مصر، صدر للكاتب مقطع جديد لأسطورة قديمة دار ميريت 2002، وخدمات ما بعد البيع دار ميريت2007، حصل على المركز الأول لجائزة ساويريس لعام 2008.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة