شهد العالم فى الآونة الأخيرة الكثير من مظاهر التعصبات أودت بحياة آلاف البشر مثلما حدث فى 11 سبتمبر أو أثارت الكثير من الغضب نتيجة الرسوم المسيئة لسيدنا محمد، صلى الله عليه سلم، والمجموعات الإلكترونية التى تشوه صورة حضرة المسيح له المجد وغيرها من المواقع التى تهين رموز ديانات عديدة ولها مؤمنين بها فى كل أرجاء المعمورة.
لقد ابتلى عالم البشر بمرض التعصب، وهو للأسف مرض مزمن وسبب هلاك البشر. إذ إن جميع الاختلافات والحروب والمنازعات وسفك الدماء سببها هذا التعصب المقيت. وكل حرب تقع تكون ناتجة إما من التعصب الدينى وإما من التعصب العنصرى، أو من التّعصب العرقى أو من التعصب السياسى، وطالما أن هذه التعصبات قائمة فلن يقر للعالم الإنسانى قرار.
انظروا إلى أصحاب الأديان، فلو كان هؤلاء مؤمنين بالله حقًا، ومطيعين للتعاليم الإلهية لما تعصبوا لأن التّعاليم الإلهية تأمر بألا يكون هناك تعصب قط. وهى تنص صراحة على وجوب معاملة البشر بعضهم البعض بالمحبة، وعلى أن الإنسان يجب أن يرى القصور فى نفسه لا فى غيره، وأنه لا ينبغى له أن يفضل نفسه على غيره. ذلك لأن حسن الخاتمة مجهول ولا يمكنه الوقوف عليها. ولهذا ينبغى ألا يكون بين البشر أى تعصب فلا يقول أحد أنا مؤمن وفلان كافر ولا يقول أنا مقرب إلى الله وذاك مردود. لا امتياز لأحد منهم على أحد اللّهم إلا الّذين يعملون بموجب التعاليم الإلهية، والذين هم صادقون رحماء محبون للعالم ويمثلون رحمة الرحمن. فهؤلاء ممتازون حقًّا أيًّا كانوا وهم مقربون عند الله. هؤلاء هم مصابيح عالم البشر المضيئة وأشجار الجنة المثمرة. ولهذا فالامتياز بين البشر قائم على أساس الأخلاق والفضائل والمحبة والمعرفة وليس على أساس نسبته إلى أى دين أو عرق أو لون أو مكان.
آمل فى أن تضىء العالم نورانية المحبة، وأن يحيط بالكون فيض ملكوت الله، وأن تشمل الجميع رحمة الرحيم المنان، وأن يظفر العالم الإنسانى بالانطلاق والتحرر من هذه القيود الأرضية، ويتّبع الخطط الإلهية. دققوا النظر تجدوا أن الله خلق جميع البشر، وهو رؤوف بهم جميعًا، يشملهم برعايته وعنايته. فنحن إذًا عبيد الله وينبغى للعبد أن يتبع مولاه بالروح والفؤاد. فتضرعوا وابتهلوا وتوجهوا إليه كى تزول هذه الظّلمات وتتجلّى أنوار التسامح والوحدة والسلام بين جميع البشر.
الحقيقة أنه قد الأوان أن يتم نبذ جميع أنواع التعصبات بالكلية، خاصة التعصب الدينى فالتعصبات نار تحرق العالم وهادمة لبنيان عالم الإنسانية ولا سبيل لإطفائها إلا باحترام كل المعتقدات الدينية لكل البشر.
إننى أقترح أن تتبنى الأمم المتحدة يوما "لنبذ التعصبات" يتعهد فيه ملوك وحكام الأرض وقادة الأديان فى العالم على إبعاد شبح التعصب وعلى إبراز المشترك بين الأديان والسعى إلى ازدهار ووحدة الجنس البشرى. أتمنى من أعماق قلبى أن تٌطوى هذه التعصبات وتصبح مجرد ذكرى أليمة فى تاريخ العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة