على بريشة

مصر التى تنتحر

السبت، 11 سبتمبر 2010 07:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تنتهى من قراءة هذا المقال، سوف يكون مواطن مصرى على الأقل قد أنهى حياته بيده.. بينما حاول عشرون آخرون الانتحار ولكنهم فشلوا.. وقبل أن تذهب لتنام هذا المساء سوف يكون 14 مواطناً مصرياً قد أنهوا حياتهم، بينما حاول 285 آخرون وفشلوا فى الانتحار.

هذه الأرقام المروعة خرج بها تقرير رسمى للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الذى رصد 5000 حالة انتحار فى مصر خلال عام 2009.. و104 آلاف محاولة انتحار خلال العام نفسه.. طبعا التقرير لم يتضمن عدد حالات الانتحار التى لم تسجل.. وعدد "المحظوظين" الذين رحمهم الله من ارتكاب جريمة الانتحار، فقضى عليهم الكمد والغيظ والإحباط والفقر والبطالة والاكتئاب والمسلسلات وبرامج التوك شو ومباريات الزمالك، وهى الأسباب التقليدية التى تؤدى عادة للانتحار.

يحدث هذا رغم أننا فى صميم تكويننا كمصريين نعتبر أمة متدينة.. ورغم أننا نعلم علم اليقين أن الانتحار حرام حرام.. فى الإسلام وفى المسيحية على السواء.. ومع ذلك يبدو أن ضغوط الواقع أصبحت أكبر مما يحتمل المصريون.

أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تقول بوضوح إن الزيادة الوحيدة التى تحققت فى مصر خلال الأعوام الماضية هى أعداد المنتحرين، ففى عام 2005 كان عددهم أقل من 1100 حالة سنويا.. تضاعف فى العام التالى ليصل إلى 2335 حالة.. وفى عام 2007 أصبح المعدل 3700 حالة وفى عام 2008 أصبح الرقم 4200.. وفى 2009 قفز إلى 5000 حالة انتحار.. والله وحده يعلم كم منتحراً حاولوا ونجحوا أو فشلوا فى العام الحالى، ولكن صفحات الحوادث تنبئنا أن العدد زاد بالتأكيد وأصبح يحمل ملامح علنية.. مثل الشاب الذى شنق نفسه على كوبرى 6 أكتوبر منذ شهور ليجعل انتحاره صرخة احتجاج علنية على رؤوس الأشهاد.

وحتى لا يبدو الوضع مأسوياً، سوف نحاول أن نفتش فى الكوب عن النصف الملآن كما ينصحنا منظرو الحكومة وكتابها الملاكى.. سوف نحاول أن ننظر إلى الجانب المشرق من الأرقام، وهى أن مصر ولأول مرة أصبحت تنافس الدول المتقدمة فى شىء.. أى شىء.. فمن المعروف أن السويد واليابان يسجلان أعلى معدلات الانتحار فى العالم.. صحيح أنهم فى السويد ينتحرون من فرط الرفاهية.. وفى اليابان ينتحر الوزراء وكبار المسئولين على طريقة الساموراى كلما حدث فى مؤسساتهم تقصير (لأن عندهم دم) إلا أن ذلك مجرد تفاصيل غير مهمة.. وإنما المهم أننا نجحنا أخيراً فى تحقيق إنجاز منافسة العالم المتقدم فى أى شىء.. ونجحنا أخيرا فى أن نجد إحصائية لأى شىء فى مصر تتضاعف أرقامها خمس مرات فى أربع سنوات.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة