قالت الروائية أمينة زيدان، إن مستقبل الرواية بين يدى المرأة، مؤكدةً على أن الشواهد كثيرة على ذلك، ولكنها تخضع للتعتيم من قبل السلطة الذكورية التى تهيمن بعنف على الواقع الثقافى.
اليوم السابع التقى أمينة زيدان وحاورها حول رواياتها "شهوة الصمت" الصادرة مؤخرًا عن دار النهضة للنشر، وفيها تتناول أحداث الناصرية وحرب أكتوبر.
بداية من رواياتك "هكذا يعبثون" وحتى روايتك "شهوة الصمت"، ما الذى ترينه استمر وما الذى تغير فى تجربتك الإبداعية؟
أعتقد أن الانشغال بالفضاء المكانى والزمانى همٌّ مستمر فى التجارب الروائية ابتداءً بــ"هكذا يعبثون" ومرورًا بــ"نبيذ أحمر" ثم انتهاءً بــ"شهوة الصمت"؛ فالزمان يكاد يكون ثابتًا، ولكن المكان الذى تجرى عليه الأحداث مختلف بحيث يسمح برصد شخصيات ذات أبعاد مختلفة، أما التغير فأعتقد أنه يرتبط باستخدام تقنية الرمز فى "شهوة الصمت".
ما تفسيرك للتفكك الذى يتجسد فى أعمالك على مستويات مختلفة، من خلال الشخصيات المبهمة واللغة الملتبسة، والمعنى الذى لا يكتمل، وهل هذا جزء من التباس ملامح العالم الذى تتناولينه؟
أعتقد أن القارئ الآن لديه القدرة على فهم ما يريده الكاتب وأن يملأ فراغات النص، فالتفكك، والشخصيات المبهمة، واللغة الملتبسة، والمعنى الذى لا يكتمل، فى ظنى يعد هروبا من تفاصيل تم استهلاكها، وحينما أكتب فأنا أكتب ما أعرفه، وما تعرفه أنت، وما يعرفه غيرنا ممن يعايشون الواقع نفسه, لذلك فأنا لست بحاجة لتقديم تقرير واقعى وافٍ للقارئ.
للزمن حضور كبير فى "شهوة الصمت" خلافًا للأزمنة المتعددة التى تصل الحاضر بالماضي؛ فما هى رؤيتك حول هذه الصلة بين الأزمنة المتعددة فى هذه الرواية؟
كنت معنِّيةً بتقديم الماضى والحاضر ورؤيا عن المستقبل فى قالب زمنى واحد وبصوت راوٍ واحدٍ يسمح بصعود أصوات أخرى تشاركه السرد وتختفى بينما يمتد عمر الراوى الرئيسى لأكثر من قرن.
يتكرر الصمت فى صفحات الرواية من أولها لآخرها وكأنها عنصر أساسى فيها، فهل تتصورين الصمت وسيلة للاحتجاج أم سلاحًا للمقاومة أم ماذا؟
الصمت وسيلة العاجز وسلاح المهزوم ولا شيء يقوى السلطة بقدر ما يقويها الصمت كما قال شارل ديجول.
كيف استطعت توظيف دلالات الحياة والموت، والجنون والعقل، والفقد والوحدة، والتساؤل، وتصورات الزمن، وتعدد الأصوات؟
فى ظنى أن المفردة وعكسها تشكل شيئًا واحدًا بمعنى أنه ليست هناك حياة بغير موت وليس هناك عقل خالص من الجنون, من هنا اختلط الأحياء بالموتى وذابت المسافة بين جنون الشخصيات وحكمتها، أما عن الفقد والوحدة والتساؤل فهى عناصر رئيسة فى درامية الشخصية, كما أنها طقوس ثابتة يمارسها كل كائن واع.
أنتقل إلى توظيف التصورات الخاصة بالزمن، فأقول بأن هناك ما يشبه النبؤة المبنية على أحداث الماضى ومعطيات الحاضر، لذلك لم يكن هناك تقسيم بنائى لزمن ويس هناك تصنيف لأى ظرف زمنى فالزمن كما أشرت آنفًا يبدو كوحدة متصلة كما أعتقد أنه كذلك بطبيعة الحال فالحاضر مبنى على الماضى وكذلك المستقبل غير منبت الصلة عن الحاضر.
أما عن اللجؤ لتقنية تعدد الأصوات فكان ضرورة، لأن الرواية كانت معنية بتقديم نماذج أساسية يعج بها الواقع وتلقى بدلالاتها على شخصيات مؤثرة فى الوعى الجمعى مثل شخصية العالم الذى قتل صديقه لكى يستولى على امرأته وعلى حياته كلها.
وكذلك شخصية ليى الأجنبية التى تعمل كجاسوسة لصالح النظام الذى قتل عائلتها وغير ذلك من الشخصيات التى أردت أن أمنحها الفرصة لتعبر عن نفسها بدون أن يكون لدى سلطة محاكمتها أو تقييمها.
برأيك هل هناك ما لم يكتب بعد عن فترة الناصرية وحرب أكتوبر؟، أم أن الكتابة عن هذه الفترة أصبحت مستهلكة بحكم ما يفرضه الواقع من أحداث؟
بحكم ما يفرضه الواقع من أحداث فإن الفترة الناصرية وحرب أكتوبر والتداعيات التالية والممتدة إلى اللحظة الراهنة ستظل موضوعًا قابلاً للكتابة وللتحليل لأجل غير مسمى.
ما الشكل الأمثل للتعبير عن عالم أمينة زيدان ترى القصة أم الرواية؟
الرواية.
ولماذا؟
الرواية عالم مواز يتشكل وينبنى فى فترة زمنية قد تتجاوز الخمس سنوات أضيف إليه ويضيف إلى حتى نصبح جزءًا واحدًا إنها كالمعارك الكبرى التى يخوضها المرء ويكفيه منها شرف المقاومة وحرية الانتقال من أرض لأرض.
وما هو مشروعك القادم؟
لا أستطيع الإفصاح عنه لأنه لم يتشكل بعد.
ما رؤيتك لتجارب الكاتبات المصريات وموقعك بينهن؟
أرى أن كتابة المرأة الآن أكثر نضجًا وأكثر تجاوزًا للأشكال النمطية وأعتقد أن مستقبل الرواية بين يدى المرأة، أما موقعى بينهن فلا أستطيع تحديده لأنه أمر لا يشغلنى.
ما هى الشواهد التى تؤكد على أن مستقبل الرواية بين يدى المرأة؟
الشواهد كثيرة ولكنها تخضع للتعتيم من قبل السلطة الذكورية التى تهيمن بعنف على الواقع الثقافى، وأنا لا أعنى فقط المرأة الكاتبة، بل المرأة عمومًا وإذا راجعت شهادات كتابنا الكبار لوجدتهم يردون فضل كونهم كتابًا إلى أمهاتهم.
وما الذى تنظره أمينة زيدان من الكتابة؟
أن تخلصنى مما أحمله. أن تحررنى من الصمت.
لمعلوماتك..
ولدت أمينة زيدان بمدينة السويس 1967، وعاشت فيها حتى حرب أكتوبر 1973.
حازت على جائزة نجيب محفوظ التى ترعاها الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن روايتها "نبيذ أحمر"، كما نالت مجموعتها القصصية "يحدث سرًا" جائزةً أدبية رعتها جريدة "أخبار الأدب" 1994، كما نالت جائزة مهرجان القاهرة الدولى لأفضل مجموعة قصصية 1995 وترجمت إلى الإنجليزية فى مجموعة "تحت السماء العارية"، كما حازت كذلك جائزة "باسن" لدول البحر الأبيض المتوسط عن روايتها الأولى "هكذا يعبثون" التى تُرجمت إلى الإيطالية 1997.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة