محمود جاد

كاميليا شحاتة.. "امرأة هزت عرش مصر"

الجمعة، 10 سبتمبر 2010 12:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تعبر تلك السطور عن كراهية للمرأة بقدر ما هى إدانة للمجتمع الشرقى الذى داءب اختزال آماله وطموحاته وسقطاته حول خصر الجنس الناعم، لتصبح الأنثى محركاً سلبياً وإيجابياً لكافة ما يعترض له هذا المجتمع، فمن قديم الأزل اتهمها المجتمع الذكورى بوقوفها وراء خروج آدم من الجنة وحرمانك أنت وأنا من العيش فى نعيم الله دون عناء الدنيا وحساب الآخرة.. وفى الإسلام يصنف بعض الفقهاء النساء على أنهن "ناقصات عقل ودين"، ورغم ذلك تجد أكثر مظاهر الترغيب القرآنى فى جنة الله هم الحور العين.

ربما ذلك التضارب، هو ما جعل المرأة فى صدارة أزمات المجتمع الشرقى، الذى شهد ميلاد الرسالات السماوية الثلاث، لكن الأمر فى مصر يحمل طابعاً يظل منفرداً.. فكثيرون يسقطون المصالح السياسية والمالية، ويختزلون أسباب الهزائم والانتصارت فى المرأة ولا شىء سواها، فالغالبية ترى أن سبب بيع قناة السويس هو سحر وإثارة الإمبراطورة أوجينى التى فتنت الخديوى إسماعيل.. كما يتغافل كثيرون أسباب نكسة 1967، ويحصرونها فى علاقة رجل السلطة بالمرأة، كما كان الأمر فى علاقة المشير عبد الحكيم عامر آنذاك بالفنانة برلنتى عبد الحميد.. حتى على مستوى الدراما والسينما، تجد ضعف رأفت الهجان أمام الفاتنة إيستر بولونيسكى أمراً يهدد مصير المخابرات العامة المصرية، وكذلك الحال بين جوجو وجمعة الشوان.. وتجد أيضاً أن المرأة هزمت الملكية، وربما السبب الأوحد فى نجاح الثورة، كما هو الحال فى فيلم "امرأة هزت عرش مصر" للفنانة نادية الجندى التى أيضاً تمكنت فى أفلامها من هزيمة الموساد، بجملتها الشهيرة "خالتى بتسلم عليكم".

وفى مصر، لا تقف قدرات المرأة على هز العرش فقط.. ولكن بإمكانها توابع "هزاتها" ضرب استقرار المجتمع ككل فلا تجد حادث فتنة طائفية دون بطولة نسائية مطلقة، ولا تظاهرات تخرج للمطالبة باسترداد رجل مسلم تنصر، أو مسيحى أسلم، لكن مجرد اختفاء فتاة فى تخوم الصعيد أمر يضمن لك التأويل السريع للوصول للبعد الطائفى، والتأكيد على أن الاختفاء وراءه إما التنصير أو الأسلمة، فالأحداث التى تلت الاختفاء الأول لكاميليا شحاتة، زوجة كاهن كنيسة دير مواس، والاحتجاجات القبطية العارمة التى اتهمت المسلمين باختطافها لم تكن أبداً لكونها كيانا مسيحياً يخشى أهله من إسلامه بقدر ما هى شعور بالخزى امتزج بالتحفز لا لشىء سوى لأنها امرأة.. كذلك الحال حينما ترددت مزاعم حول إسلامها، وما لحق بذلك من احتجاجات مسلمة، لم يكن أبداً لكونها نفراً يقف على أعتاب الإسلام، بقدر ما هى امرأة تعنى بالمنطق القبلى، لحما وعرضا وشرفاً.. ومقارنة بسيطة بين الضجة التى أثارتها كاميليا على مدار شهرين، بما صاحب المتنصر محمد حجازى من صخب إعلامى على مدار أعوام مضت يكشف أن الأزمة ليست فيمن أسلم ومن تنصر بقدر ما هى أزمة امراة، فلا أحد يعلم شيئاً عن حجازى الذى يعيش الآن متمتعاً بكامل السلم والأمن الاجتماعى دون مضايقات فقط لأنه رجل.

وعند السلف المرأة عورة، وفى الصعيد هى شرف، وفى الحضر البنت زى الولد، لكن الأمر لا يتجاوز الشعارات، فأكثر الرجال تحضراً يتظاهر بتقديره للمرأة ولدورها، ليحتفظ بها نهاية المطاف داخل المنزل ويسمى الأشياء بغير مسمياتها، فحب الامتلاك يكسوه بالغيرة، ويخلط كثيرا بين غيرته من المرأة وغيرته عليها.. فالرجل بحكم الموروث الاجتماعى والدينى، تحكمه كثير من المتناقضات فى علاقته بـ"النص الحلو".. يحب المرأة الجميلة لكنه لا يتزوجها غالباً، ينبهر بالمرأة العاملة، وتصبح أولى هواجسه بعد الزواج: متى تستقيل؟! واجتماعياً، تجد المرأة المذنب الأوحد، والطرف المطالب مسبقاً بإثبات حسن النوايا، فمفهوم البكورة أمر يتعلق فقط بالمرأة، ولا يسأل الرجل عن نزواته قبل الزواج، أو حتى بعد الزواج.

الأمر إذا ليس دينيا بقدر ما هو متعلق بالتفرقة الجنسية والاحتكام لمنطق القبلية القائم على أن المرأة شرف، فالمصريون يجيدون الثورة ضد المرأة وللمرأة على حد سواء.. لكن أحدا منهم لا يثور اعتراضاً على سلب حرياته أو قوت يومه، أو تدنى مستوى معيشته.. فقط المرأة هى التى "هزت عرش مصر".

اليوم السابع لن يسمح بنشر أى تعليقات تسيئ للمعتقدات الدينية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة