تشرق شمس الرابع عشر من أكتوبر الثامن عشر من رمضان على يوم من أعظم أيام التاريخ الحديث لمصرنا الغالية، حيث ظن الإسرائيليون أن الزمن لم يغير وعجلاته متوقفة وتتاح لهم الفرص التى أتيحت فى يونيو 67 لكى يقصمون ظهر مصر فى ضربة واحدة مشتركة بين التطور الأمريكى لتكنولوجيا الفضاء والأقمار الصناعية والطيران الأمريكى الحديث وبين قادة إسرائيل المتغطرسين الذين أنساهم الشيان والغرور أنفسهم وحجمهم الحقيقى أمام أسود مصر الأشاوس .
ظن الإسرايليون والأمريكان أنه من السهل ضرب مصر فى العمق وكشف سماء مصر حتى يملكوا سمائها مرة أخرى ويعيثون فيها فسادا وتكون لهم الغلبة . إلا أن أبطال مصر وعلى رأسهم االفريق محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية ورجاله الأشاوس أبوا إلا أن يلقنوا العسكرية الإسرائيلية درسا إلى الأبد لن ينسوه ليكون بذلك فارقة التاريخ فى هذا اليوم العصيب من أيام مصر.
الرابع عشر من أكتوبر، الثامن عشر من رمضان, تشهد سماء المنصورة ووسط الدلتا أشرس معارك الطيران فى العصر الحديث وأطولها زمنا والأكبرمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ففى تمام الساعة 3:15 أنذرت مواقع المراقبة المصرية قيادة القوات الجوية هناك (20) طائرة فانتوم قادمة من اتجاه البحر و هى تطير فوق المنطقة الجنوبية الغربية باتجاه (بور سعيد ،الدلتا ) وكان موجود فى ذلك الوقت فى مقر القاعدة الجوية بالمنصورة الفريق البطل محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية المصرية والذى استلم الإشارة لتدور رحى أشرس المعارك الجوية فى العصر الحديث بعد الحرب العالمية الثانية وتستحق بذلك أن تدرس فى المعاهد العسكرية فى أنحاء العالم .
فقد وصل العدد من الطائرت أكثر من 180 طائرة فى سماء المعركة فى وقت واحد شعر الطيارون بزحام مثل زحام الشوارع من شراسة المعركة والتى حققت زمننا قياسيا فى أزمنة المعارك الجوية و الاطول زمنيا من حيث الوقت (53 دقيقة كاملة من القتال الجوى التلاحمى
وتأتى الساعة 4:08 فارقة فى تاريخ مصر الحديث حيث وضعت أشرس المعارك الجوية فى التاريخ الحديث أوزارها وتنسحب آخر طائرة إسرائيلية من سماء المعركة وتعرف إسرائيل أن الزمن تغير ولم يبق الحال كما كان ويعرفون أنه لا فائدة مع المصريين الأشاوس الذين سطروا بهذه المعركة أعظم سطور النصر وعرفوا أن المصريين لاتقف أمامهم التفوق التقنى والتكنولوجى وأنهم بأقل الإمكانيات يصنعون المعجزات وتتفوق طائرات الميج على طائرات اسكاى هوك والفانتوم التى كانوا يتباهون بها ويعودوا إلى قواعدهم خاسرين وتلقنوا درسا فى فنون المعارك الجوية لن ينسوه بقيادة البطل محمد حسنى مبارك ورجاله الذى تواجد من اللحظات الأولى قبل بدأ المعركة فى قاعدة المنصورة قلب معركة فى عبقرية من توفيق الله .
ويكمل العبقرية فى لفتة عبقرية عندما فوت على الإسرائيليين خدعتهم التى أرادوا بها كشف غطاء مصر الجوى عندما لاحظ عناصر الاستطلاع 20 مقاتلة إسرائيلية من طراز F-4Phantom قادمة من البحر متجهة إلى بورسعيد أعطى قائد القوات الجوية الفريق محمد حسنى مبارك أوامره للواء احمد عبدالرحمن نصر قائد القاعدة الجوية بتجهيز 16 مقاتلة من طراز Mig 21 لعمل مظلة جوية فوق القاعدة الجوية بالمنصورة و الا يبحث الطيارون المصريون عن المقاتلات الإسرائيلية و الاشتباك معها . وكان قرار عدم الاشتباك غريبا بالنسبة للطيارين المصريين التواقين لقتال الإسرائيليين و لكن كان له اسبابه التى ستجئ فيما بعد.
وفى الساعة 3:30 من نفس اليوم ارسلت قيادة الدفاع الجوى تحذيرا باقتراب 60 مقاتلة إسرائيلية من ثلاثة اتجاهات مختلفة فى اتجاه بلطيم ودمياط و بورسعيد فامر الفريق مبارك الطيارين بالاعتراض والاشتباك هذه المرة و شرح لهم لماذا لم يعطهم الامر بالاشتباك فى المرة الأولى، لأن الإسرائيليين كانوا يريدون تشتيت المقاتلات المصرية هنا وهناك ثم تهاجم هجوم رئيسى عندما تكون المقاتلات المصرية مشتتة . حيث إن قائد القوات الجوية فى ذلك الوقت الفريق محمد حسنى مبارك قد تعلم تكتيكات القتال الإسرائيلية حيث إن الهجوم الجوى الإسرائيلى يتكون من ثلاث موجات، الأولى ترسل كطعم فتنطلق خلفها المقاتلات المصرية و يكون هذا الوقت المناسب للموجة الثانية التى يكون هدفها ضرب الدفاعات حول الهدف الرئيسى وأخيرا الموجة الثالثة الرئيسية التى تهدف لتدمير الهدف الرئيسى وهو هنا قاعدة المنصورة الجوية.
وتنتهى أهم المعارك وأشرسها وأحرج اللحظات التى حفظت الوطن بفضل الله وتوفيقه وبفضل رجال سهروا على هذا الوطن وكانت القوات الجوية جزءا لايتجزأ من منظومة متكاملة فى هذه الملحمة العظيمة إلا أن الإسرائيليين كانوا أكثر غيظا من القوات الجوية بسبب الضربة الجوية وتغطيتها سماء المعركة فكانت لقاعدة المنصورة بالمرصاد ولم يكن 14 أكتوبر اليوم الوحيد الذى هاجموا فيه قاعدة المنصورة إلا أنه سبق ذلك محاولات كثيرة أيام 7 و9 و12 أكتوبر إلا أنها باءت جميعها بالفشل لولا فضل الله ورجال مخلصين.
تحية إلى رجال القوات الجوية فى هذا اليوم وإلى القائد البطل فخامة الرئيس مبارك فقد قرأت المعركة قبل أن تبدأ بفضل من الله وتبقى معركة المنصورة الجوية فارقة التاريخ وباعثة الأمل وتذكرنا بعبق الماضى عندما كسروا أنف لويس التاسع فى المنصورة لتبقى المنصورة دائما رمز العزة .
صفاء الدين عبد الرحمن تكتب: رمضان فارقة التاريخ لمصر الحديثة
الأربعاء، 01 سبتمبر 2010 12:06 ص